المقاطعة تجبر متاجر كارفور الفرنسية على مغادرة إيطاليا
استمع إلى الملخص
- تواجه كارفور ضغوطاً عالمية بسبب تراجع الأداء المالي وحملات المقاطعة، خاصة لتعاونها مع شركات إسرائيلية، مما أدى إلى انسحابها من أسواق عربية وتراجع أرباحها بنسبة 47% في النصف الأول من 2024.
- تعكس انسحابات كارفور هشاشة موقعها في مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية، وقد تضطر إلى مراجعة شراكاتها الإسرائيلية واستراتيجيتها التجارية للحفاظ على مكانتها العالمية.
أجبرت المقاطعة سلسلة متاجر كارفور على مغادرة إيطاليا، وأعلنت سلسلة الفرنسية الشهيرة رسمياً عن انسحابها من السوق الإيطالية، بعد أن توصلت إلى اتفاق نهائي لبيع شبكة فروعها ومحالها التجارية البالغة 1188 متجراً إلى شركة "نيو برنسيز" الإيطالية.
وتكبّدت كارفور خسائر بلغت 180 مليون يورو في إيطاليا عام 2024، كما تعرضت إلى ضغوط شديدة وانتقادات حادة وحملات مقاطعة متصاعدة تتهمها بدعم الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المستمر على غزة.
وتعد إيطاليا 5 أكبر أسواق كارفور في العالم بعد فرنسا والبرازيل وإسبانيا وبلجيكا، وبلغ صافي مبيعاتها في هذه السوق خلال العام الماضي 3.7 مليارات يورو.وغادرت كارفور أسواقاً عربية عدّة منها الأردن وسلطنة عُمان وواجهت صعوبات في عدة دول أخرى على خلفية المقاطعة الواسعة لمنتجاتها بسبب دعمها لجيش الاحتلال في حرب الإبادة التي يشنّها على أهالي غزة منذ أكتوبر 2023، وتشهد مجموعة كارفور الفرنسية، إحدى أكبر سلاسل التجزئة في العالم، ضغوطاً متزايدة في عدة أسواق عالمية أخرى مع تراجع أدائها المالي وتنامي حملات المقاطعة الموجَّهة ضدّها.
وفي هذا السياق، أعلنت الشركة انسحابها من السوق الإيطالية عبر صفقة بيع كبرى، لتضاف إلى سلسلة من القرارات الاستراتيجية التي تعكس حجم التحديات التي تواجهها عالمياً.
صفقة الانسحاب
أعلنت كارفور، التي تواجه تصاعداً في حملات المقاطعة بسبب موقفها من القضية الفلسطينية، انسحابها من السوق الإيطالية بعد بيع شبكتها المحلية إلى مجموعة إيطالية، في صفقة بلغت قيمتها نحو مليار يورو. وتشمل الصفقة 1188 متجراً، على أن تستعيد هذه المتاجر علامتها التجارية الأصلية "GS" خلال 3 سنوات.
وبحسب بيان صادر عن "كارفور"، من المتوقع إتمام الصفقة مع نهاية العام الحالي، على أن تشمل جميع أنشطتها في إيطاليا، وتتوقع الشركة أن ينعكس ذلك سلباً على موقفها النقدي بنحو 240 مليون يورو (282 مليون دولار)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
تراجع الأداء وضغوط المقاطعة
تأتي هذه الخطوة في ظل تراجع مستمر في المبيعات والأرباح التشغيلية للشركة الفرنسية الشهيرة في السوق الإيطالية، إلى جانب الضغوط الناتجة عن حملات المقاطعة، ولا سيّما من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات بحسب اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل (BDS)، التي اتّهمت "كارفور" بأنها "شريك في حرب الإبادة الجماعية" الجارية في قطاع غزة بسبب شراكاتها التجارية في إسرائيل، وكانت دعوات المقاطعة قد تصاعدت في إيطاليا منذ أواخر 2023، ما ساهم في تراجع إيرادات الشركة الفرنسية بحدّة.
تفاصيل الاستحواذ
أعلنت مجموعة نيو برينس، التي أسسها رجل الأعمال أنجيلو ماستروليا، استحواذها الكامل على عمليات "كارفور" في إيطاليا، بما يشمل:
• 642 نقطة بيع مباشرة
• 385 نقطة بيع بنظام الامتياز
• شركات تابعة مثل: "كارفور بروبرتي"، "GS Spa"، و"كارفور فاينانس"، وتتوقع المجموعة أن ترتفع إيراداتها السنوية من 750 مليون يورو إلى نحو 6.9 مليارات يورو بحلول نهاية عام 2025.
خلفية على أنشطة كارفور
في مارس/ آذار 2022، وقعت "كارفور" اتفاقية امتياز جديدة مع شركة "إلكترا كونسيومر برودكتس" وشركتها الفرعية "يانوت بيتان"، وكلتاهما شركتان إسرائيليتان متورطتان في انتهاكات بحق الفلسطينيين، وتُعد إيطاليا 5 أكبر سوق لـ"كارفور" بعد فرنسا والبرازيل وإسبانيا وبلجيكا، إذ بلغ صافي مبيعاتها هناك العام الماضي 3.7 مليارات يورو.
المواقف المحلية والدولية
رحّبت الحكومة الإيطالية بالصفقة ووصفتها بأنها فرصة لدعم شعار "صُنع في إيطاليا"، لكنّها في الوقت نفسه أكدت متابعتها لتداعياتها الاجتماعية والصناعية، خصوصاً على أوضاع نحو 18 ألف موظف يعملون في شبكة "كارفور"، وأبدت النقابات العمالية قلقها بشأن مستقبل هؤلاء الموظفين في انتظار نتائج الاجتماعات مع الأطراف المعنية.
في المقابل، لاقى قرار الانسحاب ترحيباً من منظمات داعمة للقضية الفلسطينية، فيما دعت حركات المقاطعة إلى زيادة الضغط على بقية الشركات العالمية المتعاملة مع إسرائيل، وكانت "كارفور" قد تعرضت سابقاً لضغوط مماثلة أدت إلى إغلاق فروعها في العالم العربي، كما شهدت متاجرها في فرنسا وإسبانيا احتجاجات شعبية وتراجعاً في الأرباح.
المقاطعة وضغط الشارع
شهدت "كارفور" في عام 2024 أكبر أزمة في تاريخها الحديث بعد أن أصبحت هدفاً لحملات المقاطعة الشعبية. فقد تراجعت أرباحها العالمية بنسبة 47% في النصف الأول من العام، نتيجة ضعف المبيعات في أسواق أساسية. وترتبط هذه الحملة بتعاون "كارفور" مع شركات إسرائيلية في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، إلى جانب اتهامات بتقديمها دعماً غذائياً مجانياً لجنود الاحتلال خلال الحرب على غزة، وهو ما زاد حدة الغضب الشعبي.
مظاهر الاحتجاج
• تظاهرات أمام فروع "كارفور" في مدن أوروبية وأفريقية مثل ميلانو، نيروبي، وليون.
• توزيع منشورات تدعو إلى المقاطعة، وأعمال تخريب محدودة في بعض المتاجر.
• حملات إلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تعميم المقاطعة على نطاق واسع.
تأثير مباشر في الأسواق
خلال العقد الأخير، واجهت كارفور سلسلة انسحابات من أسواق عدة حول العالم، بعضها لأسباب اقتصادية وأخرى مرتبطة بالمقاطعة الشعبية. ففي الأردن وسلطنة عُمان أُجبرت الشركة على إغلاق جميع فروعها مع تصاعد حملات المقاطعة المناصرة لغزة، ما شكّل ضربة قوية لوجودها في المنطقة العربية. وفي إيطاليا، ورغم كونها خامس أكبر أسواق المجموعة عالمياً، تكبّدت "كارفور" خسائر تجاوزت 150 مليون يورو في عام واحد، لتقرّر الانسحاب الكامل في 2025 بعد ضغوط المقاطعة وحملات الشارع، وفقاً لوكالة "رويترز".
أما على الصعيد العالمي، فقد انسحبت الشركة من أسواق آسيوية وأوروبية عدّة لأسباب تنافسية ومالية، مثل اليونان عام 2012 بسبب الأزمة الاقتصادية، وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة في نفس العام نتيجة المنافسة الشديدة من الشركات المحلية، إضافة إلى الصين عام 2019 إذ باعت معظم عملياتها لشركة "Suning" الصينية بعد تراجع حصتها لصالح التجارة الإلكترونية العملاقة مثل "علي بابا" و"JD.com".
وتكشف هذه الانسحابات المتكرّرة عن هشاشة موقع "كارفور" في مواجهة الضغوط، سواء كانت اقتصادية تتعلق بالمنافسة والأسواق، أو سياسية وشعبية مرتبطة بحملات المقاطعة الداعمة لفلسطين، ما جعلها تفقد تدريجياً أسواقاً مهمّة على المستويَين الإقليمي والعالمي.
توقعات مستقبل كارفور
إذا استمرت حملات المقاطعة المرتبطة بالحرب على غزة بالزخم نفسه، فإنّ "كارفور" قد تواجه انسحابات إضافية من أسواق عربية وأفريقية حساسة للقضية الفلسطينية، مثل المغرب، وتونس، ومصر. وفي أوروبا، قد تجد نفسها مضطرة إلى تقليص عملياتها في بعض الدول، في ظل توسّع منافسين مثل " ألدي" و "ليديل"، اللذين يقدّمان بدائل أقل سعراً وأكثر قبولاً. وعلى المدى المتوسط، قد تضطر الشركة إلى مراجعة شراكاتها الإسرائيلية أو إعادة النظر في استراتيجيتها التجارية، إذ إنّ أي تجاهل لموجة المقاطعة قد يؤدي إلى انكماش حصتها السوقية عالمياً وتراجع مكانتها واحدةً من كبرى سلاسل التجزئة في العالم.
كارفور: عملاق التجزئة الفرنسي
تُعد كارفور شركة فرنسية متعدّدة الجنسيات، وثاني أكبر سلسلة متاجر تجزئة في العالم بعد "وولمارت". تأسست عام 1959 في مدينة "آنسي" الفرنسية، وافتتحت أول "هايبر ماركت" لها قرب باريس سنة 1963، لتكون من أوائل الشركات التي اعتمدت نموذج المتجر الضخم الذي يجمع بين السوبرماركت والمتاجر المتخصّصة.
وخلال العقود التالية، توسعت "كارفور" لتدير اليوم أكثر من 12 ألف متجر في نحو 30 دولة موزعة على أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، ويعمل لديها أكثر من 300 ألف موظف. وتتنوع أنشطتها بين "الهايبر ماركت" الضخمة، والسوبرماركت المتوسطة الحجم، والمتاجر الصغيرة للأحياء، إلى جانب توسعها المتزايد في التجارة الإلكترونية خلال السنوات الأخيرة.
تركز الشركة على أسواقها الرئيسية في فرنسا (الأكبر)، البرازيل، إسبانيا، بلجيكا، وإيطاليا التي كانت حتى وقت قريب خامس أكبر أسواقها بمبيعات تجاوزت 3.7 مليارات يورو في 2024، وتعتمد "كارفور" في نموذجها التجاري على البيع بالتجزئة للمواد الغذائية، المنتجات المنزلية، الملابس، والإلكترونيات، إضافة إلى أنشطة متنوعة عبر شركات فرعية في مجالات العقارات والخدمات المالية.