المغرب: ضغط نفقات الموظفين وتقليص الدعم

المغرب: ضغط نفقات الموظفين وتقليص الدعم

11 اغسطس 2022
الغلاء يضرب الأسواق المغربية (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

دفعت الأزمات الاقتصادية والمالية الحكومة المغربية إلى الاتجاه نحو مزيد من الضغط على نفقات الموظفين والدعم.

وتعود الحكومة للتأكيد على التحكم في عمليات الإنفاق الدعم بهدف محاصرة عجز الموازنة الذي انتقل في سياق الأزمات، بما اقتضته من زيادة في الإنفاق، خاصة على الدعم الذي تأثر بالأسعار في السوق الدولية.

وترنو الحكومة، حسب التوجيهات التي حصل عليها الوزراء من رئيسها، إلى خفض عجز الموازنة اعتباراً من العام المقبل، بما يمكن من تقليص المديونية ودعم التوازن المالية والتوفر على هوامش مالية تتيح إنجاز مشاريع استثمارية.
وستبقى فرضيات مشروع قانون المالية الذي يفترض عرضه على البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بتطور الوضعية المناخية وتداعيات الأزمة والحالة الوبائية في المغرب والعالم، في وقت تراهن فيه الحكومة في تلك الفرضيات على محصول حبوب في حدود 7.5 ملايين طن وسعر غاز الطهو بـ700 دولار وسعر برميل نفط برنت في حدود 93 دولاراً للبرميل.

خفض توقعات النمو

وينتظر أن يعمد المغرب إلى خفض توقعاته للنمو في العام المقبل المتوقع في حدود 4.5 في المائة، بعد 1.5 في المائة في العام الحالي، وذلك في حال تدهور آفاق انتعاش الاقتصاد العالمي وخفض توقعات النمو في أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا وأثرها على أسعار المواد الأولية وسلاسل الإنتاج والتوريد العالمية، كما سيستحضر المغرب تشديد السياسات النقدية بهدف التحكم في الضغوط التضخمية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتعول الحكومة على خفض عجز الميزانية من 5.3 في المائة في العام الحالي إلى 4.5 في المائة في العام المقبل، وحصر مديونية الخزانة في 70.8 في المائة، مقابل مستوى متوقع في حدود 69.8 في المائة في العام الحالي.

وتتطلع الحكومة في العام المقبل إلى الضغط على نفقات الموظفين، حسب ما يتجلى من توجيهات رئيسها عزيز أخنوش للوزراء، إذ حثهم على حصر نفقات الموظفين في الاحتياجات الضرورية لضمان تنزيل أوراق الإصلاحات، وتقدم الخدمات للمواطنين في أحسن الظروف، داعياً إلى العمل على الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتاحة، خاصة عبر التكوين والتوزيع المتوازن على المستويين المركزي والجهوي.

التحكم في كتلة الأجور

ودأبت الحكومة على التشديد على التحكم في كتلة الأجور في الوظائف الحكومة، خاصة عبر إعادة الانتشار الذي يقتضي نقل الموظفين بين الوزارات، غير أن ذلك التوجه لم يتجدد بشكل قوي بعد.

رصدت الحكومة 14.7 مليار دولار لنفقات الموظفين للعام الحالي، بينما تشير الخزانة العام إلى أن تلك النفقات بلغت في شهر يونيو/ حزيران 7.41 مليارات دولار، بزيادة بنسبة 3.7 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

غير أن الخبير في المالية العمومية، محمد الرهج، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يجب أن توضح الحكومة أكثر تفاصيل سياسة الميزانية في العام المقبل، في سياق اللايقين الذي يسم الظرفية الاقتصادية في العالم والمغرب.

ويشير إلى أن السعي إلى هاجس التحكم في العجز في الظرفية الحالية قد لا يستقيم، إلا إذا باشرت الحكومة إصلاحاً حقيقياً يوافق ما اتفق عليه خلال المؤتمر الوطني حول الجباية.

ويتصور أن توفير إيرادات جديدة من أجل تغطية الإنفاق يقتضي إصلاحات يهم الضريبة على الدخل بما يساعد على تخفيف الضغط عن الأجراء والموظفين والطبقة الوسطى، بالموازاة مع توسيع الوعاء الجبائي على مستوى الضريبة على الشركات.

ويؤكد الرهج أن التحكم في نفقات الموظفين الذين يعانون من مشاكل معيشية سيكون صعباً في الظرفية الحالية في سياق إعلان الحكومة عن نيتها الرقي بقطاع الصحة وتنفيذ السياسات التي كشفت عنها في مجال التعليم، معتبراً أنه يجب النظر إلى صافي الوظائف المحدثة في العام بعد خصم عدد المحالين على التقاعد.

ويعاني الشارع من موجات غلاء قاسية، إذ قال بنك المغرب (المصرف المركزي) في بيان سابق "يرتقب أن يصل التضخم حسب توقعات بنك المغرب إلى 5.3% في مجموع سنة 2022"، في حين لم تجاوز هذه النسبة 1.4% العام الماضي.

توجيه الدعم لمستحقيه

سيكون العام المقبل حاسماً في توضيح المقاربة التي ستتعاطى بها الحكومة مع نفقات الدعم التي ارتفعت في العام الحالي من 1.6 مليار دولار إلى 3.2 مليارات دولار بسبب غلاء الغذاء بالأسواق العالمية، علماً أنها كشفت عن التوجه بلورة سجل اجتماعي يتيح توجيه الدعم لمستحقيه من الأسر المحتاجة.

غير أن الضغط على النفقات لن يهم تلك التي تتعلق بالموظفين فقط، بل ستشمل تلك ذات الصلة بالتسيير، حيث يؤكد رئيس الحكومة على التدبير الأمثل لنفقات التسيير عبر ترشيد استعمال المياه وتقليص نفقات استهلاك الكهرباء عبر الحرص على استعمال الطاقات المتجددة إلى عقلنة النفقات المتعلقة بالاتصالات.

سيكون العام المقبل حاسماً في توضيح المقاربة التي ستتعاطى بها الحكومة مع نفقات الدعم التي ارتفعت في العام الحالي من 1.6 مليار دولار إلى 3.2 مليارات دولار بسبب غلاء الغذاء بالأسواق العالمية

وأوصى رئيس الحكومة عند تقديم مقترحاتهم برسم إعداد مشروع موازنة العام المقبل بالعمل على التقليص إلى أقصى حد من نفقات النقل والتنقل داخل وخارج المملكة، ونفقات الاستقبال والفندقة وتنظيم الحفلات والمؤتمرات والندوات وكذا نفقات الدراسات.

إعطاء الأولوية للمشاريع في طور الإنجاز، خاصة تلك التي تدخل في إطار اتفاقيات موقعة أمام جلالة الملك، أو تلك المبرمة مع المؤسسات الدولية والدول المانحة.

ودعا إلى الحرص على التسوية المسبقة للوضعية القانونية للعقار، قبل برمجة أي مشروع جديد، وذلك مع احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بنزال الملكية لأجل المنفعة العامة، داعياً، في الوقت نفسه، إلى التقليص إلى أقصى حد من نفقات اقتناء السيارات وبناء وتهيئة المقرات الإدارية.