المغرب: أسعار الوقود تقفز لمستوى قياسي

المغرب: أسعار الوقود تقفز لمستوى قياسي

20 نوفمبر 2021
ارتفاع أسعار النفط عالمياً يدفع الوقود للغلاء (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بلغت أسعار الوقود مستويات غير مسبوقة في المغرب، بعد خمس سنوات من التحرير، ما يؤثر على القدرة الشرائية للأسر، التي تواجه ارتفاع أسعار العديد من السلع المستوردة في الفترة الأخيرة.
وتجاوز سعر السولار لأول مرة 10 دراهم، كي يصل إلى 10.20 دراهم، بينما قفز سعر البنزين إلى 12 درهما (الدولار = نحو 9.15 دراهم)، في وقت يتم ترقب أن ترتفع تلك الأسعار أكثر بفعل تداعيات السوق الدولية.
هذه الأسعار مسجلة في مدينة الدار البيضاء، حسب ما لاحظته "العربي الجديد" في الأيام الأخيرة، ما يعني أنها قد تتجاوز ذلك السقف في مدن أخرى عند أخذ تكلفة نقل الوقود إليها.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يتجاوز فيها سعر السولار واسع الاستهلاك سقف 10 دراهم في السوق المغربية، منذ اتخاذ قرار تحرير أسعار السولار والبنزين من قبل حكومة عبد الإله بنكيران السابقة في 2015.

ويتجلى أن سعر السولار ارتفع بثلاثة مقارنة بما كان عليه في ذروة الحجز الصحي في مارس/ آذار من العام الماضي، عندما تراجع إلى حوالي 7 دراهم بفعل تراجع الطلب، علما أنه اقترب قبل انتشار الفيروس من 10 دراهم.
ويستفاد من تطور أسعار السلعتين منذ مستهل يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، أن أسعار السولار والبنزين التي كانت في حدود 8.80 دراهم و9.60 دراهم، زادت في الأشهر العشرة والنصف الأخيرة بـ1.20 درهم و2.40 درهم.
ويرد ارتفاع أسعار السولار إلى السوق الدولية التي يشتري منها الموزعون المغاربة النفط المكرر بعد إغلاق المصفاة الوحيدة منذ ستة أعوام، حيث انتقل ذلك السعر من 417 دولارا للطن إلى أكثر من 700 دولار في الفترة الأخيرة، وهو ما يجد تفسيره في زيادة الطلب بفعل متطلبات الإنعاش الاقتصادي في الدول الغربية والمساعدة.
ودأبت شركات الوقود على تأكيد أن الأسعار في السوق المحلية تحدد على أساس سعر النفط المكرر والتأمين والنقل، ناهيك بالضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي تمثل 40 في المائة من مجمل السعر.
وكانت الحكومة السابقة قررت ضمان مخزون كاف من النفط المكرر، تحسبا لارتفاع الأسعار في السوق الدولية في ظل خطط الإقلاع الاقتصادي في العالم بعد أزمة كورونا، ما سينعكس سلبا على فاتورة الطاقة وعجز الميزان التجاري ورصيد النقد الأجنبي للمملكة.
ويعتبر مراقبون أن المغرب لم يتمكن من تكوين مخزون استراتيجي من الوقود عندما كانت الأسعار في العام الماضي بالنسبة للنفط المكرر في حدود 200 دولار، علما أن الحكومة كان قررت استعمال خزانات مصفاة شركة سامير من أجل بلوغ ذلك الهدف.
يرى منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للنفط، الحسين اليمني، أن الإفلات من تقلبات أسعار النفط في السوق الدولية، رهن انتشال تلك المصفاة من التصفية والإغلاق، وتعزيز المخزون الوطني من الطاقة النفطية.
ويتصور اليمني في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عودة المصفاة من شأنها أن تحد من غلاء أسعار الوقود، مؤكدا أن واجب الحكومة يتمثل في الحفاظ على صناعات تكرير النفط.

يرد ارتفاع أسعار السولار إلى السوق الدولية التي يشتري منها الموزعون المغاربة النفط المكرر بعد إغلاق المصفاة الوحيدة منذ ستة أعوام

 

وخلق شروط التنافس في سوق المحروقات لحماية القدرة الشرائية للأسر.
وتفيد آخر بيانات صادرة عن مكتب الصرف الحكومي، بأن فاتورة مشتريات الطاقة زادت في الأشهر التسعة الماضية بنسبة 36.8 في المائة، لتصل إلى 5.5 مليارات دولار، علما أن المملكة تستورد حوالي 94 في المائة من حاجياته من الطاقة.
وأثير موضوع تحرير الوقود في الفترة الأخيرة، حيث اعتبر رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الله بوانو، أن القرار الذي اتخذته حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الإله بنكيران، كان الهدف منه الحفاظ على مالية الدولة، في إشارة إلى العجز في الموازنة، الذي كان ينظر إليه الدعم على أنه مساهم فيه.
وذهب بوانو في سياق النقاش حول ارتفاع أسعار الوقود إلى أن سبب ذلك هو الربح "غير الأخلاقي" لشركات الوقود التي يرى أن أرباحها تضاعفت، محيلاً على توصية التقرير البرلماني الذي سبق أن أوصى بتسقيف أسعار السولار والبنزين، وهو ما اعتبره مجلس المنافسة غير مجد، حيث سيكون محدودا في الزمن ولن يكون له تأثير على القدرة الشرائية للأسر.
ويمكن للحكومة تفعيل البند الرابع من قانون حرية الأسعار والمنافسة، الذي يقضي باتخاذ القرار بشكل منفرد من قبل لجنة الأسعار الحكومية. وسيسري القرار لمدة ستة أشهر، قابلة للتجديد لستة أشهر أخرى.
كان مجلس المنافسة لاحظ أن تحرير قطاع المحروقات تم دون إعداد جيد، فقد شدد على أن التحرير أُطلق رغم إغلاق المصفاة الوحيدة بالمملكة، والتي تضطلع بدور كبير في توازن السوق، معتبرا أن الحكومة لم تتخذ تدابير من أجل حماية المستهلك والفئات الأكثر هشاشة في السوق.

المساهمون