المصاريف المدرسية ترهق اليمنيين: الرسوم بالدولار

المصاريف المدرسية ترهق اليمنيين: الرسوم بالدولار

20 اغسطس 2021
ارتفاع كبير في الرسوم المدرسية (فرانس برس)
+ الخط -

يعيش اليمنيون في حالة استنفار قصوى مع بدء الموسم الدراسي الجديد الذي بات يشكل لهم هما وعبئا سنويا يؤرق الأسر بسبب تكاليفه التي تزيد من عام لآخر، وتفوق قدرات نسبة كبيرة من هذه الأسر التي تعاني من ترد معيشي وانعدام مصادر الدخل.
وارتفعت أسعار مختلف المستلزمات المدرسية هذا العام مقارنة بالعام الماضي بنسبة 50%، بما فيها رسوم المدارس الأهلية (الخاصة) التي تشكو ارتفاع الجبايات الضريبية المفروضة عليها من قبل السلطات المختصة، خصوصا في العاصمة صنعاء ومناطق شمال اليمن، في حين تشترط معظم المدارس الأهلية في عدن وبعض المدارس في صنعاء أن تدفع الرسوم الدراسية من قبل المواطنين بالدولار الأميركي وترفض التعامل بالريال اليمني.

تتفاوت رسوم الفصلين الدراسيين المفروضة من قبل المدارس الأهلية، كما هو حاصل في عدن، ما بين 1150 دولارا و1800 دولار، بحسب المراحل الدراسية

وتتفاوت رسوم الفصلين الدراسيين المفروضة من قبل المدارس الأهلية، كما هو حاصل في عدن، ما بين 1150 دولارا و1800 دولار، بحسب المراحل الدراسية من أول روضة إلى الثانوية العامة، منها 50 دولارا رسوم الزي المدرسي و100 دولار رسوم الكتب ونحو 200 دولار رسوم التسجيل للطالب الجديد.
وقفز سعر الكراسة الواحدة "الدفتر" 40 ورقة إلى 650 ريالا من 600 ريال ونحو 7800 ريال تكلفة الدستة عبوة 12 كراسة، بينما تزيد أسعارها 50 ريالا في كل 20 ورقة زائدة في الكراسة (الدولار = نحو 600 ريال في صنعاء).

فيما تشهد أسعار الحقائب المدرسية ارتفاعا قياسيا مع تجاوز سعر أصغر حقيبة أكثر من 6 آلاف ريال، مقارنة بأسعارها بداية الموسم الدراسي السابق البالغة نحو 5 آلاف ريال، وهو ما أدى إلى استثنائها من قبل كثير من الأسر اليمنية التي فضلت عدم توفيرها، والاكتفاء بما أمكن من الكراسات والأقلام وبعض المستلزمات البسيطة الأخرى.

وقال المواطن جميل الحمادي، والذي كان يقوم مع عائلته بالتسوق في أحد المراكز الكبيرة الخاصة بالمستلزمات المكتبية والدراسية، لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار ترتفع من عام لآخر، ما يضعهم في مواقف صعبة مع أبنائهم طلاب المدارس.
في حين، أكد مواطن آخر لـ"العربي الجديد" أنه اضطر للاستدانة من أحد الميسورين لشراء كراسات لأبنائه الثلاثة، والذين يتوزعون على المرحلة الأساسية والثانوية، بعد أن فقد ما كان يحصل عليه من مساعدة أحد أقربائه المغتربين في السعودية، والذي اضطر قبل حوالي شهر إلى مغادرتها بسبب الإجراءات المتخذة من قبل السلطات هناك في توطين المهن، وزيادة الجبايات ورسوم الإقامة إلى مستويات تفوق كثيرا من العمال المغتربين اليمنيين في المملكة، وهو ما يؤدي إلى تسريحهم وعودتهم إلى اليمن.

تركزت الأزمة بشكل واضح هذا العام في الزي المدرسي، والذي زادت أسعاره بنسبة تتجاوز 100%، إضافة إلى ما تعيشه الأسواق اليمنية من أزمة كبيرة وانخفاض كبير في الأقمشة

وتركزت الأزمة بشكل واضح هذا العام في الزي المدرسي، والذي زادت أسعاره بنسبة تتجاوز 100%، إضافة إلى ما تعيشه الأسواق اليمنية من أزمة كبيرة وانخفاض كبير في الأقمشة الخاصة بالزي المدرسي، وبالذات الخاص بالفتيات الطالبات في المدارس، وهو زي موحد يتم ارتداؤه في المدارس الحكومية والأهلية مع اختلاف الألوان بحسب المرحلة الدراسية.
وأشار عيسى المقرمي، وهو تاجر أقمشة في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، إلى أن المشكلة في ذلك تعود إلى أزمات الاستيراد والنقل، إذ إن كثيرا من البضائع المستوردة تظل لفترات طويلة في الموانئ والمنافذ البرية، إضافة إلى مشكلة طرأت مؤخراً تتعلق بالزيادة المفروضة في الرسوم الجمركية، بعد رفع قيمة الدولار الجمركي من قبل الحكومة المعترف بها دوليًا.
بدوره، يؤكد عبد الكريم نعمان، تاجر ملابس وأقمشة، لـ"العربي الجديد"، أن السيول الجارفة الناتجة عن الأمطار التي تساقطت على معظم المحافظات اليمنية خلال الفترة الماضية، أدت إلى قطع طرق النقل من المنافذ البرية فتأخرت الشاحنات المحملة بالبضائع في المرور وبقيت لعدة أيام على امتداد الطرق، الأمر الذي يكبّدهم خسائر فادحة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويشهد اليمن توسعا كبيرا في الاستثمار الخاص بالتعليم مع انتشار المدارس الأهلية، في ظل تدهور متواصل في التعليم الحكومي بفعل الصراع الدائر في البلاد، وتوقف رواتب المعلمين في أجزاء واسعة من اليمن، وتعطيل المؤسسات التعليمية العامة وتدمير عدد كبير من المدارس والمراكز التعليمية، وتحول بعضها إلى مراكز إيواء للنازحين من الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من ست سنوات.
ويشكل المعلمون نسبة كبيرة في قوام الهيكل الوظيفي للخدمة المدنية في اليمن، في ظل معاناة قطاع التعليم كغيره من القطاعات الخدمية من تبعات الانقسام، وتوسع دائرة الخصخصة والانحسار التدريجي للتعليم المجاني.

ترجع القطاعات العاملة في التعليم الأهلي ارتفاع الرسوم الدراسية التي تفرضها إلى الضرائب الباهظة التي تطبقها السلطات عليهم، كما هو حاصل في العاصمة اليمنية صنعاء

وترجع القطاعات العاملة في التعليم الأهلي ارتفاع الرسوم الدراسية التي تفرضها إلى الضرائب الباهظة التي تطبقها السلطات عليهم، كما هو حاصل في العاصمة اليمنية صنعاء.

في حين يقترح تربويون ومسؤولون سابقون في وزارة التربية والتعليم حلولا عديدة لهذه المعضلة التي تعد من الأسباب الرئيسية لارتفاع تكاليف التعليم، وتحميل المواطنين تكاليف تفوق طاقتهم في تلبية الاحتياجات المدرسية لأبنائهم الطلاب، وهو ما يدفع بالكثير منهم إلى التوقف عن إلحاقهم بالمدارس، وبالتالي يؤدي ذلك إلى توسع عملية التسرب من التعليم، خصوصاً من قبل الأطفال بشكل كبير من عام لآخر.
ومن ضمن الحلول المقترحة أن تعفى المدارس الخاصة من ضريبة الأرباح، وتحويل 50% منها لصالح طلابها تخصم من الرسوم الدراسية و50% لصالح مدرسي المدارس الحكومية، بما يؤدي إلى تخفيض المدارس للرسوم الدراسية ومساعدة المواطنين وأولياء الأمور على إلحاق أبنائهم بالمدارس، وتوفير جزء من مخصصات الرسوم لتلبية احتياجات أخرى من المستلزمات المدرسية.

المساهمون