المصارف الأميركية ومؤسسات الخدمات المالية قلقة من "الدولار الرقمي"

المصارف الأميركية ومؤسسات الخدمات المالية قلقة من "الدولار الرقمي"

14 ابريل 2021
مخاوف من التعامل بالدولار الرقمي في المصارف الأميركية
+ الخط -

بينما يتزايد قلق إدارة الرئيس الأميركي جوزيف بايدن من تداعيات "اليوان الرقمي" الصيني على هيمنة الدولار والنظام المالي والنقدي العالمي وترغب في تسريع عملية إصدار"الدولار الرقمي" الذي بات في مراحل متقدمة من حيث التصميم ومشاريع التجارب على استخداماته، وينتظر فقط الضوء الأخضر من الكونغرس، ترتفع مخاوف شركات "وول ستريت" من "الدولار الرقمي" على عمليات الوساطة المالية التي تجني من ورائها الأرباح الضخمة.

ومن المؤكد أن الدولار الرقمي والذي يحمل اسم "فيد كوين"، قياساً على عملة "بيتكوين"، سيقود إلى تغييرات جوهرية في تجارة الخدمات المالية، خاصة أعمال المصارف وشركات بطاقات الائتمان والحوالات المالية التي تعتمد ربحيتها على الرسوم المالية وفروقات الفائدة على الدولار التي تحصل عليها من العملاء.

لأن الدولار الرقمي، وببساطة شديدة، لا يحتاج إلى وسيط مثل الدولار العادي الذي يمر عبر البنوك التجارية ومؤسسات القروض حتى يصل للمستهلك، إذ إن التسويات المالية للدولارات الرقمية تتم مباشرة بين المستهلك والبنك المركزي.

ويقوم نظام العملات الرقمية على الربط المباشر بين الاحتياط الفدرالي والمستهلك، حيث يمنح البنك المركزي رموزا رقمية محفورة في محفظة إليكترونية تسمح للمستهلك باستخدامها.

وعلى الرغم من المخاوف في واشنطن من قبل رجالات السياسة، فإن رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي، " البنك المركزي الأميركي" جيروم باول، يرى بضرورة عدم التسرع في إصدار الدولار الرقمي قبل دراسة جميع الجوانب جيداً.
وقال يوم الاثنين في لقاء تلفزيوني، "يجب علينا أن نصدر العملة الرقمية بالشكل الصحيح وهذا ما نعمل عليه".

وفي ذات الشأن، وأوضح جيروم باول في مؤتمر البنوك المركزية الذي عقد في سويسرا قبل أسبوعين، ضرورة استخدام الدولار الرقمي إلى جانب الأوراق النقدية والنقود الأخرى.

وحسب نشرة بنك التسويات الدولية، اتفق رئيس البنك المركزي الألماني "بندسبانك"، غينز ويدمان على ضرورة تبنى نظام من مستويين، أحدهما رقمي والآخر تقليدي.
وفي مسح أجراه بنك التسويات الدولية منتصف مارس/ آذار الماضي، فإن نحو 25% من البنوك المركزية العالمية غير مؤهلة لإصدار عملات رقمية أو التحول للنظام النقدي الرقمي، وهذه البنوك تحتاج لاستخدام الدولار في نظمها للتسويات.

ويرى محللون أن الدولار ليس مثل اليوان أو العملات الأخرى التي تتضاءل أهميتها من حيث حجم التسويات التجارية والمالية، فإن الدولار عملة احتياط دولية، تسيطر على حصة تفوق 59% من إجمالي احتياطات البنوك المركزية. وبالتالي فإن تحويله الكامل للنظام الرقمي سيحدث ارتباكا في النظام النقدي العالمي.

على الصعيد الداخلي في أميركا، بدأت شركات "وول ستريت" التي تتشكل معظمها من المصارف التجارية وشركات الوساطة وبطاقات الائتمان، تشعر بالقلق الشديد مع تقدم النقاش بشأن تغيير النظام النقدي الأميركي من " التقليدي إلى الديجتال".

لأن الدولار الرقمي يعني وجود ربط مباشر بين الاحتياط الفدرالي والمستهلك، حيث يمنح الاحتياط رموزا رقمية محفورة في محفظة إليكترونية يقوم المستهلك باستخدامها، شبيهة بنظام " محفظة بيتكوين". ولكنها أكثر اماناً وغير مكلفة إطلاقاً مثلما هو الحال بالنسبة لعملة بيتكوين.

المصارف وشركات الخدمات المالية تستخدم شركات اللوبي لإقناع أعضاء الكونغرس بعدم التصويت لصالح " الدولار الرقمي"

ولاحظت صحيفة وول ستريت أن المصارف وشركات الخدمات المالية تستخدم شركات اللوبي لإقناع أعضاء الكونغرس بعدم التصويت لصالح " الدولار الرقمي".
من الناحية العملية، فإن مصرف الاحتياط الفدرالي يستخدم التقنية الرقمية مع البنوك التجارية التي لديه حسابات معها منذ سنوات، كما تقوم البنوك بإقراض هذه الدولارات رقمياً لزبائنها دون استخدام النقد. ولكنه يستخدم هذه البنوك كوسيط بينه وبين المواطن أما في حال " العملة الرقمية" فإنه لن يحتاج إلى هذه البنوك في الوساطة مع المستهلك.
على صعيد فوائد العملات الرقمية، يرى محللون في تعليقات نشرتها " فاينانشيال تايمز"، أن الدولار الرقمي سيخفض كلفة الحوالات المالية وزيادة سرعة إرسال الأموال بين الأطراف المتعاقدة وتسوية فواتير التجارة لحظياً.

وبالتالي يرى محللون أن العملات الرقمية سترفع من كفاءة السياسة النقدية لدى البنوك المركزية وتمنحها قدرة أكبر على إدارة الكتلة النقدية بسبب سرعة الحصول على البيانات المالية وأوجه الصرف.

كما أن العملات الرقمية تتيح منصة لتسوية الحسابات دون مخاطر تذكر مقارنة بمنصات التسويات التقليدية، وبالتالي تخفض كلفة التجارة بين الدول.
على صعيد الجريمة المنظمة، يتوقع خبراء، أن " الدولار الرقمي" سيخفض الجرائم المالية، حيث إن "استخدم الكاش" سينتهي عملياً وتتراجع تدريجياً مراكمة أموال الجريمة خارج المصارف.

وتستخدم عصابات المخدرات والجريمة المنظمة الأوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة مثل المائة دولار أميركي والألف فرنك سويسري والـ 500 يورو في إخفاء حصيلة مبيعات المخدرات والأموال غير الشرعية، وبالتالي فإن الدولار الرقمي الأكثر استخداماً في العالم سيحاصر أموال الجريمة.
ولاحظ البنك المركزي الألماني، أن هنالك 12 مليار مارك ألماني لم تصل للبنك المركزي حتى منتصف العام الماضي، على الرغم من مرور 18 عاماً على التحول من العملة الألمانية إلى اليورو. وهو ما يثير الشكوك حول وجود هذه الأموال بحوزة عصابات الجرائم المنظمة. ويقدم المركزي الألماني "بندسبانك"على تحويل المارك الألماني القديم بـ1.96 يورو.

المساهمون