استمع إلى الملخص
- تتعاون السعودية مع دول مثل فرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة لتطوير بنيتها التحتية النووية، مما يعزز قدراتها ويفتح شراكات تقنية جديدة تدعم رؤية 2030 ومكانتها في سوق الطاقة العالمية.
- المشروع النووي السعودي يساهم في خفض استهلاك النفط والغاز محلياً، مما يزيد من صادرات المملكة وإيراداتها، ويوفر كهرباء مستقرة تشجع الاستثمار وتخفض تكاليف الإنتاج، مع الالتزام بمعايير السلامة الدولية.
أعاد إعلان وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، عن اتجاه الولايات المتحدة للتوقيع مع السعودية على اتفاقية بشأن التعاون طويل الأمد في مجال الطاقة النووية المدنية، تسليط الضوء على توجه المملكة نحو تنويع مصادر الطاقة ضمن رؤية 2030، ومشروعها النووي، باعتباره خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، وما يحمله في طياته من إمكانية تقليل فاتورة الكهرباء للسعوديين على المدى المتوسط والطويل، عبر توفير طاقة كهربائية نظيفة وبكلفة تنافسية.
وتشير مصادر أميركية وأوروبية إلى أن الطاقة النووية قد تسهم في استقرار أسعار الكهرباء، خصوصاً مع تزايد الطلب المحلي المتسارع، فيما تلفت دراسات حديثة إلى أن إدخال الطاقة النووية ضمن مزيج الطاقة السعودي سيؤدي إلى توفير مصدر طاقة آمن وفعال وموثوق به، ما قد يساهم في استقرار أو خفض تكاليف الكهرباء للمواطنين على المدى المتوسط والطويل، خاصة مع التوقعات بأن يصل الطلب على الكهرباء إلى أكثر من 120 غيغاوات بحلول عام 2030، وفقاً لما أورده الموقع الرسمي لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية.
مزيج الطاقة في السعودية
في هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، لـ "العربي الجديد"، إلى أن السعودية تخطو بثبات نحو تبني الطاقة النووية جزءاً أساسياً من مزيج الطاقة الوطني في ظل التوجه العالمي نحو التحول الطاقي، ورغم عدم وجود أرقام رسمية محددة حول تكلفة الكهرباء النووية مقارنة بتلك المنتجة من النفط، إلا أن الدراسات تؤكد أن الطاقة النووية ستكون خياراً أكثر كفاءة وأقل تكلفة على المدى الطويل، فضلاً عن كونها صديقة للبيئة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية.
ووفق إسماعيل، فإن فوائد الطاقة النووية لا تقتصر على توليد الكهرباء فحسب، بل تمتد إلى معالجة أزمة شح المياه عبر تحلية مياه البحر، ما يعزز الأمن المائي في المملكة، كما أن تحويل جزء من الاعتماد على النفط في توليد الطاقة إلى مصادر نووية سيخلق فائضاً من النفط الخام قابلاً للتصدير، ما سينعكس إيجاباً على الإيرادات الوطنية.
وهنا يلفت إسماعيل إلى أن المملكة قطعت شوطاً كبيراً في إطار استعداداتها لتنفيذ برنامجها النووي السلمي، إذ تعمل مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية على تطوير البنية التحتية والتقنيات اللازمة، ووقعت السعودية اتفاقيات تعاون مع عدة دول رائدة في هذا المجال، بما فيها فرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة، في إطار التوجهات الاستراتيجية لرؤية 2030.
وحول الموقف الأميركي من البرنامج النووي السعودي، يلفت الخبير الاقتصادي إلى تقارير إعلامية أفادت بأن الإدارة الأميركية السابقة كانت تتجه نحو عقد اتفاقيات تعاون مع السعودية لدعم برامجها النووية المدنية، ما يفتح الباب أمام مزيد من الشراكات التقنية في هذا القطاع الحيوي، ويتوقع أن يشهد المستقبل تعاوناً أوسع بين البلدين في مجالات البحث والتطوير النووي السلمي، تماشياً مع التزام المملكة بمعايير السلامة والأمن الدولية.
تأثير إيجابي
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن المشروع النووي السعودي يمثل جزءاً أساسياً من رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط والغاز في إنتاج الكهرباء، كما يهدف إلى الاستفادة من المخزون الطبيعي من اليورانيوم الذي تمتلكه السعودية، مما يفتح آفاقاً جديدة لتطوير قطاع الطاقة في البلاد.
ويتوقع الشوبكي أن يسهم المشروع النووي في خفض استهلاك النفط والغاز المحلي المستخدم حالياً في تحلية المياه وإنتاج الكهرباء، مشيراً إلى أن هذا التحول سيتيح للمملكة تصدير كميات أكبر من النفط والغاز، ما يساهم في زيادة الإيرادات الوطنية.
وإضافة لذلك، سيوفر المشروع الكهرباء بأسعار مستقرة للمواطنين والقطاعات الاقتصادية، ما يؤدي إلى تقليل تقلبات أسعار الكهرباء وتشجيع الاستثمار وخفض تكاليف الإنتاج في الصناعات على المدى الطويل، حسب الشوبكي، لافتاً إلى أن المشروع النووي سيعزز أيضاً كفاءة الطاقة من خلال إدخال تقنيات حديثة في إنتاج الكهرباء، مما يحسن من كفاءة استهلاك الطاقة ويقلل من الهدر.
ويرجح الشوبكي أن يكون للمشروع النووي السعودي تأثير إيجابي على فاتورة الكهرباء للمواطنين، خاصة مع استكمال البنية التحتية اللازمة وتشغيل المفاعلات النووية المخطط لها في المستقبل.
أما بالنسبة للموقف الأميركي من المشروع، فيبين الشوبكي إعلان الولايات المتحدة استعدادها للتعاون مع السعودية لتطوير برنامج نووي مدني، لكنه يلفت في الوقت ذاته إلى أن القانون الأميركي يشترط توقيع اتفاقية تنظّم التعاون النووي المدني ووضع معايير صارمة لمنع الانتشار النووي، وهذه الشروط قد تمثل تحدياً أمام الحكومة السعودية.
ومع ذلك، يرى الشوبكي أن الدلائل تؤشر إلى استمرار المفاوضات وتذليل بعض العقبات، إذ تسعى الولايات المتحدة من خلال هذا التعاون إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية.