المستثمرون الأجانب يقلصون حيازاتهم من السندات الأميركية للشهر الثالث

23 مارس 2025
بورصة نيويورك، 14 مارس 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأشهر الأخيرة بيع المستثمرين الأجانب لسندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل، حيث بلغ صافي المبيعات في يناير 13.3 مليار دولار، مع تحول كندا إلى أكبر بائع صافٍ والمملكة المتحدة إلى أكبر مشترٍ.

- يُعزى هذا التوجه إلى مخاوف من العقوبات الأميركية وتجميد الأصول الأجنبية، مما يدفع البنوك المركزية إلى تقليل استخدام الدولار وزيادة شراء الذهب كبديل آمن، حيث أضافت 1,045 طنًا إلى احتياطياتها في عام 2024.

- رغم تراجع الطلب الأجنبي على السندات الأميركية، إلا أن حيازة الأجانب من الأوراق المالية الأميركية ظلت مستقرة عند 8.53 تريليونات دولار، بفضل "تأثيرات التقييم" التي تعوض عن المبيعات الشهرية.

باع المستثمرون الأجانب سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، في إشارة إلى توجه لتقليص البنوك المركزية اعتمادها على الولايات المتحدة بصفتها ملاذا ماليا آمنا. وأظهرت أحدث بيانات وزارة الخزانة أن الأجانب باعوا في يناير/كانون الثاني صافي 13.3 مليار دولار من السندات الأميركية التي تزيد آجال استحقاقها عن عام، وذلك بعد أن سجلوا مبيعات بقيمة 49.69 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول، و34.41 مليار دولار في نوفمبر/تشرين الثاني، الذي تزامن مع الانتخابات الأميركية.

وتمثل البنوك المركزية العالمية حصة كبيرة من الطلب الأجنبي على السندات الأميركية. وقبل هذا الاتجاه المستمر من البيع، كان الأجانب قد حافظوا على صافي شراء من السندات الأميركية لمدة 15 شهراً متتالياً. وأظهرت البيانات أن كندا كانت أكبر بائع صافٍ في يناير/كانون الثاني، في حين جاءت المملكة المتحدة كأكبر مشترٍ بعدما كانت أكبر بائع صافٍ في ديسمبر/كانون الأول. وجاءت النرويج واليابان ثاني وثالث أكبر مشترين صافيين على التوالي، وفقاً لمذكرة صادرة عن بنك غولدمان ساكس.

وأشارت وسائل إعلام أميركية إلى أن هذا التوجه يمكن تفسيره بسببيْن رئيسييْن، أولهما هو الخوف من العقوبات أو تجميد الأصول الأجنبية مع فرض الرسوم الجمركية، إذ تعتمد هذه الأدوات العقابية على الدور الحيوي الذي تلعبه الولايات المتحدة وعملتها في النظام المالي العالمي. وعليه، فإن البنوك المركزية التي تسعى إلى حماية اقتصاداتها من أي إجراءات أميركية مستقبلية ربما تكون قد بدأت بتقليص استخدام الدولار. وعند شراء السندات الأميركية في أي سوق مالية، تقوم البنوك المركزية بتحويل عملاتها المحلية إلى الدولار، وعند البيع تعكس هذه العملية.

هل يبيع المستثمرون السندات الأميركية لشراء الذهب؟

في المقابل، استمرت البنوك المركزية حول العالم في شراء الذهب بشكل متزايد، مستبدلة ملاذاً آمناً بآخر. ويُعرف هذا الاتجاه بعملية "فك الارتباط بالدولار"، وهي ليست جديدة، لكنها اكتسبت زخماً بعد قيام الولايات المتحدة بتجميد الأصول الروسية. وأضافت البنوك المركزية في عام 2024 نحو 1,045 طنًا إلى احتياطيات الذهب العالمية، متجاوزة بذلك 1,000 طن للعام الثالث على التوالي.

ويقول فيليب وول، كبير مسؤولي الأبحاث ومدير المحافظ في شركة إدارة الاستثمارات "رايليانت غلوبال أدفايزرز" لمجلة "بارونز": "التحول إلى الذهب هو مصدر قلق متزايد سمعته يتردد كثيراً خلال الأشهر الأخيرة. أعتقد أنه اتجاه طويل الأجل يعتمد على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل استغلال وضع الدولار عملة احتياطية ضمن أدواتها الجيوسياسية".

وقد يكون السبب الآخر مجرد إعادة ضبط دورية لمحافظ الدين. فعلى الرغم من تراجع الدولار في عام 2025، إلا أن قيمته ارتفعت بنسبة 4.2% بين نوفمبر/تشرين الثاني ويناير. وعندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قويًا، غالباً ما تتجه البنوك المركزية إلى بيع السندات الأميركية في السوق الثانوية، في محاولة للحد من تراجع عملاتها المحلية وتفادي تكاليف التحوط المرتفعة مقابل الدولار.

وعادة ما تتابع وول ستريت هذا الانخفاض في الطلب الأجنبي على سندات الخزانة الأميركية عن كثب، لأن استمرار هذا الاتجاه قد يحرم الولايات المتحدة من مصدر دعم رئيسي، كما قد يشير إلى أن جهود فك الارتباط بالدولار باتت أكثر رسوخًا، رغم أن الأمر يحتاج إلى خطوات أكبر من مجرد بيع السندات الأميركية لإحداث التأثير الملموس، خاصة وأن 88% من المعاملات في سوق الصرف الأجنبي ما زالت تتم بالدولار.

ومع ذلك، تشير الأرقام إلى أن حيازة الأجانب من جميع الأوراق المالية الأميركية، قصيرة وطويلة الأجل، ظلت مستقرة عند 8.53 تريليونات دولار في شهري ديسمبر ويناير، منخفضة بشكل طفيف فقط عن نوفمبر الذي بلغ 8.63 تريليونات دولار. وأوضح متحدث باسم وزارة الخزانة أن صافي المبيعات يتم الإبلاغ عنه بقيم السوق وليس بالقيمة الاسمية، وأن تغيرات أسعار السوق يمكن أن تعوض عن مبيعات شهرية.

ويُطلق على هذا التأثير مصطلح "تأثيرات التقييم"، حيث تتحرك قيمة حيازة سندات الخزانة بحسب التغيرات في أسعار الفائدة، وليس فقط من خلال صافي الشراء أو البيع، وفقاً لماثيو راسكين، رئيس أبحاث أسعار الفائدة في دويتشه بنك. ورغم أن هذه العوامل تقلل حدة الصدمة، إلا أنها لا تلغي حقيقة أن البنوك المركزية الأجنبية بدأت في تقليص حيازتها من سندات الخزانة الأميركية.

المساهمون