المأزق المالي التونسي: خيارات محدودة ما بين الاقتراض والتعثر

المأزق المالي التونسي: خيارات محدودة ما بين الاقتراض والتعثر

11 يوليو 2021
تحديات مالية واسعة أمام تونس (Getty)
+ الخط -

تزيد تصنيفات الوكالات الدولية من التضييق على السلطات التونسية التي باتت على مرمى حجر من البحث عن حلول لمديونيتها من نادي باريس (تجمّع من الدول الغنية الدائنة)، أو الإعلان الرسمي عن عدم قدرة البلاد على سداد ديونها وطلب إعادة الهيكلة.

فقد خفّضت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، تصنيف تونس من "بي" إلى "بي ناقص" مع زيادة مخاطر السيولة المالية الخارجية، بسبب التأخر في التوصل إلى اتفاق على برنامج تعاون مالي جديد مع صندوق النقد الدولي.

ويعتبر خبراء المالية أن هذا الخفض كان متوقعاً، وسبقته إنذارات للسلطة من وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، حين خفضت تصنيف تونس هي الأخرى في إبريل/نسيان الماضي، ونبهت من الآفاق السلبية للاقتصاد.

وأكد وزير المالية السابق سليم بسباس أن تصنيف فيتش نتيجة عادية للأزمة السياسية والاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد. مشيرا إلى أن هذا الترقيم يسرّع الخطى نحو إمكانية لجوء تونس إلى حلول مالية ضمن نادي باريس، أو التقدم بطلب رسمي لهيكلة دينها الخارجي.

وقال بسباس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أمام تونس هوامش تحرك قليلة لتفادي هذا السيناريو، عبر إعادة ترتيب البيت الداخلي والتوصل إلى حلول سياسية تعيد التواصل والثقة بين مؤسسات الحكم لإقناع صندوق النقد الدولي بمواصلة دعم تونس ومنحها الضمانات الكافية للخروج إلى السوق المالية لتعبئة الموارد.

واعتبر أن أي خروج مباشر إلى السوق المالية للاقتراض سيكون مخاطرة كبيرة، وسيزيد من كلفة الدين واستدامته، ويهدد الأجيال القادمة التي ستكون مجبرة على سداد ديون اقترضتها الدولة بكلفة كبيرة. وأفاد في سياق متصل بأن تونس يمكن أن تطلب مساعدة مالية من الدول الصديقة والشقيقة لتعبئة الموارد. "لكن هذه الحلول تحتاج أيضا إلى الحد الأدنى من الضمانات، وأهمها الاستقرار السياسي"، وفق بسباس.

وقالت وكالة "فيتش" في بيانها الصادر الخميس إن عدم القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة والقوية يجعل إعادة هيكلة ديون البلاد أمرا ضروريا قبل تقديم أي دعم مالي إضافي مالي لتونس، رغم التصريحات الحكومية بعدم التفكير في اللجوء إلى هيكلة الدين أو المشاركة في معاملة نادي باريس. ورجحت وكالة التصنيف أن يظل عجز الموازنة مرتفعا في حدود 8.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021، مقارنة بـ9.9 في المائة عام 2020.

لكن الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أكد أن كل السيناريوهات، بما فيها الذهاب إلى نادي باريس، أصبحت مطروحة. مشيرا إلى أن السوق المحلية غير قادرة على تغطية كامل الحاجيات التمويلية للموازنة.

وقال الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حلول الوضع التونسي سياسية بامتياز، معتبرا أن تمسّك السلطات المالية بالتزاماتها تجاه الدائنين يوفر للبلاد نوعا من الحماية والثقة لدى مؤسسات الإقراض. وأضاف أن عامل الوقت مهم جدا من أجل تدارك الوضع قبل انسداد الأفق، مرجحاً أن تعود وكالات التصنيف إلى تقييم تونس مجددا في غضون الأشهر الستة المقبلة. وأكد على ضرورة العمل على تجنّب المزيد من التصنيفات السلبية. 

المساهمون