تتجه الليرة التركية إلى تسجيل أسوأ شهر لها منذ أغسطس/ آب 2018، مما أثار تكهنات بأنّ البنك المركزي سيتجه مرة أخرى إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير لوقف الانهيار.
منذ بداية أكتوبر / تشرين الأول، فقدت العملة حوالي 7% من قيمتها مقابل الدولار، وهو انخفاض يذكر بالانهيار قبل عامين الذي أجبر البنك المركزي على رفع تكاليف الاقتراض بمقدار 625 نقطة أساس. كما في مثل ذلك الحين، فإنّ السبب هو مزيج من المخاطر الجيوسياسية المتصاعدة والقلق من أن السياسة النقدية لا تزال فضفاضة للغاية بحيث لا يمكن أن تثبت العملة.
يقول المستثمرون إنه إذا لم يتم احتواء الخسائر، فقد يضطر البنك المركزي في النهاية إلى اتخاذ إجراء برفع الفائدة قبل اجتماعه المقبل المقرر في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني.
لن تكون هذه هي المرة الأولى، وفق بيانات وكالة "بلومبيرغ". رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 300 نقطة أساس في اجتماع طارئ في مايو/ أيار 2018 للحد من خسائر الليرة وزادها بأكثر من الضعف في اجتماع غير مجدول في يناير/ كانون الثاني 2014.
قال تاتا جوس، كبير الاقتصاديين في "كومرتس بنك إيه جي" في لندن: "لا يوجد سبب يمنع الليرة من تجاوز مستوى مثل 9.00 لكل دولار في الأسابيع المقبلة"، مضيفًا أن رفع سعر الفائدة الطارئ قد يكون الرد الوحيد لكسر هذا المسار.
وتراجعت العملة بقدر 1.6% إلى 8.3224 مقابل الدولار، أمس الأربعاء، محققة إلى حد بعيد أكبر انخفاض في الأسواق الناشئة هذا الشهر. وتأتي الخسائر بعد أن فاجأ البنك المركزي المستثمرين بإبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع ثابتا الأسبوع الماضي.
كان هذا بمثابة تحول في السياسة أدى إلى القضاء على الآمال في أن تكون السلطة النقدية مصممة على تشديد السياسة وكبح التضخم. في سبتمبر/ أيلول، بدأ البنك المركزي عكس دورة التيسير عن طريق رفع أسعار الفائدة بشكل غير متوقع بمقدار 200 نقطة أساس إلى 10.25%.
في ظل الخلافات الدبلوماسية حول التنقيب عن الطاقة في البحر المتوسط، والخلاف المتعمق بين أنقرة وحلفائها الغربيين، كان قرار الأسبوع الماضي بمثابة ضربة حاسمة. مما زاد من قتامة التوقعات، رفع البنك المركزي، أمس الأربعاء، توقعاته للتضخم لنهاية هذا العام إلى 12.1% من توقع سابق عند 8.9%.
وقال محافظ البنك المركزي مراد أويسال، في تقرير التضخم الفصلي للبنك المركزي الأربعاء، "في الفترة المقبلة، يمكننا اتخاذ جميع الخطوات اللازمة، بما في ذلك أسعار الفائدة"، مشيرًا إلى أن الليرة "مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية".
وبينما قال أويسال إنّ البنك المركزي لا يستهدف سعر الصرف، حذر من أن ضعف الليرة يشكل مخاطر على استقرار الأسعار وإن المركزي سيحافظ على سياسته النقدية المتشددة حتى يتحسن التضخم.
ومع ذلك، لم يجبر ذلك التجار على تقليص رهاناتهم الهبوطية على العملة. وكتب وين ثين، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملة في "براون براذرز هاريمان" وشركاه، في مذكرة: "نعتقد أن رفع سعر الفائدة بشكل طارئ يمكن أن يحدث في أي وقت لأن هذا النوع من التحرك في الليرة غير مستدام".
ولكن حتى رفع سعر الفائدة لا يضمن أن العملة ستستعيد قوتها المفقودة. وبينما ارتفعت الليرة في الأشهر التي أعقبت الزيادات المفاجئة في سبتمبر/ أيلول 2018، فإنها لا تزال تنهي العام منخفضة بنسبة 30% تقريبًا، وهي ثاني أكبر خسارة في عملات الدول النامية. وبعد زيادة طارئة في عام 2014، أنهت العملة العام حينها على انخفاض بنسبة 8%.
يكمن جوهر المشكلة، وفق "بلومبيرغ"، في استمرار قلق المستثمرين بشأن نفوذ الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية، مشيرة إلى أنّه "يضع علاوة على النمو وخلق الوظائف ويتمسك بوجهة نظر غير تقليدية مفادها أن المعدلات المنخفضة للفائدة تؤدي إلى انخفاض التضخم".
من جانبه، لجأ البنك المركزي على مر السنين إلى ما يسميه السوق "تشديداً خفياً"، حيث رفع تكاليف الاقتراض وعدل السيولة، مع الحفاظ على معدلات الفائدة ثابتة.