الليرة التركية تفاجئ الأسواق بالارتفاع رغم خفض أسعار الفائدة
استمع إلى الملخص
- دعمت المؤشرات الاقتصادية الليرة، حيث بلغ النمو الاقتصادي 4.8% وارتفعت الصادرات إلى 131.4 مليار دولار، مع تحسن التصنيف الائتماني لتركيا من وكالة "موديز"، مما عزز ثقة المستثمرين.
- يواصل المصرف المركزي خفض الفائدة لدعم القطاعات الإنتاجية، مع تراجع التضخم إلى 32.95%، ويهدف للوصول إلى تضخم أحادي الرقم بحلول 2026، نافياً إصدار فئات نقدية جديدة.
تواصل الليرة التركية إثارة الجدل بين المراقبين مع تسجيلها تحسناً ملحوظاً أمام الدولار، رغم استمرار المصرف المركزي في سياسة خفض أسعار الفائدة. هذا التوازن بين السياسة والاقتصاد انعكس على ثقة الأسواق، ليثبت أن مسار العملة لا تحدده السياسة النقدية وحدها، بل مجموعة من المتغيرات المتشابكة. وفي السياق، يرى مراقبون أن أسباب تحسّن سعر صرف الليرة التركية، من نحو 42 ليرة مقابل الدولار نهاية الأسبوع الماضي، إلى 41.3 ليرة، اليوم الاثنين، تعود لأسباب سياسية داخلية، إضافةً إلى ما يرشح عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة وإلقائه كلمة غداً في الدورة لـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويقول الاقتصادي التركي خليل أوزون في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن زيارة أردوغان وما يتردد عن توقيع اتفاقيات جديدة وزيادة حجم التبادل التجاري، انعكس إيجاباً على سعر الصرف. ويضيف أن الاستقرار الداخلي بعد تفوّق حزب العدالة والتنمية في آخر استطلاع للرأي على حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وعدم تعرض الأخير لهزّات أو استقالات، أعطى السوق الداخلية طمأنة إضافية ووفّر مناخاً من الاستقرار، بعدما كانت هناك مخاوف من إضرابات أو مشاكل سياسية داخلية.
وأشار أوزون إلى أن المؤشرات الاقتصادية العامة لعبت دوراً أساسياً في دعم الليرة، حيث بلغ معدل النمو 4.8% في الربع الثاني من العام، فيما وصلت الصادرات خلال النصف الأول إلى نحو 131.4 مليار دولار بزيادة 4.1% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، رغم أن العام الماضي كان قياسياً على مستوى الصادرات. ويؤكد أن هذه العوامل دعمت سعر الصرف وزادت من ثقة المستثمرين ووتيرة الاكتناز، رغم التوقعات السابقة بانخفاض قيمة الليرة بعد خفض الفائدة الأسبوع الماضي.
وكان المصرف المركزي التركي قد خفّض الفائدة للمرة الثانية توالياً بمقدار 250 نقطة أساس، من 43% إلى 40.5%، مستمراً في سياسة التيسير النقدي بهدف دفع الأموال نحو القطاعات الإنتاجية والخدمية، مستفيداً من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية وتحسّن التصنيف الائتماني لتركيا من وكالة "موديز" من "B1" إلى "Ba3"، مع تعديل النظرة المستقبلية من "إيجابية" إلى "مستقرة". ويواصل المركزي كسر مستويات الفائدة المرتفعة التي بلغت 50% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتوقع مراقبون أن تواصل تركيا خفض أسعار الفائدة، مع ضبط التضخم وتراجعه من 33.52% في يوليو/تموز إلى 32.95% في أغسطس/آب الماضي، في إطار أهداف البرنامج الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة في سبتمبر/أيلول الماضي، ويهدف للوصول إلى معدل تضخم أحادي الرقم بحلول عام 2026، مع رفع النمو الاقتصادي إلى 5%. وكان المصرف المركزي قد توقع تباطؤ التضخم ليصل إلى 24% بنهاية عام 2025، ثم إلى 12% بنهاية عام 2026، مؤكداً أنه سيتخذ الإجراءات اللازمة لتحقيق هدف التضخم البالغ 5% على المدى المتوسط.
وخلال الأشهر الماضية، تزايدت مخاوف الأتراك من استمرار التضخم وتراجع سعر الصرف، ما دفع البعض للتكهن بإصدار ورقة نقدية جديدة من فئة 500 أو حتى 1000 ليرة تركية. إلا أن البنك المركزي نفى ذلك، حيث أكد محافظ البنك فاتح كاراهان أن الرقابة على الفئات النقدية الحالية مستمرة، ولا يوجد أي تحضير رسمي لإصدار فئات جديدة في الوقت الراهن. وشدد كاراهان على أن البنك يراقب بنية الفئات النقدية الحالية ويحلل الحاجة لإضافة فئات أكبر، مؤكداً أنه "في حال دعت الضرورة، سنتخذ الخطوات المطلوبة". ويرى مراقبون أن الخيارات أمام المركزي تتمثل إمّا في إصدار أوراق نقدية أكبر أو الاستمرار بالتدخل عبر أسعار الفائدة والسياسات النقدية المباشرة في السوق.