اللحوم تعود إلى أسواق غزة بأسعار غير مسبوقة

15 يناير 2025
جزارون يعدون دواجن مجمدة في سوق بدير البلح وسط غزة، 12 يناير 2025 (إياد بابا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عودة اللحوم إلى غزة بعد غياب طويل بسبب القيود الإسرائيلية، لكن ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 300% يزيد من معاناة السكان في ظل شح المواد الغذائية.
- يعاني سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي بنسبة 90%، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مما أدى إلى وفاة أكثر من 50 شخصًا بسبب نقص الغذاء.
- يواجه الفلسطينيون تحديات بسبب تلاعب التجار بالأسعار ورفض العملات المعدنية، مما يضطر العائلات لاتخاذ قرارات صعبة بين تلبية احتياجاتهم وتحمل التكاليف.

 

دخلت خلال الأسبوعين الأخيرين إلى قطاع غزة اللحوم البيضاء (الدواجن) واللحوم الحمراء بعد أكثر من 4 أشهر من اختفائها من الأسواق المحلية نتيجة لإغلاق المعابر الحدودية والقيود التي تفرضها إسرائيل على السلع والمواد والمساعدات التي تصل إلى الفلسطينيين الذين يكتوون بنيران الحرب القاسية للعام الثاني.

ويعاني 2.4 مليون نسمة شحاً كبيراً في المواد الغذائية والسلع الأساسية نتيجة سياسة "التنقيط" التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية حرب الإبادة على القطاع وسياسة التجويع التي ينتهجها ضمن الضغط العسكري الذي يقوم به ضد المقاومة الفلسطينية لإجبارها على تسليم الأسرى الإسرائيليين.
وتشهد أسعار الخضروات هي الأخرى ارتفاعات غير مسبوقة مقارنة بالأسعار التي كانت عليها قبل حرب الإبادة الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023، إذ وصلت أسعار بعض السلع إلى أكثر من 300% وارتفعت بشكل أكبر في سلع أخرى.
بالتوازي مع ذلك، فإن أسعار دقيق القمح "الطحين الذي يزن 25 كيلوغراماً وصلت إلى 150 دولاراً في القطاع بعد أن كان يباع في الوضع الطبيعي بسعر لا يتجاوز 25 دولاراً تزامناً مع شح الإدخال والتوزيع من قبل المؤسسات الأممية.
علاوة على ذلك فقد وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان معدلات غير مسبوقة حيث باتت تلامس 90% من إجمالي السكان في الوقت الذي تجاوزت فيه معدلات البطالة 90%، والفقر أكثر من 85%.

وفقدت شريحة واسعة من السكان أعمالها اليومية، إذ كان يعتمد غالبية السكان على فرص عمل يومية بنظام الأجرة اليومية، بمتوسط دخل لا يتجاوز 20 شيكلاً إسرائيلياً للعمل اليومي مقابل أكثر من 10 ساعات للعمل.
وشكل انعدام دخول السلع انعكاسات خطيرة على المستوى الغذائي للسكان، فقد توفي أكثر من 50 فلسطينياً بسبب قلة الغذاء، وفقاً لبيانات الجهات الحقوقية المحلية والدولية العاملة في القطاع.
 

أسعار الدواجن 

ومع دخول الدواجن في الأيام الأولى للقطاع، اتجهت شريحة واسعة من السكان نحو مقاطعة الشراء نظراً إلى ارتفاع تكلفته حيث كان سعر الكيلوغرام الواحد 100 شيكل بمجرد دخوله وهو ثمن يوازي شراء عدة دجاجات في السابق. (الدولار= 3.68 شواكل إسرائيلية)
وعززت المقاطعة التي قام بها العائلات والنازحون على حد سواء من انخفاض أسعار الدواجن للكيلوغرام الواحد غير أن الأسعار لم تسعف الجميع لشرائه نتيجة ضعف السيولة النقدية المتوفرة وانعدام مصادر الدخل.
وشهد الأسبوع الأخير انخفاض سعر الكيلوغرام من الدواجن ليصل إلى 40 إلى 45 شيكلاً للكيلوغرام فيما يصل سعر كيلو اللحم الأحمر إلى 65 شيكلاً إسرائيلياً ويزيد في بعض الأحيان، في الوقت الذي يراوح فيه سعر كيلوغرام صدر الدجاج ما بين 60 إلى 65 شيكلاً للكيلوغرام، مع الإشارة إلى كون جميع هذه السلع مجمدة وليست طازجة.
وإلى جانب ذلك، يواجه الفلسطينيون معضلة أخرى تنغص عليهم عمليات البيع والشراء تتمثل في تلف الكثير من النقود وعدم قدرة سلطة النقد والبنوك العاملة في القطاع على إدخال عملات جديدة بفعل القيود الإسرائيلية، ما يضطرهم للاعتماد على عمليات الشراء المعتمدة على تطبيقات البنوك وهو أمر لا تمتلكه غالبية العائلات.
ويمتنع الكثير من الباعة عن قبول عملة "العشرة" شواكل الإسرائيلية المعدنية بذرائع عدة أبرزها أنها مزورة أو مقلدة بالرغم من البيانات العدة التي أطلقتها سلطة النقد والجهات الأمنية والاقتصادية في القطاع، ما يفاقم الأزمة المالية والاقتصادية للسكان.


امتناع عن الشراء في غزة

قررت الفلسطينية أم أحمد حسونة الامتناع عن شراء الدواجن بالرغم من طلب عائلتها وأطفالها نظراً إلى الارتفاع الكبير في أسعاره وصعوبة توفير كمية من الدجاج تكفي جميع أفراد عائلتها النازحين في خانيونس جنوبي القطاع. وتقول حسونة لـ "العربي الجديد" إن تكلفة الشراء لأكثر من 11 فرداً تحتاج إلى قرابة 100 دولار وهو أمر غير متاح بسبب النزوح وعدم وجود قدرة مالية على الشراء في الوقت الراهن بالإضافة إلى عدم وجود مصدر دخل للعائلة.
وتشير إلى أن الكثير من التجار يستغلون حاجة النازحين والسكان في غزة ويعملون على رفع الأسعار بصورة ووتيرة غير مسبوقة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة للشهر الساس عشر على التوالي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد سجل مؤشر غلاء المعيشة لقطاع غزة ارتفاعاً حاداً نسبته 490%، بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر السادس عشر على التوالي والتداعيات المصاحبة لها.
 

تلاعب بالأسعار 

أما الفلسطيني فادي مراد، فاضطر إلى الشراء مستسلماً للأمر الواقع بعدما انخفضت أسعاره بعض الشيء استجابةً لطلب أطفاله وعائلته، ولا سيما بعد شهور طويلة من تناول المعلبات وعدم وجود بدائل من اللحوم البيضاء والحمراء.
ويضيف مراد لـ "العربي الجديد" أن "الأسعار غير منطقية وغير معقولة الجميع يحاربنا سواء من الداخل أو الخارج، ولا توجد أي رقابة حقيقية أو ضبط للأسعار، والتجارب يتلاعبون بالأسعار بحسب مزاجهم الشخصي ويستغلون الحرب لتحقيق أكبر استفادة مالية، أين الحكومة وأين وزارة الاقتصاد من هذا التلاعب".
ولم يكن الفلسطيني إسماعيل ناجي، أحسن من سابقه حيث اشترى هو الآخر دجاجتين وكيلو من صدر الدجاج بثمن اقترب من 200 شيكل، وهو مبلغ يقترب من 60 دولاراً كان يضمن له سابقاً شراء 10 دجاجات.
ويقول ناجي لـ "العربي الجديد" إن الأسعار في غزة باتت سياحية وتقترب من دولة غنية مثل سويسرا، وهو أمر يضطر أرباب الأسر في الكثير من الأوقات إلى الشراء استجابة لطلب العائلات والأبناء على حساب احتياجات أخرى.
ويضيف أن عملية الدفع في ظل عدم توفر السيولة النقدية تتم في كثير من الأحيان بالتحويل البنكي عبر التطبيقات إلى أصحاب المحال التجارية أو التجار، وهو أمر يسهم في رفع التكلفة نظراً إلى فرض بعض التجار نسباً على الدفع الإلكتروني.

المساهمون