اللبنانيون غارقون في الغلاء: الآتي أعظم

اللبنانيون غارقون في الغلاء: الآتي أعظم

17 نوفمبر 2021
مواطنون يتسوقون في أحد متاجر بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يعد اللبنانيون يعرفون متى تتوقف عجلة الانهيار الاقتصادي والمعيشي، التي تتسارع وتيرتها يوماً تلو الآخر، لتجرف البلد والمواطنين إلى غلاء غير مسبوق بعد تحليق سعر صرف الدولار ليلامس عتبة 23 ألف ليرة للمرة الأولى.

وعمدت الحكومة اللبنانية إلى رفع الدعم عن الكثير من السلع والمواد الأساسية، الأمر الذي يخيف الجميع من الذهاب نحو "تداعيات أكبر" وفق توقعات عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي عدنان رمال، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن العملة الوطنية خسرت حوالي 95% من قيمتها منذ بداية الانهيار الاقتصادي قبل عامين.

وأكد رمّال أن "تضخم السلع أصبح يفوق الألف بالمائة، وخصوصاً على صعيد البضائع المستوردة، بينما الحكومة لم تتخذ، منذ تشكيلها في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، القرارات التنفيذية الصحيحة، سواء على المستوى القضائي أو الإداري أو المالي أو الاقتصادي، ولم نرَ أي جدية لديها في التصدّي للملفات، علماً أنها أتت إلى الحكم وهي تعلم مسبقاً بوجود أزمة تقتضي السرعة في التحرّك، وكنا حذّرنا من مخاطر المماطلة والتمييع وإهدار الوقت، وهو ترف لا تملكه".

ولفت إلى أن "ارتفاع سعر صرف الدولار مرتبط طبعاً بالتطورات السياسية والأحداث المحلية القضائية والأزمة اللبنانية الخليجية، إذ إن كلّ مسألة تحصل اليوم ستكون لها ارتداداتها على الواقع نقدياً واقتصادياً ومالياً، ولها أن تزيد خوف الناس وتفقدهم الثقة أكثر بالسلطة والحكومة، إضافة إلى السبب الأبرز أيضاً المرتبط بالمضاربة".

وتابع رمّال "كذلك، إن ارتفاع سعر الصرف نتيجة طبيعية لعدم اتخاذ الإجراءات الصحيحة من قبل الحكومة والوزارات المختصة، خصوصاً أننا أصلاً في شحّ دولاريّ كبير، إلى جانب تراجع التدفقات الدولارية من الخارج نتيجة عدم الثقة بالقطاع المصرفي، حتى إن الحكومة لم تتصدَّ للأزمة المصرفية أو تضع النقاط على الحروف وتحدد المسؤولين عن خسارة الناس ودائعها، بل بقيت في حالة إنكار، والدولار تبعاً لهذه الممارسات سيكون من دون سقف، وهو ما سبق أن حذّرنا منه ونبقى ننبه إليه مع اقترابنا من الانتخابات النيابية، التي دائماً ما يترافق معها التراشق السياسي والطائفي وما لذلك أيضاً من تداعيات سلبية على الواقع الاقتصادي ككلّ".

وقال "نعيش مرحلة الانهيار التام التي تفترض وزراء اختصاصيين يقومون بالإنقاذ، الذي أعتقد أنه أصبح وراءنا ونحن ذاهبون لتداعيات أكبر"، معتبراً أن "لا خبرة علمية وعملانية للوزراء، خصوصاً على مستوى الأزمة الراهنة".

ومنذ أن تشكلت الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي وهي تمارس سياسة رفع الأسعار من دون أن تقرّ أي بدائل تعويضية للمواطنين، حتى إن البطاقة التمويلية، التي لم تكن أصلاً على المستوى المطلوب، أُرجئت بدورها إلى أجلٍ غير مسمّى.

وواصلت الحكومة رفع أسعار الوقود الذي أضحى واقعاً أسبوعياً، ليصل سعر صفيحة البنزين "95 أوكتان" إلى 310.8 آلاف ليرة، وصفيحة البنزين "98 أوكتان" 319.6 ألف ليرة، والمازوت 311 ألفاً والغاز 266 ألف ليرة، وفق الأسعار المعلنة من قبل وزارة الطاقة يوم الجمعة الماضي.

وأدت زيادة سعر المازوت إلى زيادة أصحاب المولدات الخاصة تسعيرتهم والضغط على المواطنين لدفعها أو وقف الخدمات، علماً أن التعرفة لخمسة أمبير فقط تخطت في كثير من المناطق عتبة المليون ليرة.

كذلك، أدى ارتفاع سعر البنزين إلى تراجع استهلاكه، وقد انعكس ذلك على حركة السير التي خفّت، خصوصاً في ساعات بعد الظهر عند انتهاء دوام العمل الطبيعي، كما دفع ارتفاع سعر قارورة الغاز الكثير من المواطنين إلى الاكتفاء بقارورة واحدة في الشهر، بينما كانوا يشترون أقله قارورة في الأسبوع، مع ترشيد استعمالهم لها، علماً أن كل هذا المسار التصاعدي يأتي في ظلّ موسم شتاء ينتظر أن يكون بارداً وقاسياً، فيما المواطن عاجز عن تأمين وسائل التدفئة.

ومن القرارات الأخيرة التي زادت الخناق على اللبنانيين، إعلان وزير الصحة فراس أبيض رفع الدعم عن الأدوية المزمنة بشكل جزئي، وإبقائه كاملاً على مستوى الأمراض السرطانية المستعصية والعقلية والنفسية والتي تستخدم في المستشفيات وغسيل الكلى، مع العلم أن أدوية الأمراض المستعصية، ولا سيما السرطانية، مفقودة من السوق رغم الوعود المتكررة بحل الأزمة عبر وصول 40 دواء إلى لبنان قريباً، وفق ما صرح وزير الصحة.

وقال نقيب الصيادلة غسان الأمين لـ"العربي الجديد" إن أدوية الأمراض المزمنة، مثل أدوية الكوليسترول والسكري والضغط التي يتناولها المريض يوميا، ستشهد ارتفاعاً في أسعارها.

كما أعلنت وزارة الاقتصاد مؤخراً خفض وزن ربطة الخبز لتلامس 10 آلاف ليرة لبنانية للمرة الأولى. وفي جولة على بعض المحال التجارية في شمال بيروت، تمكن ملاحظة ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل كبير، إذ سارع أصحابها إلى تسعير البضائع على 23 ألف ليرة بذريعة أنهم يريدون شراء بضائع جديدة بالسعر الحالي.

المساهمون