استمع إلى الملخص
- تركزت الاتهامات على إساءة استخدام السلطة لتحقيق مكاسب مالية في ملفات التأمين والطحين ودولرة أسعار السلع، مع تغيب سلام عن المساءلة، مما دفع اللجنة لتحويل الملف للنيابة العامة.
- نفى أمين سلام الاتهامات واعتبرها حملة كاذبة، مؤكدًا تعاونه مع اللجنة وتهديده باتخاذ خطوات قانونية لحماية سمعته.
أصدر النائب العام التمييزي في لبنان القاضي جمال الحجار، اليوم الخميس، قراراً يقضى بمنع وزير الاقتصاد السابق أمين سلام من السفر، وإبلاغ القرار إلى المديرية العامة للأمن العام، وذلك بناءً على إخبار بتهم الاختلاس والابتزاز وهدر المال العام. وتقدّمت لجنة الاقتصاد، بشخص رئيسها النائب فريد البستاني وباسم لجنة الاقتصاد الوطني والصناعة والتجارة والتخطيط، بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية بحق كلّ من سلام ومستشاريه كريم سلام وفادي تميم، والمدقق المالي إيلي عبود، بتهم الاختلاس والابتزاز وهدر المال العام.
وقال النائب في البرلمان اللبناني وضاح صادق، بعد ظهر اليوم الخميس، إنّ هذا الإخبار يأتي نتيجة العمل الجماعي والاستقصاء والتدقيق الذي قامت به لجنة الاقتصاد. وذكر مصدر من اللجنة لـ"العربي الجديد" أن "القرار بمنع السفر يشمل جميع الأسماء التي وردت في الإخبار، وذلك حتى استكمال التحقيقات وإصدار القرارات تبعًا لها"، لافتًا إلى أن "اللجنة قامت بعمل كبير من أجل تقديم هذا الإخبار بعد جمع الكثير من المعلومات والمستندات التي تشمل الارتكابات التي قام بها سلام منذ توليه وزارة الاقتصاد عام 2021".
وأشار المصدر إلى أن "هذا الملف هو البداية، إذ إن ارتكابات الوزير السابق أمين سلام منذ تسلمه الوزارة حتى عام 2025 كثيرة، وكلها تنطوي على إساءة استخدام للسلطة واستغلال لتحقيق مكاسب مالية كبرى على حساب المال العام، منها ملف التأمين، وقضية الطحين، ودولرة أسعار السلع، وغيرها من الصفقات والعقود التي تحوم حولها شبهات فساد. وبدورنا، لنا ملء الثقة بالقضاء اللبناني بأنه سيصدر قراره المناسب ويفرض عقوبات على كل من يستحقها".
ودعت لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط سلام، أكثر من مرة، للاستماع إليه في المجلس النيابي بشأن ملف شركات التأمين، إلا أنه تغيب عن الحضور، ما دفع اللجنة إلى تحويل الملف إلى النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة المالية. وفي 19 فبراير/شباط الماضي، عقدت لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتخطيط في المجلس النيابي جلستها الأسبوعية برئاسة النائب فريد البستاني، وبحضور النواب الأعضاء، وجرى التأكيد على متابعة الملف من دون التراجع عنه.
وقال البستاني: "نحن نتابع بدقة المبالغ الكبيرة والصغيرة على حد سواء، وتعامل اللجنة مع جميع المسؤولين في هذا الملف كان قانونيًا. وسنكمل عملنا وسنقدّم للحكومة الجديدة فكرة حول جدية عمل اللجنة في متابعة كافة القضايا". وأشار إلى أن "اللجنة تلقت معلومات تفيد بأنّ الوزير سيقدّم إجابات خطية حول تساؤلاتها، لكن اللجنة أوضحت أنها لا تقبل الإجابات الخطية، بل تطلب حضور الوزير أو أي مسؤول معني، فالمساءلة هي حوار مفتوح مع جميع أعضاء اللجنة".
كما تناول بعض أعضاء اللجنة العديد من المخالفات التي حصلت في وزارة الاقتصاد، مثل قضية الطحين وغيرها، لكن البستاني أكد أن "تركيزه الحالي منصب على ملف التأمين، الذي سيُتابَع قريبًا"، مشيرًا إلى أن "اللجنة شكّلت فريقًا مصغّرًا لتحضير الملف وتقديمه إلى القضاء".
وبدأت ملفات أمين سلام تخرج إلى العلن مع انتهاء عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، خصوصًا على صعيد ملف شركات التأمين، علمًا أن الحديث عنه بدأ عام 2023، إذ قُدّم حينها إخبار إلى النيابة العامة المالية بحق شقيقه كريم سلام، فاستُجوب بنتيجته أمام النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، إلى جانب صاحب شركة "المشرق للتأمين" جورج ماطوسيان، الذي قدّم ما لديه من أدلة على تعرّضه لعملية ابتزاز من قبل سلام ومستشار الوزير حينها فادي تميم، وشمل الاستماع أيضًا نقيب خبراء المحاسبة إيلي عبود، بعد اتهامه من قبل رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي سمير عقيقي بإخفاء معلومات وتضليل التحقيق.
وفي كل مرة، ينفي وزير الاقتصاد السابق أمين سلام هذه الاتهامات واضعًا إياها في إطار "الحملة المسعورة"، مؤكدًا أنها "أخبار كاذبة وتلفيقات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، ضمن محاولات فاشلة لإزاحة رجال وطنيين حريصين على المصلحة الوطنية العليا، حيث اختار البعض استمرار الاستثمار فيها لأهداف خفية، بما تتضمنه من اتهامات زائفة وتلفيقات شيطانية، وكأن سلطة الوزير مطلقة لا تقيدها قوانين أو أنظمة".
وأكد سلام، "بصفته وزير الوصاية السابق على لجنة مراقبة هيئات الضمان"، أنه "لطالما كان وسيبقى متعاونًا مع لجنة الاقتصاد النيابية للحفاظ على قطاع التأمين وحقوق المؤمنين"، مشيرًا إلى أنه تواصل مع النائب فريد البستاني وأعلمه بغيابه، وأكد له استعداده لمتابعة أي موضوع يتعلق بالقضية. وأضاف سلام أن "إعادة التداول بأخبار غير صحيحة ومستهلكة، جرى التحقق منها سابقًا، يطرح علامات استفهام حول الغايات الحقيقية منها، خاصة في ظل تصعيد متعجل لموضوع يتعلق بصلاحيات وزير نص عليها القانون، علماً أن هذه الحملات تمس سمعة الوزير وهيئة رقابية على قطاع حساس".
وشدد على أن "وزارة الاقتصاد والتجارة بعهده كانت أول وزارة تقوم بتنظيم قطاع التأمين وفق أعلى معايير المحاسبة المالية والإدارية العالمية"، مشيرًا إلى أنه "أصلح وحارب الفساد في ملف الطحين، وأمّن قرضًا لحماية رغيف الخبز خلال أصعب أزمات البلاد، وأعاد للبنك الدولي مليونًا وستمائة ألف دولار في سابقة غير معهودة في لبنان".
وهدد سلام بأن "التمادي في نشر المعلومات المضللة واستهدافه شخصيًا سيؤدي إلى اتخاذه الخطوات القانونية المناسبة لحماية سمعته والدفاع عنها".