استمع إلى الملخص
- الجزائر قدمت ستة طلبات تسليم ضد بوشوارب، المدان في قضايا فساد مالي، لكن باريس ترفض تسليمه، مما يعكس توتر العلاقات بين البلدين، خاصة بعد تقديمه امتيازات للشركات الفرنسية.
- ملف المطلوبين الجزائريين يشكل نقطة خلافية بين الجزائر وفرنسا، حيث ترفض باريس تسليم شخصيات أخرى متورطة في قضايا فساد أو مصنفة كإرهابية.
رفض القضاء الفرنسي، وللمرة السادسة على التوالي، تسليم الجزائر وزير الصناعة الأسبق، عبد السلام بوشوارب، لملاحقته في عدة قضايا فساد ونهب للمال العام من قبل القضاء في بلاده، وهو قرار كان متوقعاً بالنظر إلى مناخات الأزمة السياسية التي تعصف بالعلاقات بين البلدين في الوقت الراهن.
وأصدرت محكمة الاستئناف في آكس أون بروفانس جنوب شرقي فرنسا، مساء أمس الأربعاء، قرارها برفض تسليم الوزير الأسبق إلى الجزائر، وبررت قرارها بـ"وجود تبعات خطيرة على صحته" في حال تسليمه. واستندت المحكمة في قرارها على أنّ تسليم بوشوارب يتعارض مع المادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمادة الخامسة من اتفاقية تسليم المطلوبين بين الجزائر وفرنسا لسنة 2019.
وكانت الجزائر قد تقدّمت بستة طلبات تسليم بحق وزير الصناعة الأسبق في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في أعقاب إصدار القضاء الجزائري بحقه حتى الآن خمسة أحكام بالسجن بين 15 إلى 20 عاماً، بعد إدانته في قضايا فساد مالي، والحصول على امتيازات غير مشروعة.
وكانت النيابة العامة الفرنسية قد رفضت، في 5 مارس/آذار الجاري، تسليم بوشوارب. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ممثل النيابة العامة رافاييل سانيسي دوجونتي، قوله إنّ تسليم بوشوارب، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، قد يعرّض وضعه الصحي للتدهور، بزعم عدم توفر ظروف مناسبة في السجون الجزائرية. وقدّم للمحكمة تقارير إعلامية كانت نشرتها مجلة جون أفريك، عن أوضاع السجون الجزائرية، وصفت فيها الأوضاع بأنها "غير جيدة".
وحاولت محامية الطرف الجزائري سوفي بارتيكس، إثبات عكس ذلك، وأكدت أنّ السلطات الجزائرية قدّمت كل الضمانات اللازمة للتكفل الحسن بالوضع الصحي لبوشوارب، وقدمت تعهدات قضائية بأنه سيحصل على محاكمة عادلة وزنزانة مساحتها 120 إلى 140 متراً مربعاً. وقالت إنّ "بوشوارب سرق أموال الجزائريين، وعليه أن يرد على أفعاله أمام الجهات القضائية".
وكان قرار القضاء الفرنسي رفض تسليم الجزائر بوشوارب، موافقاً للتوقعات التي كانت تؤكد أنّ باريس لن تقدم على هذه الخطوة، لكونه أحد أبرز الوزراء الذين قدّموا في فترة شغله منصب وزارة الصناعة والمناجم (2014- 2017)، امتيازات كبيرة لصالح الشركات الفرنسية في الجزائر، بينها شركة رينو لصناعة السيارات، ولا سيما وسط الأزمة الحادة في العلاقات بين الجزائر وباريس، وسلسلة المواقف المتشجنة بين البلدين منذ يوليو/تموز 2024.
ويعد ملف المطلوبين للقضاء الجزائري، أحد القضايا الخلافية ضمن هذه الأزمة، حيث كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد عبّر عن استيائه من مماطلة باريس في تسليم القضاء الجزائري مطلوبين بتهم الفساد ونهب المال العام، رغم تقديم الجزائر كل البيانات المطلوبة إلى الجانب الفرنسي.
وبالإضافة إلى بوشوارب، ترفض باريس ترحيل مطلوبين آخرين في قضايا ذات صلة بالفساد، على غرار القائد السابق للدرك الوطني عبد الغالي بلقصير، أو على خلفية قضايا تصنفها السلطات الجزائرية على أنها أمنية وقضايا إرهاب، مثل الناشط أمير بوخرص وقيادات في حركتي رشاد والماك اللتين تصنفهما السلطات الجزائرية "تنظيمات إرهابية".