الغاز والبيع بالروبل... هل تفقد روسيا زبائنها أم تحدّ من العقوبات؟

الغاز والبيع بالروبل... هل تفقد روسيا زبائنها أم تحدّ من أضرار العقوبات؟

موسكو

رامي القليوبي

avata
رامي القليوبي
28 مارس 2022
+ الخط -

تستعد العملة الروسية، الروبل، لبدء تعاملات الأسبوع الجديد في بورصة موسكو، اليوم الإثنين، بعد موجة من التعافي اعتلتها في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي، مدفوعة بإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن اعتماد الروبل عملة الحسابات لإمدادات الغاز الروسي إلى "الدول غير الصديقة" التي فرضت عقوبات على روسيا على خلفية عمليتها العسكرية في أوكرانيا المستمرة منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

وبمجرد إعلان بوتين عن قراره، تراجع سعر صرف الدولار في تعاملات بورصة موسكو من 104 روبلات للدولار إلى نحو 96 روبلاً، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت العملة الروسية ستكون قادرة على البقاء عند مستوى دون الـ100 روبل للدولار الواحد، ومدى تقبل الدول الغربية لتعديل العقود المبرمة بالعملات الأجنبية لا الروسية.

ويندرج هذا القرار ضمن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات المالية الروسية لدعم الروبل، بما فيها رفع سعر الفائدة الأساسية من 9.5% إلى 20%، وإلزام المصدرين ببيع 80% من عوائدهم بالعملة الصعبة في السوق الداخلية، في محاولة لامتصاص تداعيات العقوبات التي طاولت تجميد احتياطيات البنك المركزي في الغرب.

وفي هذا الإطار، يتوقع كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" للتداول الروسية، مارك غويخمان، أن يشكل قرار إجراء حسابات الغاز بالروبل دعماً للعملة الروسية على المدى القصير، محذراً في الوقت نفسه من عواقب سلبية متوسطة المدى مثل تعزز تطلعات الدول الأوروبية للبحث عن بديل للغاز الروسي.

ويقول غويخمان في حديث لـ"العربي الجديد": "يهدف الانتقال إلى حسابات تصدير الغاز بالروبل إلى رفع الطلب على العملة الروسية التي سيحتاج إليها الأجانب لسداد قيمة الإمدادات عن طريق بيع الدولار واليورو مقابل الروبل.. ولما كانت الجهات الروسية هي البائع الأساسي للعملة الروسية، فيعني ذلك أن هذه العمليات ستجري بشكل أساسي في السوق الروسية، مما يزيد في آن معا من عرض العملة الأجنبية والطلب على الروبل ويدعم سعر صرفه".

ولا يستبعد غويخمان احتمال توسيع الحسابات بالروبل، لتشمل في مرحلة لاحقة صادرات روسية أخرى مثل النفط والمعادن والأسمدة. إلا أنه يقلل من أهمية هذه الخطوة لدعم الروبل على المدى المتوسط.

وأوضح أنه "في الوقت الحالي، المصدرون ملزمون ببيع 80% من عوائدهم بالعملات الصعبة في البورصة، والآن سترتفع هذه النسبة إلى 100% لصفقات الغاز، لكن قبل ذلك، كان المصدرون يحافظون على 20% من العوائد بالعملات الصعبة لاستخدامها لدفعاتهم بالعملة الأجنبية وشراء وارداتهم والوفاء بالتزاماتهم، ولكنهم سيضطرون الآن لشراء العملة.. يعني ذلك أنه لن يحدث تغيير كبير في حجم تداول العملة، بل إعادة توزيعه، ما يعني أن هذا العامل لن يكون هاماً جداً بالنسبة إلى الروبل على المدى المتوسط".

وحول مدى قانونية إقدام روسيا على تعديل عملة حسابات العقود المبرمة، يتابع كبير المحللين في مجموعة "تيلي تريد" للتداول: "في أغلب الأحيان، لا تتيح العقود السارية تعديلها بشكل أحادي الجانب، بل يتعين على المصدّر تنسيق الانتقال إلى الدفعات بالروبل مع الأطراف الأخرى. لكن في ظروف تعذر استبدال الغاز الروسي بشكل كامل بموردين آخرين خلال فترة وجيزة، سيضطر أغلب المستوردين إلى قبول الشروط الروسية. صحيح أن ذلك سيشكل دعماً للروبل، ولكنه سيزيد أيضا من تطلعات الأوروبيين للحد التدريجي من الاعتماد على الغاز الروسي وتقليص إمداداته إلى الاتحاد الأوروبي".

ومن اللافت أن قطاع الطاقة لا يزال حتى الآن هو الأقل تأثراً بالأزمة الراهنة في العلاقات بين روسيا والغرب، إذ اشترت الدول الأوروبية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، غازاً روسياً بقيمة 12 مليار يورو تقريبا أو حوالي 400 مليون يورو يومياً.

وتظهر بيانات شركة "غازبروم إكسبورت"، أن عملاق الغاز الروسي "غازبروم" قام بتوريد 174.9 مليار متر مكعب من الغاز إلى الدول الأوروبية في عام 2020، بواقع 78% منها إلى بلدان غرب أوروبا، شاملة تركيا، و22% إلى بلدان وسط أوروبا.

وجاءت ألمانيا وإيطاليا والنمسا في صدارة الدول المستوردة للغاز الروسي بواقع 45.8 مليار متر مكعب و20.8 ملياراً و13.2 ملياراً على التوالي. وبعد توجيه بوتين البنك المركزي ومجلس الوزراء بتحديد كيفية إجراء حسابات توريد الغاز إلى أوروبا بالروبل، أبدى مشترو الغاز الروسي ردود أفعال متباينة تراوحت بين قبول بلغاري وأرميني ومولدوفي للانتقال إلى الحسابات بالروبل مقابل اعتراض ألمانيا وبولندا وغيرها من الدول.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت ألمانيا أنها ستخفض اعتمادها على موارد الطاقة الروسية بشكل حاد وسريع باستغنائها عن واردات الفحم بحلول الخريف، وعن واردات النفط بحلول نهاية العام، فيما كشفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عن تشكيل "فريق عمل" بهدف الحد من اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري الروسي.

وستحاول الولايات المتحدة، من خلال هذه المبادرة التي كشف عنها الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، المساعدة في إمداد أوروبا بـ15 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الطبيعي المسال هذا العام ومصدرها أميركا ودول أخرى، على أن تزيد الكميات مستقبلاً.

وأشارت فون ديرلاين، إلى أن فريق العمل سيعمل مع الدول الأعضاء "من أجل أن تضمن، حتى عام 2030 على الأقل، حصول الاتحاد الأوروبي على 50 مليار متر مكعب في السنة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأميركي الإضافي".

وعلى الرغم من هذا الاتفاق إلا أنه لا يغطي حاجات أوروبا التي تستورد 150 مليار متر مكعب من الغاز الروسي كل عام.

وحتى لو تمكنت الولايات المتحدة من شحن المزيد من الغاز إلى أوروبا، فقد تواجه القارة صعوبة في الحصول عليه، وفق محللين في قطاع الطاقة.

ذات صلة

الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة
تنظيم داعش/فرنسا

سياسة

رفعت فرنسا، أول من أمس الأحد، مستوى التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى، وذلك في أعقاب هجوم موسكو الدموي الذي تبناه تنظيم "داعش"، مستعيدة تهديدات عدة للتنظيم.
الصورة
تظاهرة ووقفة بالشموع أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن

سياسة

شهدت العاصمة الأميركية واشنطن وقفة بالشموع وتجمّعاً للمئات من الناشطين أمام السفارة الإسرائيلية تأبيناً للجندي آرون بوشنل و30 ألف شهيد فلسطيني في غزة.

المساهمون