الظاهر والخفي في خلاف السعودية والإمارات حول النفط بعيون إيطالية

الظاهر والخفي في خلاف السعودية والإمارات حول النفط بعيون إيطالية

09 يوليو 2021
أسباب عديدة للخلاف السعودي الإماراتي أضعفت دول منظمة "أوبك" (Getty)
+ الخط -

انشغلت أوساط الطاقة والاقتصاد عالمياً، في الأيام القليلة الماضية، بالصدام الحاد الذي وقع بين السعودية والإمارات داخل مجموعة "أوبك+" بشأن حصص الإنتاج، وما نتج عنه من ارتفاع قياسي لأسعار النفط، وما يمكن أن يتبعه من ارتفاع مماثل في تكلفة السلع الاستهلاكية.

وحول الموضوع، ذكرت مجلة "ستارت ماغازين" الإلكترونية الإيطالية، في تقرير حمل عنوان "لماذا تختلف الإمارات والسعودية حول النفط؟ تاباريللي يتحدث"، أن الارتفاع القياسي الذي شهدته أسعار النفط في الأيام القليلة الماضية جاء نتيجة للصدام داخل مجموعة "أوبك+" بين السعودية والإمارات، في الوقت الذي زاد فيه الطلب على النفط مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات فيروس كورونا.

وأوضحت أن التداعيات المحتملة لركود طويل الأجل داخل "أوبك+" من الممكن إيجازها في عنصرين: الأول هو أن يظل العالم محروماً من الوقود الذي يغذي به الانطلاقة الاقتصادية، والثاني هو أن قلة المعروض من الزيت الخام في السوق قد تدفع إلى مزيد من الارتفاع في أسعار براميل النفط، وبالتبعية تكلفة السلع بالنسبة للمستهلكين.

وفي حديث خاص للمجلة، رأى البروفيسور دافيدي تاباريللي، مؤسس ورئيس شركة "نوميزما إنيرجيا" لاستشارات الطاقة، والأستاذ في كلية الهندسة بجامعة بولونيا، أن "الإمارات ليست بهذه الحماقة حتى تتسبب في إفشال الاتفاق مع الدول الأخرى الأعضاء في "أوبك+". وعلى الرغم من الانطباع الذي تركه الخلاف السعودي – الإماراتي من وجود انشقاق داخل المجموعة، ما قد يؤدي إلى وضع يفتح فيه الجميع المحابس، فإن هذا السيناريو لن يتحقق".

وأوضح أن "ما يُعلن عنه في الواجهة ما هو إلا جزء فقط من اتفاقات "أوبك"، بينما يوجد في الخلفية تفكير آخر: لنختلف قليلاً في البداية، ولكن من دون التخلي عن الاتفاق، وهكذا ترتفع الأسعار في الأثناء، وبعد ذلك نشير بأصبع الاتهام للإمارات بالتسبب في الخلاف، ثم نتوصل إلى توافق. صحيح أن صداماً بهذا الحجم يثير الاندهاش، ولكننا كنا على علم بأن الإمارات كانت ترغب في المزيد"، على حد تعبير تاباريللي.

وتابع الخبير الإيطالي أن "الخلاف بين الرياض وأبوظبي يرجع إلى رغبة هذه الأخيرة في إنتاج كميات أكبر من المتفق عليها العام الماضي، حيث وُزعت الحصص على أساس القدرات الإنتاجية للدول الأعضاء، إلا أن قدرات الإمارات نمت بدرجة كبيرة مؤخراً من 3.2 إلى 4 ملايين برميل في اليوم، وهكذا فقد رأت أنها تعرضت لعقوبة قاسية من خلال إجبارها على تقليص الإنتاج بمعدل أكبر من الآخرين، ومن ثم طالبت برفع سقف حصة إنتاجها لتكون 3.8 بدلاً من 3.2 ملايين برميل يومياً".

وأشار إلى أن "السعودية اضطلعت، منذ تأسيس "أوبك"، بدور منسق المجموعة انطلاقاً من كونها البلد العضو صاحب أكبر قدرات إنتاجية غير مستخدمة، وبهذه الصفة رفضت الرياض طلب أبوظبي، لأنها لا تريد أن تجد نفسها في موضع يضطرها لإرضاء أعضاء آخرين مستائين من توزيع الحصص. وفي حالة توجه الجميع إلى زيادة الإنتاج عما تم الاتفاق عليه، فسوف يؤدي ذلك إلى تقليص دور "أوبك"، ومن ثم السعودية كضامن لاستقرار سوق النفط".

ولفتت المجلة إلى أن "أبوظبي تستثمر قرابة الـ25 مليار دولار في العام من أجل إيصال قدراتها الإنتاجية من النفط إلى 5 ملايين برميل يومياً خلال عام 2030، والهدف من ذلك هو استخدام العوائد النفطية في تمويل خطة التنويع الاقتصادي بعيداً من المحروقات".

وقالت إن "الإمارات لا تريد أن تضيع من يديها الموارد التي استثمرتها، كما لا ترغب في إضاعة الوقت. وفي هذا السياق، فإن خفض مستويات إنتاجها من الممكن أن يلحق أضراراً بالشركات والمجموعات المالية الأجنبية التي استثمرت في الأصول النفطية الإماراتية".

ومن جانبها، فإن السعودية تطمح إلى تحويل الرياض إلى دبي جديدة، ومن أجل تحقيق هذا الطموح فهي تسعى إلى إقناع الشركات الأجنبية بنقل مقارها الإقليمية إلى أراضيها خلال عام 2024.

وفي سياق متصل، ذكر موقع "الترى نوتيتسييه" الإيطالي، في تقرير حمل عنوان "أوبك.. جليد في الخليج"، أن التوترات الأخيرة بين السعودية والإمارات يمكن قراءتها على ضوء بانوراما أوسع نطاقاً تضم البعدين السياسي والاقتصادي، علاوة على بعد عسكري ذي صلة بحرب اليمن.

وثمة اتجاه معاكس يتمثل في الاحتلال الإسرائيلي الذي طبّعت الإمارات معه العلاقات بدفع وتشجيع من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في حين ما زالت السعودية، على العكس من ذلك، ترفض فكرة إذابة الجليد مع الاحتلال، على الأقل رسميا، بحسب الموقع نفسه.

وأضاف الموقع أن ثمة جبهة أُخرى للخلاف بين البلدين انفتحت مطلع الأسبوع الجاري مع الإجراءات التي اتخذتها السعودية لمعاقبة الواردات من الإمارات، حيث عدلت الرياض رسومها الجمركية على المنتجات المستوردة المرتبطة بشكل أو بآخر بإسرائيل، أو تلك المصنعة بأقل من 25% من العمالة المحلية، ما سيكون له تداعيات ثقيلة على المنتجات القادمة من المناطق الاقتصادية الحرة، التي تتسم بغياب اللوائح أو ندرتها، وتمثل أحد المقومات المهمة للاقتصاد الإماراتي.

ورأى الموقع أن ما يحدث بين البلدين حالياً ما هو إلا منافسة على توسيع نطاق نفوذ كل منهما في المنطقة، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

بدورها، نقلت صحيفة "ميلانو فينانسا" الإيطالية المعنية بالشأن الاقتصادي، تعليق "بنك يوني كريديت" الإيطالي على الخلاف السعودي– الإماراتي، الذي أشار فيه إلى أنه "سيكون من الأهمية بمكان في الأسابيع المقبلة مراقبة استراتيجيات التسعير التي يتبناها اللاعبون الرئيسيون في سوق النفط، والتحقق من توجههم نحو عرض تخفيضات على عملائهم، مثلما حدث في عام 2020 عندما اندلعت حرب الأسعار بين السعودية وروسيا".

 

المساهمون