استمع إلى الملخص
- أظهرت الصين أداءً اقتصاديًا قويًا في الربع الأول من 2025، واتخذت إجراءات مضادة مثل تعليق استلام الطائرات من بوينغ، بينما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية مرتفعة على الواردات الصينية.
- يواصل الرئيس الصيني شي جين بينغ جولته في جنوب شرق آسيا لتعزيز العلاقات الاقتصادية، حيث تعتبر المنطقة أساسية للصادرات الصينية في ظل التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
أكدت الصين، اليوم الأربعاء، أنها "لا تخشى" خوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة، مجددة في الوقت نفسه دعوتها إلى الحوار بعدما اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الصين "هي من عليها أن تأتي إلى طاولة المفاوضات". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً حل المشكلة من خلال الحوار والتفاوض، فعليها التوقف عن ممارسة الضغوط الشديدة ووقف التهديد والابتزاز، والتحدث مع الصين على أساس المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة".
وقال مصدر صيني لوكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الأربعاء، إن "الصين أوضحت لإدارة ترامب أنها تريد من الإدارة الأميركية اتخاذ عدد من الخطوات قبل أن توافق على إجراء مباحثات تجارية، وتتضمن إظهار الاحترام من خلال التحكم في التعليقات المسيئة التي يدلي بها أفراد من إدارته، حسب ما قال مصدر مقرب من الحكومة الصينية". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "الخطوات تتضمن موقفاً أميركياً أكثر اتساقاً والاستعداد للحديث بشأن مخاوف الصين تجاه العقوبات الأميركية وتايوان". وأشار إلى أن "بكين تريد أن تعين أميركا شخصاً مسؤولاً عن المباحثات، يحظى بدعم الرئيس، ويمكن أن يساعد في إعداد اتفاق يمكن أن يوقعه ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ عندما يلتقيان".
ويأتي هذا البيان عقب تصريحات من البيت الأبيض، الثلاثاء، مفادها أن الكرة "أصبحت في ملعب الصين" في ما يتعلق بالمفاوضات. وفيما أكّدت المتحدّثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت انفتاح ترامب على إبرام اتفاق مع بكين، شدّدت على وجوب أن تبادر الصين لاتّخاذ الخطوة الأولى، معتبرة أن "قوة السوق الاستهلاكية الأميركية تشكل ورقة ضغط". وجاء في بيان للرئيس تلته ليفيت في مؤتمر صحافي أن "على الصين أن تبرم معنا اتفاقاً. لسنا نحن من يتعيّن عليه إبرام اتفاق معهم". وأضافت أن "الكرة في ملعب الصين" إذا أرادت إنهاء الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
ضغط صيني أميركي متبادل
وأظهرت الصين، الأربعاء، وضعاً اقتصادياً أفضل من المتوقع في الربع الأول من 2025، بفضل مسارعة المصنّعين إلى تصدير المنتجات قبل فرض ترامب رسوماً جمركية إضافية مرتفعة، ما يؤدي إلى "ضغوط"، على ما أفادت بكين. وبلغت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني 5,4% في الربع الأول، بحسب المكتب الوطني للإحصاء، وهي نتيجة أعلى بكثير من نسبة 5,1% التي توقعتها مجموعة من الخبراء استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس.
وأمرت الصين شركات الطيران التابعة لها بتعليق استلام كل الطائرات التي طلبت شراءها من شركة بوينغ الأميركية، على خلفية تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت وكالة بلومبيرغ الثلاثاء. وعلّق ترامب، الثلاثاءن على منصة "تروث سوشال"، على ذلك قائلاً: "من اللافت أنهم نكثوا بصفقة كبيرة مع بوينغ، قائلين إنهم لن يتسلموا الطائرات التي التزموا بها بالكامل". وبحسب بلومبيرغ، طلبت الصين أيضاً من شركات الطيران في البلاد "وقف شراء كل المعدات وقطع غيار الطائرات من الشركات الأميركية"، وفق ما نقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة. وتبدو بكين عازمة أيضاً على استهداف الزراعة الأميركية، فقد أكدت رابطة مصدّري اللحوم الأميركية، لوكالة فرانس برس، أن غالبية تراخيص مصدّري لحوم البقر لم تُجدَّد منذ منتصف مارس/ آذار. كذلك، أعلنت إدارة بريد هونغ كونغ، الأربعاء، أنها ستعلق إرسال الطرود إلى الولايات المتحدة.
وفرض ترامب في بادئ الأمر رسوماً جمركية على الواردات الصينية على خلفية اتّهامه بكين بالضلوع في توريد مادة الفنتانيل المخدّرة، ثم زاد نسبة هذه الرسوم بشكل حاد قائلاً إنها رد على ممارسات تجارية للصين تعتبرها واشنطن مجحفة. ومنذ مطلع هذا العام، فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 145% على كثير من الواردات الصينية، تضاف إلى رسوم فرضتها الإدارات السابقة. وشمل ذلك 20% على صلة بعدم مكافحة بكين توريد الفنتانيل وغيرها من المواد المخدّرة، بالإضافة إلى 125% على صلة بالممارسات التجارية. وردّت بكين بفرض رسوم بلغت نسبتها حتى الآن 125%.
مع ذلك، قرّرت إدارة ترامب إعفاء بعض سلع التكنولوجيا المتطوّرة، على غرار الهواتف الذكية والحواسيب، من الرسوم الأخيرة. وعلّقت الرسوم الجمركية المتبادلة التي تزيد عن حد أدنى نسبته 10% مدة 90 يوماً، مع فتح البيت الأبيض الباب أمام التفاوض. وشكّلت الجبهات الجديدة التي فتحها دونالد ترامب من خلال حملته الجمركية ضغطاً على أسواق الأسهم العالمية الأربعاء، مع تأثر أسهم قطاع صناعة التكنولوجيا خصوصاً بسبب القيود المفروضة على رقائق شركة إنفيديا العملاقة. وفي أوروبا، تراجعت بورصة باريس في التعاملات المبكرة 0,6% وفرانكفورت 0,6% ولندن 0,2% وميلانو 0,7%.
وفي آسيا، أغلقت بورصة طوكيو على انخفاض نسبته 1,01%. كذلك تراجعت الأسواق الصينية بشكل حاد، وخسر مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ نحو 2%، في حين خسر مؤشر شنتشن 0,8%، فيما حافظ مؤشر شنغهاي على استقراره.
رئيس الصين في جولة آسيوية
من جهته، يواصل الرئيس الصيني شي جين بينغ جولته في جنوب شرق آسيا بزيارة إلى ماليزيا بدأت أمس الثلاثاء وتستمر حتى غد الخميس، حيث تهدف الجولة، بحسب محللين، إلى تعزيز دور بكين شريكاً موثوقاً و"غير مهيمن"، وفي محاولة لتنظيم استجابة منسقة للرسوم الجمركية الأميركية. هذه الجولة التي استهلها شي في فيتنام، أول من أمس الاثنين، ستقوده أيضاً إلى كمبوديا غداً الخميس.
والتقى الرئيس الصيني بملك ماليزيا سلطان إبراهيم في قصر أستانا. ثم التقى اليوم رئيس الوزراء أنور إبراهيم في العاصمة الإدارية بوتراجايا، بالقرب من كوالالمبور، حيث وقع الطرفان على عدد من الاتفاقيات التجارية. وتعد ماليزيا موطناً لعدة مشاريع خاصة بمبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك مشروع سكك حديدية صينية بقيمة 11.2 مليار دولار، وهو ما ناقشه الرئيس الصيني مع ملك ماليزيا.
وقال الرئيس الصيني، اليوم الأربعاء، وفقاً لوكالة شينخوا، إن الصين مستعدة للعمل مع الجانب الماليزي لبناء مجتمع صيني ــ ماليزي استراتيجي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك، وذلك من أجل استهلال "50 عاماً ذهبية" جديدة من العلاقات الثنائية. كما نقل التلفزيون الصيني عن شي قوله، الثلاثاء، إنه "بفضل الجهود المشتركة من الجانبين، ستحقق هذه الزيارة بالتأكيد نتائج مثمرة".
بينما قال إبراهيم، في تدوينة على حسابه على منصة إكس، إنه "في ما يتعلق بالرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، أؤكد مجدداً موقف ماليزيا واتفاقها مع الدول الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا على مواصلة المفاوضات وروح الوحدة لإيجاد حل مستدام". وأضاف إبراهيم: "مناقشاتنا تطرقت إلى الجهود المبذولة لاستكشاف الفرص لتعزيز الاستثمار والتجارة بين ماليزيا والصين، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد الرقمي، والسلع الزراعية، وأشباه الموصلات، والسيارات، والنقل، والطب، والمعادن النادرة وما إلى ذلك".
Pertemuan dua hala dengan Presiden China Xi Jinping di Kompleks Seri Perdana hari ini merupakan satu detik yang amat bermakna dan bersejarah sekali gus melambangkan komitmen jitu kedua-dua negara dalam memperkukuh hubungan strategik yang telah terjalin sejak sekian lama.… pic.twitter.com/Lf7DNs4STc
— Anwar Ibrahim (@anwaribrahim) April 16, 2025
وقال خو ينغ هوي، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الدولية والاستراتيجية في جامعة مالايا في كوالالمبور: "إن الأمر لا يتعلق بالصداقة فحسب، بل بإعادة توجيه مركز الثقل الإقليمي نحو بكين". وأوضح أن هذه الزيارة تهدف إلى "اختبار التضامن الإقليمي، في حين تقوض الإجراءات التجارية الأميركية الأسواق العالمية".
واستهل شي، الاثنين، جولته الاقليمية في فيتنام التي تطرح فيها بكين نفسها حليفاً يمكن الاعتماد عليه في مواجهة رئيس أميركي لا يمكن توقع تصرفاته بعدما فرض عليها رسوماً جمركية إضافية ثم علقها، من دون أن يشمل الإعفاء الصين. وفي هانوي، التقى شي جين بينغ بالأمين العام للحزب الشيوعي في فيتنام تو لام، بالإضافة إلى عدة مسؤولين بارزين، من بينهم الرئيس ورئيس الوزراء. ووقعت الصين وفيتنام سلسلة من مذكرات التفاهم في مجالات سلاسل الإمداد ومشروع سكك حديد مشترك. وأكدت وزارة التجارة الصينية، اليوم، أن الصين وفيتنام وقعتا مذكرة تفاهم "لبناء سلسلة صناعية وسلسلة إمداد سلسة ومستقرة ومرنة وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري" بين الشركات في الدولتين، من دون توضيح مزيد من التفاصيل.
وتعد منطقة جنوب شرق آسيا أساسية للصادرات الصينية. والعام الماضي، كانت دول كتلة آسيان أكبر وجهة للسلع الصينية بقيمة إجمالية بلغت 586,5 مليار دولار، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية. فقد استوردت فيتنام بضائع من الصين بقيمة 161,9 مليار دولار، تليها ماليزيا بنحو 101,5 مليار دولار.
والدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ومن ضمنها فيتنام وماليزيا، من بين الأكثر تضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية التي عُلقت مؤقتاً مدة 90 يوماً. وفي حال جرى تطبيق هذه الرسوم الجمركية، فإن فيتنام، القوة الصناعية وعضو التكتل الاقليمي، ستشهد تعرفة بقيمة 46% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، في حين أن كمبوديا المجاورة، البلد المنتج الرئيسي للملابس منخفضة التكلفة لكبرى العلامات التجارية الغربية، ستخضع لرسوم بنسبة 49%. أما ماليزيا فنصيبها 24%.
وفود إلى واشنطن للتفاوض حول الرسوم
وفي هذا الإطار، أعلنت كوريا الجنوبية، أحد أكبر مصدري السيارات وأشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة، الأربعاء، أن وزير المال تشوي سانغ-موك سيزور واشنطن الأسبوع المقبل للقاء نظيره سكوت بيسنت. من جهتها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، في مقابلة مع مجلة "دي تسايت" الألمانية، أن الاتحاد الأوروبي "في موقف قوي" في المفاوضات المقبلة، "لأننا، نحن الأوروبيين، نعرف بالضبط ما نريد وما هي أهدافنا". أما كندا، وهي دولة أخرى في مرمى نيران ترامب، فقدمت لفتة لشركات صناعة السيارات الثلاثاء، ستسمح بموجبها باستيراد عدد معين من المركبات المصنوعة في الولايات المتحدة، في مقابل التزامها بالحفاظ على إنتاجها في كندا، من دون رسوم جمركية. وفرضت أوتاوا رسوماً جمركية نسبتها 25% على هذه المنتجات رداً على الرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضتها واشنطن على السيارات المستوردة إلى الولايات المتحدة.
(فرانس برس، العربي الجديد)