الصين تقلص ما بحوزتها من سندات أميركية لأدنى مستوى منذ 2009

19 فبراير 2025
المقر الرئيسي لبنك الشعب الصيني في بكين، 20 أغسطس/آب 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 2009، حيث تسعى لتنويع استثماراتها في أصول بديلة مثل الذهب، وتقليل المخاطر المرتبطة بالسندات الأميركية وسط التوترات الجيوسياسية.
- انخفضت حيازات الصين المعلنة من السندات الأميركية بمقدار 57 مليار دولار لتصل إلى 759 مليار دولار في 2024، مع نقل بعض الأصول إلى مؤسسات إيداع مثل "يوروكلير"، مما يصعب تتبعها.
- رغم الانخفاض، تستمر الصين في الاستثمار بأصول مقومة بالدولار وزادت احتياطياتها من الذهب، الذي ارتفع سعره بنسبة 12% منذ بداية العام.

سجلت حيازات الصين من سندات الخزانة الأميركية أدنى مستوى لها منذ عام 2009، في ظل سعي بكين للاحتفاظ بجزء أكبر من هذه السندات عبر حسابات حفظ غير أميركية، مع تنويع استثماراتها في أصول بديلة، وفقاً لما نشرته فينانشال تايمز اليوم الأربعاء.

وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة يوم الثلاثاء أن قيمة الديون السيادية الأميركية التي يحتفظ بها المستثمرون الصينيون انخفضت بمقدار 57 مليار دولار لتصل إلى 759 مليار دولار في عام 2024، دون احتساب السندات التي تمتلكها الصين عبر حسابات في دول أخرى.

ويرى المحللون أن هذا التغير يعكس جزئيًا رغبة الصين في تنويع احتياطياتها الأجنبية من خلال شراء أصول مثل الذهب، لكنه يعكس أيضًا محاولة بكين إخفاء الحجم الحقيقي لحيازاتها من السندات الأميركية، عبر نقلها إلى حسابات حفظ مسجلة في أماكن أخرى.

وقال براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية للصحيفة البريطانية: "اتخذت الصين قراراً في عام 2010 بأن الاحتفاظ بسندات الخزانة يمثل مخاطرة، كما أنه يعطي انطباعاً سيئاً بأن جزءاً كبيراً من ثروة الصين يقع في أيدي خصم جيوسياسي".

وأضاف سيتسر أن الانخفاض الظاهري في حيازات الصين قد يكون مبالغاً فيه بسبب نقل بعض الأصول إلى مؤسسات إيداع للأوراق المالية مثل "يوروكلير" في بلجيكا و"كليرستريم" في لوكسمبورغ، مما يزيد من حيازات تلك الدول في البيانات الرسمية. وأشار إلى أن تتبع تحركات الصين وتأثير تدفقاتها المالية على الأسواق العالمية أصبحا أكثر صعوبة بمرور الوقت.

وتُراقب التحولات في ملكية السندات الأميركية عن كثب نظرًا لحاجة الحكومة الأميركية إلى تمويل عجز هائل في الموازنة، في وقت يقوم فيه بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي بتقليص حيازاته من الديون الحكومية.

وانخفضت الحيازات المعلنة للصين من السندات الأميركية بحوالي 550 مليار دولار منذ أن بلغت ذروتها في عام 2011. في المقابل، ارتفعت حيازات المملكة المتحدة بمقدار 34.2 مليار دولار في عام 2024، بينما زادت حيازات بلجيكا بمقدار 60.2 مليار دولار، وارتفعت حيازات لوكسمبورغ بمقدار 84 مليار دولار. ولا تزال اليابان أكبر حائز لهذه السندات، بأكثر من تريليون دولار.

وأوضح مصدر مطلع على إدارة احتياطيات الصين الأجنبية أن "ليس كل سندات الخزانة الأميركية التي تحتفظ بها الصين تُدار مباشرة عبر المؤسسات الأميركية"، مشيراً إلى أن بكين تحتفظ بجزء من أصولها الاحتياطية عبر كيانات مثل "يوروكلير" أو "كليرستريم" بغرض تنويع المخاطر.

وأضاف المصدر أن "الاتجاه واضح، فحيازات الصين الإجمالية من سندات الخزانة الأميركية ستستمر في التراجع تدريجياً مع استمرارها في تنويع أصولها الاحتياطية". وقال مارك سوبل، رئيس الفرع الأميركي لمنتدى المؤسسات المالية والنقدية الرسمية، إن بنك الشعب (البنك المركزي) الصيني زاد من تعرضه لأصول أخرى مثل الذهب، والذي يُعتبر ملاذاً آمناً خلال فترات التوتر الاقتصادي واضطرابات الأسواق.

وارتفع سعر الذهب بنسبة 12% تقريباً منذ بداية العام، مما يعكس زيادة الطلب من المشترين الكبار. وأظهرت بيانات مجلس الذهب العالمي أن الصين كانت ثالث أكبر مشترٍ للذهب خلال الربع الأخير من عام 2024، مضيفة 15.24 طناً إلى احتياطياتها. ورغم ارتفاع حيازات البنك المركزي الصيني من الذهب بنسبة 13% خلال العامين الماضيين، إلا أن الذهب لا يزال يمثل نسبة صغيرة نسبياً من إجمالي احتياطياته.

وأشار سوبل إلى أن انخفاض حيازات الصين من السندات الأمريكية لا يعني بالضرورة أنها تتخلى عن الأصول المقومة بالدولار بشكل عام، إذ يعتقد بعض المحللين أن بكين زادت من مشترياتها لسندات أخرى آمنة صادرة عن وكالات أميركية. كما تعكس التغيرات في قيمة الحيازات الصينية أيضاً التقلبات في القيمة السوقية للسندات.

وقال سوبل: "لا أعلم إن كانوا قد قللوا إجمالي حيازاتهم بالدولار، لكنهم بالتأكيد يستثمرون في مجموعة أوسع من الأدوات المالية عبر قنوات مختلفة". ويعزو المحللون القفزة في حيازات المملكة المتحدة من السندات الأميركية إلى تدفق أموال صناديق الثروة السيادية الأجنبية، والأسر الثرية، وصناديق التحوط عبر لندن، حيث يتكرر هذا النمط في بلجيكا أيضًا.

وبالنظر إلى أن العوائد على السندات البريطانية أعلى من نظيرتها الأميركية، فمن غير المرجح أن يكون المستثمرون البريطانيون هم من يشترون السندات الأميركية، بل يرجح أن تكون الأموال الأجنبية، بما في ذلك الأموال القادمة من الشرق الأوسط، هي المحرك الرئيسي لهذه التدفقات، وفقاً لأندي برينر، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في "نات أليانس".

وأضاف سيتسر أن صناديق التحوط قد تحتفظ بالسندات الأميركية في المملكة المتحدة كجزء من استراتيجيات تداول تعتمد على الفروق السعرية، وهي استراتيجيات ذات رافعة مالية عالية تعتمد على شراء السندات الأميركية وبيع العقود الآجلة لتحقيق أرباح من فروق الأسعار الطفيفة.

المساهمون