الصين تدرس إعفاء بعض السلع الأميركية من الرسوم الجمركية وقادتها يرفضون "الترهيب"... فما أبرز تطورات الحرب التجارية؟

25 ابريل 2025
دمى ترامب في مصنع صيني بمقاطعة تشجيانغ، 11 إبريل 2025 (أديك بيري/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تدرس الصين إعفاء بعض السلع الأمريكية من الرسوم الجمركية بنسبة 125%، مع التركيز على السلع المرتبطة بأشباه الموصلات، لتعزيز الاستهلاك المحلي ومواجهة التوترات التجارية مع واشنطن.
- تسعى الولايات المتحدة للتفاوض مع شركائها التجاريين، مثل سويسرا، لتخفيف التوترات الجمركية، حيث أعد البلدان إعلان نوايا مشترك لتمهيد الطريق للمفاوضات.
- تتكيف شركات مثل تسلا وآبل مع التغيرات في الرسوم الجمركية، حيث تطور تسلا سيارات ذاتية القيادة، وتسعى آبل لتحويل إنتاجها إلى الهند لتقليل المخاطر.

أكدت وكالة رويترز ما كشفته شبكة بلومبيرغ اليوم الجمعة، من أن الصين تدرس إعفاء بعض السلع الأميركية من الرسوم الجمركية البالغة 125%، فما أبرز تطورات ملف الحرب التجارية؟ في هذا الصدد، أوضحت رويترز أن بكين تدرس تطلب من الشركات تقديم قوائم بالسلع التي يمكن أن تكون مستحقة للإعفاء، في أكبر مؤشر حتى الآن على قلق بكين بشأن التداعيات الاقتصادية لحربها التجارية مع واشنطن. ووفقاً لمصدر طلب عدم الكشف عن هويته فإن فرقة عمل تابعة لوزارة التجارة تعمل على جمع قوائم بالسلع التي يمكن إعفاؤها من الرسوم الجمركية وتطلب من الشركات تقديم طلباتها الخاصة.

ونقلت مجلة كايجينغ للأخبار المالية اليوم الجمعة، عن مصادر أن بكين تستعد لإدراج ثماني سلع مرتبطة بأشباه الموصلات، إلا أن القائمة لن تتضمن شرائح ذاكرة. ونقلت رويترز عن رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين، مايكل هارت، قوله اليوم الجمعة: "على سبيل المثال، تسأل الحكومة الصينية شركاتنا عن أنواع السلع التي تستوردونها من الولايات المتحدة إلى الصين ولا تجدونها في أي مكان آخر، مما سيؤدي إلى إغلاق سلسلة التوريد الخاصة بكم". وأضاف أن بعض أعضاء الغرفة أفادوا بأنهم استوردوا سلعاً خلال الأسبوع الماضي دون تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة.

ويجري تداول قائمة تضم 131 فئة من المنتجات المؤهلة للإعفاءات على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وبين الشركات والتكتلات التجارية اليوم الجمعة. ولم تتمكن رويترز من التحقق من القائمة التي تنوعت سلعها بين اللقاحات والمواد الكيميائية ومحركات الطائرات. وكانت بلومبيرغ أول من أورد اليوم الجمعة، نبأ أن الصين تدرس إعفاءات من الرسوم الجمركية. وتعني مثل هذه الإعفاءات أن بكين، شأنها شأن واشنطن، تشعر بقلق بالغ إزاء الصعوبات الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد مع فك الارتباط بين أكبر اقتصادين في العالم.

وفي حين تقول واشنطن إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار من الناحية الاقتصادية وعرضت بالفعل إعفاءات جمركية على بعض السلع الإلكترونية، فإن الصين ظلت تؤكد دوما استعدادها للقتال حتى النهاية ما لم تلغ الولايات المتحدة الرسوم. لكن وراء هذا الحديث الرنان، يدخل الاقتصاد الصيني الحرب التجارية وهو على شفا انكماش للأسعار. فالطلب ضعيف، ولم يتعاف إنفاق المستهلكين ولا معنوياتهم بالكامل من مستويات الجائحة. وتضغط الحكومة على المُصدرين المتضررين من الرسوم الجمركية للتوجه إلى الأسواق المحلية، لكن الشركات تقول إن الأرباح أقل والطلب أضعف والعملاء أقل موثوقية. وتمثل الإعفاءات بادرة دعم أكبر لهم، إلا أن السماح باستئناف جزء من التجارة يخفف أيضاً من معاناة الاقتصاد الأميركي ويعطي البيت الأبيض متنفساً. ولا تتوفر للعديد من الواردات بدائل سهلة أو قد يستغرق تصنيعها خارج الولايات المتحدة سنوات.

ومن بكين، دعا القادة الصينيون الجمعة المجتمع الدولي إلى معارضة "الترهيب الأحادي الجانب"، مشددين على أهمية تعزيز الاستهلاك المحلي في وقت تهدد التوترات التجارية مع واشنطن صادرات البلاد. وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بأنّ كبار القادة الصينيين، بمن فيهم الرئيس شي جينبينغ، اجتمعوا في إطار جلسة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني الجمعة، وهو هيئة رئيسية لصنع القرار. وهاجموا بشكل غير مباشر الهجوم التجاري الذي أطلقه ترامب والذي أشعل مواجهة تجارية شرسة مع بكين.

ووفق ما نقلت فرانس برس عن وكالة شينخوا، أعلن أعضاء المكتب السياسي، أنه يجب أن تعمل الصين مع المجتمع الدولي "لدعم التعدّدية بشكل نشط ومعارضة ممارسة الترهيب الأحادي الجانب". وأدّت الحرب التجارية التي أطلقها ترامب إلى فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 145% على الكثير من المنتجات الصينية التي تدخل الولايات المتحدة، بينما فرضت بكين رسوماً إضافية بنسبة 125% على السلع الآتية من الولايات المتحدة. وفيما بدأت معظم الدول المستهدفة بالرسوم الجمركية الأميركية، مفاوضات مع واشنطن، أعلنت بكين استعدادها "للقتال حتى النهاية"، مع إبقاء "الأبواب مفتوحة على مصراعيها" لإجراء نقاشات "بشروط متساوية".

وقد يتأثّر النمو الصيني بشدّة بهذه التوترات التجارية، في وقت تواجه الصين أزمة عقارية مستمرّة وتباطؤاً في الاستهلاك. وفي هذا السياق، أعلن القادة الصينيون الجمعة أنهم يريدون "تطوير الاستهلاك في الخدمات بقوة، وتعزيز دور الاستهلاك في ديناميكيات النمو الاقتصادي"، وفق وكالة الأنباء الرسمية. وعلى نحو غير معتاد، دعو أيضاً إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسية "في أوقات أكثر ملاءمة".

واشنطن مهتمة بمفاوضة سويسرا بشأن الرسوم الجمركية

وفي جديد المواقف، أكدت الرئيسة السويسرية أن الولايات المتحدة مهتمّة بالتفاوض سريعاً مع شركائها الاقتصاديين البارزين، بمن فيهم سويسرا، بعد فرض سلسلة من الزيادات الجمركية. وإثر الأزمة التجارية الناجمة عن تقلّب مواقف الإدارة الأميركية، "شعرنا بوضوح بأن الولايات المتحدة هي أيضاً مهتمّة بالانفتاح على التفاوض مع الشركاء التجاريين البارزين. ونحن جزء من هؤلاء"، على ما قالت الرئيسة السويسرية كارين كيلر- سوتر التي تتولّى أيضاً حقيبة المالية في بلدها خلال مؤتمر صحافي في واشنطن.

ولفتت إلى أن سويسرا هي من بين 15 شريكاً تجارياً تريد واشنطن التوصّل إلى حلّ سريع معهم، بحسب فرانس برس. لكن رغم ما يبذل من جهود، لم يتمّ بعد التوصّل إلى أيّ اتفاق في هذا الخصوص. وبالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، ما زال أيّ اتفاق "بعيد المنال"، في حين نفت بكين إجراء أيّ محادثات في هذا الصدد. وتزور كيلر- سوتر مع وزير الاقتصاد السويسري غي بارمولان واشنطن لمناسبة انعقاد اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهي انتهزت هذه الزيارة للتباحث في حلول مع الإدارة الأميركية.

وتهدّد إدارة دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية "متبادلة" قد تصل إلى 31% على كلّ المنتجات السويسرية الواردة إلى الولايات المتحدة، ما من شأنه أن يمثّل ضربة قاسية لقطاعات برمّتها في سويسرا، مثل الصيدلة والكيمياء وصناعة الساعات والأدوات الآلية. وأفادت كيلر- سوتر بأنه تمّ الاتفاق مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت على إعداد إعلان نوايا مشترك يمهّد الطريق لمفاوضات. واعتبرت الرئيسة السويسرية أن "الاقتصاد يمكن أن يتحمّل حلولاً سيّئة وقوانين غير مناسبة. فالأشخاص هم أصحاب مهارات. لكن ما لا يمكن له تحمّله هو انعدام اليقين".

كيف تتكيف تسلا وآيفون مع الرسوم الجمركية الجديدة؟

وأمس الخميس، نقلت أسوشييتد برس عن وزارة النقل الأميركية أن إدارة ترامب ستخفف القواعد دعماً لشركات صناعة السيارات الأميركية مثل تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، في تطوير سيارات ذاتية القيادة حتى تتمكن من مواجهة الشركات الصينية المنافسة. وسيسمح للشركات الأميركية التي تطور سيارات ذاتية القيادة بالحصول على إعفاءات من بعض قواعد السلامة الاتحادية لأغراض الاختبار، حسب ما ذكرت وزارة النقل.

وقالت الوزارة أيضاً إنها ستعمل على تبسيط متطلبات الإبلاغ عن الحوادث المتعلقة ببرامج القيادة الذاتية التي انتقدها ماسك باعتبارها مرهقة، وستتجه نحو مجموعة واحدة من القواعد الوطنية لهذه التقنية لتحل محل مجموعة متنوعة من اللوائح الحكومية. وقال وزير النقل شون دافي في بيان: "نحن في سباق مع الصين للتفوق في مجال الابتكار، والمخاطر لا يمكن أن تكون أعلى من ذلك، سيعمل إطارنا الجديد على خفض الروتين والتحرك نحو معيار وطني موحد".

وستسمح إجراءات الإعفاء الجديدة لشركات صناعة السيارات الأميركية بالتقدم بطلب لتجاوز بعض قواعد السلامة الخاصة بالمركبات ذاتية القيادة، إذا كانت تستخدم فقط لأغراض البحث والعروض التوضيحية وغيرها من الأغراض غير التجارية. كانت الإعفاءات سارية سابقاً على المركبات الأجنبية المستوردة التي قد تختلف قواعد بلدها الأم عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة. ولا يزال من غير الواضح كيف ستؤثر الإعفاءات على قواعد الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة على تسلا تحديداً. لقد علقت الشركة مستقبلها على الأتمتة الكاملة لسياراتها، لكنها تواجه منافسة شديدة الآن من منافسين، خاصة شركة بي واي دي الصينية لصناعة السيارات.

من جانبها، تهدف شركة آبل إلى استيراد معظم أجهزة آيفون التي تبيعها في الولايات المتحدة من الهند بحلول نهاية العام المقبل، مما يسرع تحولاً إلى ما هو أبعد من الصين للتخفيف من المخاطر المتعلقة بالرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية. ونقلت أسوشييتد برس عن مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها وهي تناقش الخطط الداخلية، قولها إن الهدف يعني أن شركة آبل ستحتاج إلى مضاعفة إنتاجها من هواتف آيفون في الهند تقريباً.

وتبيع شركة آبل أكثر من 60 مليون هاتف آيفون سنوياً في الولايات المتحدة. وهذه الخطة أحدث مؤشر على سعي شركة آبل ومورديها إلى تسريع التحول من الصين إلى الهند، وهي عملية بدأتها عندما أضرت إجراءات الإغلاق الصارمة بسبب كوفيد بالإنتاج في أكبر مصانعها. يُشار إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالإضافة إلى التوترات بين بكين وواشنطن، تدفع شركة أبل إلى تكثيف تلك الجهود.

المساهمون