استمع إلى الملخص
- التوترات التجارية والدفاعية: تواجه الصين تحديات من حرب تجارية مع الولايات المتحدة، وتخطط لزيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 7.2% وسط توترات مع واشنطن.
- التحديات الاقتصادية: تعاني الصين من ضعف الطلب الداخلي وتفكك قطاع العقارات، مما يدفعها للبحث عن أسواق تصدير بديلة وسط تعقيدات تجارية مع الولايات المتحدة.
أبقت الصين اليوم الأربعاء هدفها للنمو الاقتصادي لهذا العام دون تغيير عند نحو 5%، ملتزمة بتخصيص موارد مالية أكبر من العام الماضي لدرء الضغوط الانكماشية وتخفيف تأثير ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية. وتستهدف الصين أيضا عجزا في الميزانية أربعة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، ارتفاعا من 3% في 2024.
ووفقا لمشروع الميزانية الذي تم عرضه في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني اليوم الأربعاء، فإن بكين تخطط لإصدار سندات خزانة خاصة قيمتها 1.3 تريليون يوان (179 مليار دولار) هذا العام، ارتفاعا من تريليون في 2024. وسيُسمح للحكومات المحلية بإصدار 4.4 تريليونات يوان في صورة ديون خاصة، ارتفاعا من 3.9 تريليونات. ومن صناديق الديون الخاصة للحكومة المركزية، سيتم تخصيص 300 مليار يوان لدعم مخطط دعم المستهلك لشراء السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية والسلع الأخرى. وتخطط بكين أيضا لاستخدام 500 مليار يوان من تلك الصناديق لإعادة تمويل البنوك الحكومية الكبرى و200 مليار يوان لدعم تحديث معدات التصنيع.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.6% هذا العام، انخفاضا من 5% في عام 2024، وفقا لإحصاءات الحكومة الصينية. وأشارت قيادة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى اعتزامها تكثيف الجهود لتحفيز الاقتصاد هذا العام. وجعلت الرسوم الأميركية هذا الهدف أكثر إلحاحا، إذ يمكن أن تؤثر على المبيعات في أحد أهم أسواق التصدير للصين.
وقالت وكالة بلومبيرغ في ديسمبر الماضي: "في حين أن التباطؤ يشكل خطراً على الاقتصاد الصيني في عام 2025، إلا أن الصين عادت إلى مسارها لتحقيق هدفها الرسمي للنمو الاقتصادي بنحو 5% في 2024، بعدما حقق الإنفاق الاستهلاكي ونشاط المصانع انتعاشاً طفيفاً في الأسابيع الأخيرة". وكانت التحسينات إلى حد كبير نتيجة لموجة من تدابير التحفيز التي تم تنفيذها منذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، وهي خطوات تراوحت بين التخفيضات القوية في أسعار الفائدة وتوسيع الدعم الحكومي لشراء السيارات والأجهزة المنزلية.
لكن بلومبيرغ ترى أن التوقعات للعام 2025 وما بعده تتسم بعدم اليقين على نحو متزايد، بسبب التهديد بحرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب. وهو ما يعني أن الصادرات ربما تتوقف عن كونها محركًا رئيسيًا للنمو.
زيادة الإنفاق الدفاعي 7.2%
ومن ناحية أخرى، تعتزم الصين زيادة إنفاقها الدفاعي 7.2% هذا العام، وهي الزيادة نفسها التي أُعلن عنها العام الماضي. وقالت الحكومة في تقرير ميزانية العام 2025 إنّها ستخصص للنفقات الدفاعية 1784.7 تريليون يوان (245.7 مليار دولار)، وهو مبلغ يقلّ بثلاث مرات عن ميزانية الدفاع الأميركية. وتظل الصين ثاني أكبر دولة من حيث الإنفاق العسكري في العالم بعد الولايات المتحدة، التي تبلغ ميزانيتها العسكرية المقترحة للعام الحالي 850 مليار دولار.
ويأتي هذا الإعلان على خلفية التوترات المتكررة بين بكين وواشنطن، وفي وقت يفكّر الأوروبيون بزيادة إنفاقهم الدفاعي بشكل كبير لمواجهة المخاطر المترتّبة على سياسة "أميركا أولا" التي ينتهجها حاليا الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي يرى فيها الأوروبيون خطرا على أمنهم.
الصين تواجه حربا تجارية متصاعدة
تهدد الحرب التجارية المتصاعدة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقييد درّة الصين الاقتصادية، مجمعها الصناعي المترامي الأطراف، في وقت يؤدي بطء طلب الأسر وتفكك قطاع العقارات المثقل بالديون إلى ترك الاقتصاد عرضة للخطر بشكل متزايد. كما هدد ترامب بفرض رسوم جمركية على قائمة طويلة من الدول مما يهدد نظام التجارة العالمي الذي بنت بكين نموذجها الاقتصادي حوله منذ عقود.
وتزايدت الضغوط على المسؤولين الصينيين لوضع سياسات تعزز الاستهلاك وتقلل من اعتماد ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الصادرات والاستثمار من أجل النمو. وكان معدل النمو في الصين البالغ خمسة بالمائة العام الماضي، والذي لم تصل إليه الحكومة إلا بحزمة تحفيز متأخرة، من بين أسرع معدلات النمو في العالم، ولكن لم يكن محسوسا على مستوى الشارع.
وفي حين تدير الصين فائضا تجاريا سنويا حجمه تريليون دولار، يشكو العديد من مواطنيها من عدم استقرار الوظائف والدخول مع قيام أصحاب العمل بخفض الأسعار وتكاليف الأعمال للبقاء قادرين على المنافسة في الأسواق الخارجية. ولا يوجد أمام المنتجين الصينيين، الذين يواجهون ضعف الطلب في الداخل وظروف أكثر قسوة في الولايات المتحدة حيث يبيعون سلعا تتجاوز قيمتها 400 مليار دولار سنويا، خيار سوى الإسراع في التوجه إلى أسواق تصدير بديلة في الوقت نفسه.
ويخشون أن يؤدي هذا إلى تأجيج حروب الأسعار والضغط على ربحيتهم وزيادة خطر شعور الساسة في تلك الأسواق الجديدة بالالتزام بإقامة حواجز تجارية أعلى لمواجهة السلع الصينية بغية حماية الصناعات المحلية. ومنذ تولى ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني، أضافت إدارته حتى الآن رسوما جمركية قدرها 20% على تلك المفروضة على السلع الصينية، مع بدء الزيادة الأخيرة البالغة عشرة بالمائة أمس الثلاثاء.
وسارعت الصين أمس بالرد على الرسوم الأميركية الجديدة، معلنة عن زيادات تتراوح بين 10 و15% على الواردات التي تغطي مجموعة من المنتجات الزراعية والغذائية الأميركية، ووضعت 25 شركة أميركية تحت قيود التصدير والاستثمار. وتعد الصين أكبر سوق للمنتجات الزراعية الأميركية، حيث تمثل 17% من إجمالي الصادرات الزراعية الأميركية في عام 2023، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية.
وفي العام الماضي، استوردت الصين ما يقرب من 20 مليار دولار من فول الصويا والذرة والقطن ومنتجات زراعية أميركية أخرى ستخضع للرسوم الجمركية الجديدة، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية. وتمثل هذه المنتجات حوالي 80% من إجمالي الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين.
(الدولار= 7.2 يوانات صينية)
(رويترز، العربي الجديد)