استمع إلى الملخص
- تتنافس الصين والولايات المتحدة على النفوذ في أفريقيا، حيث تحاول واشنطن تعزيز جهودها في القارة بينما تحول الصين تركيزها من الإقراض إلى التجارة والاستثمارات.
- يمتد التنافس بين القوتين إلى النفوذ السياسي والعسكري، مما يضع الدول الأفريقية أمام خيارات صعبة لتحقيق استفادة اقتصادية وسياسية دون الانحياز لأي طرف.
قال دبلوماسي صيني كبير إن الإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية الذي تمنحه الصين للدول الفقيرة في أفريقيا دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، وذلك في الوقت الذي يزور فيه الرئيس الأميركي جو بايدن أنجولا.
وتتنافس الصين والولايات المتحدة على النفوذ في القارة، حيث أقرضت بكين مليارات الدولارات إلى دول في أفريقيا عبر مبادرة الحزام والطريق، قبل أن تقلّصها بشكل كبير في 2019، بينما تحاول واشنطن تعزيز جهودها. وفي 2021، أعلنت الصين التحول من الإقراض المباشر إلى التجارة والاستثمارات، وذلك بعد أن تخلّفت بعض الدول التي أقرضتها عن سداد ديونها، بداية من زامبيا في 2020. وفي زيارته الأولى للقارة الأفريقية هذا الأسبوع، وعد بايدن بأن واشنطن "ستنخرط بشكل كامل في أفريقيا".
وبدأت الصين تطبيق الإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية على مجموعة من المنتجات الواردة إليها من البلدان الأقل دخلاً في أفريقيا في 2005. لكن شركة ديفيلوبمنت ريإماجند للاستشارات قالت إن خطوة بكين توسع ذلك الإجراء بإلغاء الرسوم الجمركية على 140 منتجاً إضافياً، منها الأرز والقمح والسكر والقطن والورق والخشب.
ولا يفرض الاتحاد الأوروبي أي رسوم جمركية على البلدان الأقل دخلاً، باستثناء صادرات الأسلحة والذخيرة، في حين أن الولايات المتحدة لديها خطة لتعزيز التجارة مع تلك البلدان، بجانب الإعفاء من الرسوم لبعض الدول الأفريقية. ووفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، كانت الصين الوجهة الرئيسية لصادرات الاقتصادات النامية في أفريقيا في 2022، بقيمة بلغت 101 مليار دولار، تلتها إيطاليا بنحو 46 مليار دولار، والهند بقيمة 42 مليار دولار، ثم إسبانيا بقيمة 39 مليار دولار.
ويقول منتقدون إن علاقة الصين بأفريقيا يشوبها استنزاف الموارد إلى حد كبير، إذ تصدر الدول الأفريقية النفط أو النحاس أو الكوبالت، بينما تبيع الصين لها السلع النهائية ذات القيمة الأعلى. وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة ديفيلوبمنت ريإماجند هانا رايدر إن إلغاء بكين الرسوم الجمركية يمكن أن يعزز جاذبيتها. وأضافت "الحكومة الصينية حريصة على التأكيد على أن الوفاء بالوعود هو نهجها نحو أفريقيا، وذلك بالمقارنة بشركاء التنمية الآخرين في بعض الحالات".
ولا يقتصر التنافس بين الولايات المتحدة والصين في أفريقيا على التجارة والاستثمارات، بل يمتد أيضاً إلى النفوذ السياسي والعسكري، إذ تسعى الصين إلى تعزيز حضورها من خلال بناء قواعد عسكرية مثل تلك الموجودة في جيبوتي، بالإضافة إلى تقديم الدعم للدول الأفريقية في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، مما يعزز من اعتماد هذه الدول على الصين بصفتها حليفاً رئيسياً.
وفي المقابل، تحاول الولايات المتحدة مواجهة هذا النفوذ عبر تعزيز التعاون الأمني من خلال برامج مثل "أفريكوم"، ومن خلال دعم الدول الأفريقية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. ويضع هذا التنافس الدول الأفريقية أمام خيارات صعبة، حيث تسعى لتحقيق أكبر استفادة اقتصادية وسياسية دون الانحياز الكامل إلى أي من القوتين، ما يجعل القارة ساحة رئيسية للصراع على النفوذ العالمي في القرن الحادي والعشرين.
(رويترز، العربي الجديد)