استمع إلى الملخص
- يعبر رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة عن قلقه من تأثير القانون الجديد على القطاع، حيث يهدد بتراجع النشاط وانخفاض الإيرادات، مما يؤثر على فرص العمل والضرائب.
- يرى الخبير الاقتصادي محسن حسن أن إصلاح قانون الشيكات ضروري، لكنه يشدد على ضرورة تقديم حلول بديلة لتجنب الركود الاقتصادي وتوسع السوق الموازية.
يخشى المتعاملون في القطاع الصحي الخاص في تونس، تراجع عائدات القطاع واستثماراته بعد دخول القانون الجديد للشيك المصرفي حيز التنفيذ، والذي يقضي بأن تكون عمليات الصرف فورية وليست مؤجلة كما كان معمولاً به، والذي لطالما اعتمد عليه التونسيون في مسارات علاجهم في القطاع الخاص في السابق.
وكان الشيك البنكي مؤجل الدفع واحداً من أبرز وسائل الدفع التي يعتمد عليها التونسيون في سداد فواتير العلاج في القطاع الخاص، حيث تقبل أغلب مصحات البلاد تقسيط الفواتير أو تأجيل دفعها إلى حين تسوية المريض أمور السداد مع شركات التأمين أو صندوق التأمين على المرض الحكومي.
وعادة ما تساعد تسهيلات الدفع التي تمنحها المصحات للتونسيين على الإقبال على العلاج في القطاع الخاص وتجنب الانتظار الطويل لمواعيد الكشف أو التدخلات الجراحية في المستشفيات الحكومية، غير أن توقيف اعتماد الشيك كوسيلة دفع مؤجلة يضع القطاع الصحي الخاص في وضع ترقب في انتظار البحث عن بدائل خلاص مؤجلة.
يقول رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة، بوبكر زخامة، إن القطاع الصحي الخاص يخشى انتكاسة بسبب تراجع متوقع لحجم نشاطه مع توقيف استعمال الشيك كأداة دفع مؤجلة، التي تمثل أحد التسهيلات المالية التي كانت تعتمد من قبل المصحات لتقسيط دفع تكاليف العلاج بالنسبة لطيف واسع من التونسيين.
ويؤكد زخامة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المصحات الخاصة لطالما كانت تقدم تسهيلات للمرضى المتعاملين معها من أجل مساعدتهم على سداد تكاليف العلاج، والإقامة بالمصحات الخاصة عبر وسائل الدفع المؤجلة، ومن أبرزها الشيكات البنكية، مشيراً إلى أن حالة ارتباك تامة تسود القطاع منذ دخول قانون الشيك الجديد حيز النفاذ.
وفي الثاني من فبراير/شباط الحالي أوقف الجهاز المصرفي التعامل بالصيغة القديمة للشيك بشكل نهائي، مع إصدار نسخة جديدة للشيك تستعمل وسيلة خلاص فورية عملاً بمقتضيات قانون أصدره البرلمان في يوليو/تموز 2024.
ويرى رئيس الغرفة الوطنية للمصحات الخاصة أن تيسير طرق دفع تكاليف العلاج في المصحات كان يسهّل نفاذ التونسيين لحق الصحة ويعزز الرعاية الصحية بشكل عام، فضلاً عن المساهمة الكبيرة للقطاع الصحي الخاص في الدورة الاقتصادية وخلق الوظائف وتصدير الخدمات إلى خارج البلاد.
وخلال العقدين الأخيرين ساعد ارتفاع عدد المقبلين على القطاع الطبي الخاص على ضخ استثمارات مهمة في القطاع الذي بات يستأثر بنحو 20% من النشاط الصحي في البلاد، وتعتبر الاستثمارات الصحية من أفضل القطاعات الناشطة، والتي تنمو بنسق سريع وتخلق العديد من الاستثمارات، كذلك يلعب القطاع الخاص دوراً فاعلاً في استقطاب العديد من المرضى الأجانب للعلاج، ما ساهم في تعزيز إيرادات النقد الأجنبي للدولة وخلق فرص العمل.
ولا تكشف البيانات الرسمية عن حجم الاستثمارات في القطاع الصحي الخاص، غير أن السنوات التي تلت ثورة يناير/كانون الثاني عام 2011 شهدت طفرة في بناء المستشفيات الخاصة ذات طاقة الاستيعاب العالية. وشهد عدد المصحّات الخاصّة في الجمهورية التونسيّة تطوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من 83 مصحّة سنة 2013 إلى 114 مصحّة في 2022، وفق بيانات رسمية لمعهد الإحصاء الحكومي، بينما ارتفع عدد الأسرّة في المصحّات الخاصة من 4092 سريراً في 2014 إلى 7334 سريراً في 2022.
ويشير رئيس غرفة المصحات بوبكر زخامة إلى أن ما يزيد عن 2.5 مليون مواطن حصلوا على خدمات صحية في القطاع الخاص عام 2024، متوقعاً تراجع هذا الرقم بسبب انحسار إمكانيات النفاذ للعلاج عبر آليات تقسيط الدفع. ويقول إن "تراجع النشاط سيقابله هبوط في أداء القطاع على مستوى الطاقة التشغيلية ونقص في الضرائب التي تحصّلها الدولة".
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي محسن حسن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إصلاح قانون الشيكات كان ضرورة قصوى، وذلك لرد الاعتبار للصكّ كوسيلة للخلاص الحيني وليس الخلاص المؤجّل، غير أن هذا الإصلاح يستوجب تقديم حلول بديلة عاجلة لتجنب الركود الاقتصادي. وحذّر حسن من تداعيات الاستعمال المكثف للنقد "الكاش" وتعاظم الكتلة النقدية، وهو ما يزيد من توسع السوق الموازية ويحبط كل المسار السابق لاحتوائها.
ويعد استعمال الشيك وسيلة دفع مؤجلة تقليداً متجذراً في البيئة الاقتصادية التونسية، حيث قدر عضو لجنة المالية في البرلمان عصام شوشان، حجم المعاملات التجارية التي تسيّر عبر هذه الطريقة بنحو 30% من المعاملات التي تنفذ على السوق التونسية.