استمع إلى الملخص
- يعاني القطاع الخاص غير النفطي من انكماش مستمر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف الطلب، مما أدى إلى تقليص نشاط الشراء والتوظيف، مع توقعات بانخفاض التضخم في الأشهر المقبلة.
- أبدى اتحاد المستثمرين تفاؤله بالتيسيرات الحكومية، مشيراً إلى حلول لتسهيل الأعمال وخفض التكاليف، بينما رفعت شركات الأغذية أسعارها لمواجهة زيادة تكاليف الإنتاج.
توقعت مصادر لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أن يصدر رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عدة قرارات تستهدف إنقاذ الشركات المصرية من مرحلة الركود التي تعصف بها منذ 2020، ووضعها في المنطقة الحمراء، وفقاً لمؤشرات دولية، ترصد واقع الاقتصاد المصري شهرياً. وتشمل القرارات المرتقبة صدورها في اجتماع مجلس الوزراء غداً الأربعاء، إعفاء المصانع من سداد غرامات التأخير المتراكمة من سنوات سابقة، عن دفع فواتير الكهرباء والغاز والمياه والتأمينات الاجتماعية والضرائب والجهات الحكومية، مقابل التزام المصانع بسداد القيمة الأصلية للمتأخرات خلال مدة 90 يوماً.
ووفقاً للمصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، فقد وافقت الحكومة على طلب اتحاد المستثمرين، الذي يمثل جمعيات المستثمرين بالمناطق الحرة والصناعية ومستثمري القطاع الخاص، على تقسيط قيمة توصيلات الغاز الطبيعي للمصانع، على عامين، بدلاً من الدفع الفوري للفواتير، مع إعفاء المصانع من الفوائد، مع تخفيض مبالغ التأمين على قيمة الاستهلاك من شهرين إلى شهر واحد فقط.
انكماش القطاع الخاص غير النفطي
تأتي قرارات الحكومة المرتقبة غداً، في وقت واصل نشاط القطاع الخاص غير النفطي انكماشه للشهر الثالث على التوالي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، متأثراً بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وضغوط تكاليف المواد الناجمة عن ارتفاع سعر الدولار. وكشفت بيانات مؤشر مديري المشتريات الذي أصدرته مؤسسة ستاندرد أند بورز غلوبال، اليوم الثلاثاء، عن بقاء القطاع الخاص غير النفطي في منطقة الركود عند نقطة 49.2 مقترباً من مستوى 50.00 التي تفصل النمو عن الانكماش.
يظهر المؤشر بقاء القطاع الخاص في المنطقة الحمراء، منذ أغسطس/ آب 2024، والذي غادرها لمدة شهرين فقط، بعد أربع سنوات ظل في مرحلة الركود، بدأت مع انتشار وباء كوفيد-19. وأرجع خبراء "ستاندرد أند بورز غلوبال" انخفاض نشاط القطاع الخاص إلى ضعف الطلب المستمر من جانب العملاء بالتوازي مع تراجع حجم الطلبات الجديدة، وهو ما أدى إلى تراجع التفاؤل لدى مديري الشركات المصرية وتوجههم إلى خفض معدل التوظيف.
أدى انخفاض الطلب إلى ظهور بعض الفوائض في المخزون لدى الشركات، وفقاً لتقرير المؤشر الذي بيّن تقليص الشركات المصرية مشتريات مستلزمات الإنتاج. وأكد الخبير الاقتصادي في "ستاندرد أند بورز غلوبال" ديفيد أوين، أنّ تراجع نشاط الشراء والتوظيف يشير إلى أنّ الشركات المصرية لا تتوقع أن تواجه تحديات كبيرة في مستويات الطاقة الإنتاجية في الأشهر المقبلة، ويعكس انخفاض التفاؤل تجاه النشاط المستقبلي أيضاً درجة كبيرة من عدم اليقين في السوق.
وأضاف أوين أنّ الزيادة الأخيرة في قيمة الدولار أكدت الضغوط الإضافية على أسعار المشتريات في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، مبيّناً أنه رغم تراجع ضغوط الأجور انخفضت معدلات التضخم في تكاليف مستلزمات الإنتاج وأسعار الإنتاج إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر، مما يشير إلى احتمام انخفاض التضخم في أسعار المستهلكين خلال الأشهر المقبلة.
الشركات المصرية تترقب
من جانبه، قال نائب رئيس اتحاد المستثمرين صبحي نصر، لـ"العربي الجديد"، تعلقياً على تقرير مؤشر "ستاندرد أند بورز غلوبال"، إنّ "الركود الذي تواجهه الشركات أمر طبيعي في وقت يمرّ به الاقتصاد المصري بأزمات دولية ومرحلة تحوّل هيكلي واسعة، تدفع إلى زيادة معدلات التضخم، وتضغط على العملة المحلية المتأثرة بزيادة الواردات الأساسية وارتفاع التكلفة".
وأبدى نصر تفاؤله في أن "تسفر التيسيرات الحكومية الجديدة عن دفع القطاع الإنتاجي غير النفطي إلى الخروج من مرحلة الركود الطويلة، واستعادة الانتعاش من جديد". وأضاف أنّ "شعور رجال الأعمال بالمخاطر التي تواجهها الدولة، وسط حالة التوتر الجيوسياسي بالمنطقة، وتفهم الحكومة للمشاكل التي تمر بها الشركات ومؤسسات الأعمال، أدى إلى مناقشات جادة، خلال الشهرين الماضيين".
وأشار نصر إلى أنّ "هذه المناقشات أسفرت عن وضع حلول عاجلة، لتسهيل الأعمال وخفض تكاليف الجمارك ورفع الغرامات الكبيرة، التي وضعتها الوزارات المختلفة على إدارات الشركات، والتي كبّلت المصانع لناحية توفير مستلزمات الإنتاج وتخزين احتياجاتهم من موارد التشغيل". وشدد على أنّ "جمعيات المستثمرين بالمحافظات، ستراقب تنفيذ الجهات الحكومية لتنفيذ التعهدات الحكومية التي يدعمها رئيس الوزراء ووزارة الصناعة بقوة، لدفع عمليات الإنتاج وتوفير الوظائف، والحد من رفع أسعار السلع بالأسواق".
في سياق متصل، لجأت شركات الأغذية والمشروبات إلى رفع أسعار منتجاتها بمعدل متوسط يصل إلى 7٪، للمرة الثالثة خلال الربع الأخير من العام الجاري، مدفوعة برغبتها في تحميل المستهلكين جزءاً من أعباء الزيادة بتكاليف الإنتاج، ولا سيما النقل والمحروقات والكهرباء. وتركزت الزيادة في الأسعار على منتجات الألبان والمشروبات والشوكولاتة ومكسبات الطعم ومستحضرات الطبخ، المباعة خلال الأسبوع الجاري، عقب زيادة نفذها كبار الموزعين على الزيوت ومنتجات البلاستيك والمنظفات المنزلية.
وأوضحت دراسة للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أنّ ارتفاع مستوى التضخم في مصر، يؤثر بشدة على مؤسسات الأعمال، والذي يرجع إلى أسباب خارج إرادة القائمين على الشركات، المتمثلة في رفع أسعار المحروقات والطاقة وارتفاع تكلفة الاقتراض، وظهور تباين بين أسعار الصرف في القطاعين الرسمي والموازي.