الشركات الأميركية أمام معادلة صعبة: رفع الأسعار أم مراعاة المستهلكين

الشركات الأميركية أمام معادلة صعبة: رفع الأسعار أم مراعاة المستهلكين

15 مايو 2022
محلات سوبرماكت في نيويورك (Getty)
+ الخط -

رفعت العديد من الشركات الأميركية على اختلافها، من شركات المرطبات إلى شركات الأثاث، خلال الأشهر الماضية، أسعارها بدون أن تواجه الكثير من المقاومة من جانب المستهلكين. لكن مع تصاعد التضخم، تجد نفسها أمام معادلة صعبة.

ويرى الموظف في قطاع الأمن المعلوماتي في ولاية نيويورك، كريس شاف، "أنه على يقين بأن الأسعار ازدادت على كل المنتجات، غير أن الزيادات لا تزال محتملة له". ويقول شاف لوكالة "فرانس برس" إن "من الواضح أنّني أنتبه أكثر من قبل" على الإنفاق.

وفي حال استمر التضخم البالغ حالياً أعلى مستوياته منذ أربعين عاماً في الولايات المتحدة، يعتزم الناشر المقيم في ولاية كونيتيكت (شمال شرق) إريك شوارتز خفض نفقاته عبر الحد من استخدام سيارته ومن ارتياد المطاعم و"زيادة مقدار المعكرونة" في طعامه. وتواجه شركات التوزيع وضعاً صعباً مع زيادة نفقاتها بشكل كبير، في ظل مشكلات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار المواد الأولية ورفع أجور موظفيها. لكن عليها الآن أن تحرص على عدم زيادة أسعارها بشكل كبير حفاظاً على زبائنها.

ولاحظت شركة ألتريا المصنّعة لسجائر مارلبورو أن حصص السوق للسجائر الأدنى سعراً ازدادت في الفصل الأول من السنة. من جهتها، أشهرت شركة أرمسترونغ فلورينغ للأرضيّات الخشبيّة إفلاسها الأحد الماضي، إذ لم تتمكّن من رفع أسعارها بشكل كافٍ للتعويض عن زيادة كلفة المواد الأولية والنقل.

وفي ذات الصدد، أوضح خبير التوزيع في مكتب "إن بي دي" مارشال كوهن أنه مع المساعدات الحكومية وزيادة الأجور ولزوم المنازل في ظل تفشي وباء كوفيد، "أنفق المستهلكون مستويات مرتفعة جداً خلال الوباء"، لكن مع استئناف الإنفاق على النشاطات الترفيهية وزيادة التضخم فإن المستهلكين "يصبحون أكثر انتقائية". وأفادت الشركة بأن مبيعات المنتجات الواسعة الاستهلاك تراجعت في إبريل/ نيسان بنسبة 1% من حيث قيمتها، وبنسبة 7% من حيث الحجم، ويقول كوهن "الناس ينفقون بالقدر ذاته لقاء كمية أقل من المنتجات".

من جانبه رأى نيل سوندرز من مكتب غلوبال داتا أنه "حتى لو أن التضخم بدأ قبل عدّة أشهر، فإن مفعوله بدأ يظهر فعلياً الآن فقط"، لأن المستهلكين أدركوا أنه ليس مؤقتاً. وهم يتفاعلون مع هذا الوضع بشكل متباين بحسب قدراتهم، فيقلص بعضهم النفقات غير الضرورية مثل العطل والاشتراكات بمنصات البث التدفقي، فيما يذهب البعض الآخر إلى حدّ الإحجام عن شراء ملابس أو اختيار العلامات التجارية الأدنى ثمناً.

وعمدت شركة "بروكترآند غامبل" التي تبيع مختلف السلع، من مسحوق الغسيل إلى معجون الأسنان، إلى زيادة أسعارها منذ يونيو/ حزيران، ومن المقرر أن تزيدها أكثر هذا الصيف. وقال مديرها المالي أندريه شولتن، لدى عرض نتائج المجموعة في نهاية إبريل/ نيسان، إن حجم الزيادة وتوقيتها يختلفان لكل فئة من السلع. 

كذلك تقوم شركة كوكا كولا للمشروبات التي تحظى بقاعدة مستهلكين أوفياء برفع أسعارها بشكل منتظم منذ سنة على ضوء زيادة تكاليفها. وقال رئيسها جيمس كوينسي مؤخراً إنه من الأفضل القيام بذلك، طالما أن المستهلكين على استعداد لتقبل هذه الزيادات "بدل أن نتأخر إلى حين حلول الانكماش".

من جانبه قال رئيس شركة تيمبور سيلي للفرش "من الواضح أن السوق تباطأت قليلاً" في شهري مارس وإبريل. ولا تزال المجموعة تعتزم زيادة أسعارها مجدداً في النصف الثاني من السنة، لكنها تؤكد استعدادها لتبديل استراتيجيتها إذا ما سجّلت المبيعات انكماشاً.

وفي مجال الوجبات السريعة، كانت وجبات سلسلة مطاعم ماكدونالدز خلال الفصل الأول من السنة أغلى بمعدل 8% منها خلال الفترة ذاتها من عام 2021، وهي زيادة مقبولة بصورة عامة. لكن المدير المالي للسلسلة كيفين أوزان قال في نهاية إبريل/نيسان "إننا نراقب عن كثب زبائننا ذوي الدخل المتدني للتأكد من أننا ما زلنا نعرض عليهم أسعاراً مناسبة".

ولفت أستاذ التسويق في جامعة بنسيلفانيا جون تشانغ إلى أنه بوسع الشركات أن تزيد أسعارها، إذ إنها على يقين بأن منافسيها يفعلون الأمر نفسه بمواجهة الزيادة ذاتها في الكلفة. لكنه يقول "عليها أن تتثبت من أن ذلك لا يثير استياء زبائنها" وتتبع منظور زيادات صغيرة وبصورة تدريجية أو تقليص حجم الرزمة أو اقتراح منتج جديد أدنى سعراً.

(فرانس برس)

المساهمون