السيسي يبحث التوسع باستصلاح أراضٍ صحراوية تزامناً مع أزمة سد النهضة

السيسي يبحث التوسع باستصلاح أراضٍ صحراوية تزامناً مع أزمة سد النهضة

21 اغسطس 2021
قصب السكر في مصر من المحاصيل التي ستتأثر بسد النهضة (Getty)
+ الخط -

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، اجتماعاً مع كل من وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير ومدير جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة اللواء وليد أبو المجد، تناول "متابعة التوسعات المستقبلية لاستصلاح الأراضي الصحراوية على مستوى الجمهورية، خاصةً في منطقة جنوب الوادي بتوشكي وشرق العوينات".

يأتي الاجتماع في ظل توجه الحكومة المصرية نحو تبوير آلاف الأفدنة الزراعية في العديد من المحافظات بهدف إنشاء مدن سكنية جديدة، في خطوة حذّر مراقبون من أنها ستفاقم من أزمة الزراعة التي تتعرض لمخاطر كبيرة بسبب شح المياه، ولا سيما مع إصرار إثيوبيا على استكمال مخططاتها في تواصل ملء سد النهضة من دون التنسيق مع مصر والسودان.

وفي هذا السياق، بدأت الأجهزة المحلية في محافظة الغربية (شمال العاصمة القاهرة)، في إجراءات تبوير 300 فدان تابعة لوزارة الأوقاف ومن أجود الأراضي الزراعية في المحافظة، من أجل إنشاء مدينة "طنطا الجديدة"، استجابة لتوجيهات السيسي بشأن الحد من المساحات الزراعية، جراء التداعيات السلبية لإنشاء سد النهضة الإثيوبي، وتراجع حصة البلاد من مياه النيل.

وبحسب مراقبين، فإنّ مدينة طنطا الجديدة ستكون مقدمة لتبوير الآلاف من الأفدنة الزراعية، بحجة إنشاء المدن السكنية الجديدة في مختلف المحافظات، وسط توقعات بفقد مصر نحو 20 مليار متر مكعب من حصتها المائية، البالغة حالياً نحو 55.5 مليار متر مكعب، في حال ملء السد الإثيوبي خلال فترة زمنية قصيرة، أي ما يعني فقدها قرابة أربعة ملايين فدان زراعي.

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، في بيان، إنّ اجتماع السيسي اليوم تناول "متابعة التوسعات المستقبلية لاستصلاح الأراضي الصحراوية على مستوي الجمهورية، خاصةً في منطقة جنوب الوادي بتوشكي وشرق العوينات، حيث تم عرض الجهود المشتركة لمختلف جهات الاختصاص في ما يتعلق بالدراسات ذات الصلة بمشروعات التنمية الزراعية في منطقة جنوب الوادي، والتوسعات المستقبلية المقترحة في هذا الصدد، خاصةً صلاحية وجودة التربة ونسبة الملوحة وتوفير مصادر المياه، وذلك بهدف إقامة مشروعات تنموية مستدامة حول تلك المناطق، وكذا الاستفادة من الجزء الأكبر من المياه التي تفقد بها".

وأشار المتحدث إلى أنه "تم عرض المشروع الخاص بالزراعة المتكاملة في واحة سيوة، حيث وجه الرئيس بتحقيق الاستغلال الأمثل من خلال هذا المشروع للخصائص الطبيعية المتميزة بالمنطقة، خاصةً عيون المياه النقية وجودة الأرض والظروف المناخية المؤاتية، وذلك بالتنسيق بين كافة الجهات المعنية، مع تزويد المنطقة بالخدمات الرئيسية بما يساعد على تنمية المجتمع هناك بصورة مستدامة".

واتجهت الحكومة إلى تحويل أراض زراعية إلى أراضٍ سكنية، ومنها محطة بهتيم للبحوث الزراعية (380 فداناً)، إذ ‏ذهبت ‏لجنة من القوات المسلحة في وقت سابق لرفع إحداثيات أرض المحطة، من دون علم ‏القائمين ‏عليها، لإدراجها ضمن مشروعات التطوير العقاري لمدينة شبرا ‏الخيمة.‏

كما ذهبت إلى محطة كفر حمام ‏للبحوث الزراعية بمحافظة الشرقية (شمال) لجان مساحية لرفع إحداثيات أرض المحطة (36 فداناً) بهدف ‏إنشاء عمارات سكنية، بحسب رد مسؤولي اللجان على تساؤلات ‏باحثي المحطة، وفي محطة بحوث ‏الدواجن ‏بالإسكندرية (شمال) البالغة مساحتها 12 ‏فداناً، ‏وردت معلومات لمسؤولين بالمحطة بتحويلها ‏إلى منطقة ‏سكنية.‏

وكان مجلس النواب المصري قد وافق، نهائياً، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن الموارد المائية والري، والذي استهدف حظر زراعة المحاصيل "الشرهة للمياه"، وفرض غرامات مالية كبيرة على المزارعين مقابل الاستفادة من الموارد المائية، ومنح تراخيص استخدام ماكينات رفع المياه، فضلاً عن تحميلهم نسبة 10% من قيمة تكاليف إنشاء شبكات المصارف المغطاة وإحلالها وتجديدها.

وحسب دراسات حديثة، من التأثيرات السلبية المتوقعة لملء سد النهضة التناقص الحاد في المساحات المزروعة بالمحاصيل الشرهة للمياه، وعلى رأسها زراعة قصب السكر والأرز، وهما من المحاصيل الاستراتيجية الهامة في مصر.

كما ستتأثر زراعة محاصيل الخضر والفاكهة، وكذلك الحبوب، مثل القمح والذرة الصفراء، وبالتالي، زيادة أسعار الأعلاف، وتحميل الاقتصاد المصري تبعات ذلك بالاستيراد من الخارج لتغطية احتياجات المواطنين.

من ناحية أخرى، قال المتحدث الرسمي إنّ اجتماع اليوم شهد كذلك "عرض الموقف التنفيذي للشركة المصرية للتعدين وإدارة واستخدام المحاجر والملاحات، خاصةً ما يتعلق بدراسة حوكمة وإعادة هيكلة الشركة، بما فيها الوحدات الإنتاجية التابعة لها على مستوى المحافظات، ومصانع الرخام والجرانيت وخطوطها الإنتاجية لاستخراج المواد الخام، ولتحقيق الاستغلال الأمثل لمنظومة المحاجر على مستوى الجمهورية، فضلاً عن زيادة القيمة الاقتصادية للمواد المحجرية المستخرجة".

وقد وجه السيسي في هذا الإطار بأن تساهم الشركة بهيكلها الجديد في حسن إدارة استغلال الثروة المعدنية في مصر، من خلال استخراج المواد الخام وتصنيعها، وذلك في إطار استراتيجية الدولة الثابتة للاستفادة من الخامات الطبيعية المتوفرة في مصر، بما يساهم في تعظيم قيمتها المضافة لصالح الاقتصاد الوطني والدخل القومي، وكذا يعزز من الخطة الصناعية الشاملة للدولة وجهود خلق مجتمعات عمرانية جديدة، عن طريق توفير الاحتياجات اللازمة من منتجات الخامات الأولية على المستوى المحلي، بما يخفف من فاتورة الاستيراد ويوفر العملة الصعبة.

المساهمون