السيارات الأوروبية وألمانيا الأكثر تضرراً من اتفاق الرسوم مع ترامب
استمع إلى الملخص
- تتأثر ألمانيا بشكل خاص، حيث تعتمد على صادرات السيارات للسوق الأميركي، مما سيكلف الشركات الألمانية مليارات اليورو سنوياً ويشكل عبئاً في مرحلة التحول التكنولوجي.
- رغم ارتفاعات لحظية في أسهم شركات السيارات، إلا أن الاتفاق يزيد من عدم اليقين ويهدد القدرة التنافسية الأوروبية في السوق الأميركي، ويؤخر خطط البحث والتطوير.
رغم ما أعلنه قادة بالاتحاد الأوروبي من ارتياح مشروط عقب توقيع الاتفاق الجمركي مع الولايات المتحدة، فإن قطاع السيارات الأوروبية تحديدا يواجه أزمة هيكلية جديدة. فالاتفاق الذي فرض رسوما بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية إلى السوق الأميركية، مقارنة برسوم سابقة لم تتجاوز 2.5%، يعد ضربة مباشرة لأحد أعمدة الاقتصاد الصناعي في كل من ألمانيا وفرنسا، إذ تأتي الرسوم في توقيت حساس يتزامن مع تحولات كبرى في صناعة السيارات الأوروبية، أبرزها التحول نحو السيارات الكهربائية، وتراجع الطلب العالمي بفعل التضخم.
وتعد ألمانيا من أكثر الدول تضررا من هذه الرسوم، نظرا لاعتمادها الكبير على صادرات السيارات إلى السوق الأميركي. وأكدت رابطة صناعة السيارات الألمانية أن الرسوم الأميركية الجديدة "ستكلف الشركات الألمانية مليارات اليورو سنويا"، سواء من خلال انخفاض المبيعات نتيجة ارتفاع الأسعار النهائية، أو من خلال تقلص هوامش الأرباح. وقالت رئيسة الرابطة، هيلديغارد مولر، في بيان صحافي، أمس الاثنين: "من الإيجابي أننا تفادينا تصعيدا أكبر (15% بدلا من 30%)، لكن الرسوم المفروضة ستشكل عبئا ثقيلا على الشركات في مرحلة التحول التكنولوجي التي تمر بها الصناعة".
وبالتزامن مع توقيع الاتفاق، شهدت أسهم شركات السيارات الكبرى ارتفاعات لحظية في البورصات الأوروبية، إلا أن النتائج المالية المرتقبة تشير إلى تأثير سلبي مؤكد على الإيرادات. فقد أعلنت شركة أودي، التابعة لمجموعة فولكسفاغن، عن خفض توقعات إيراداتها السنوية بقيمة 2.5 مليار يورو، وتراجع هامش الربح التشغيلي المتوقع إلى ما بين 5% و7% بدلا من 7% إلى 9%، وفق رويترز. أما مجموعة فولكسفاغن فقد أعلنت عن خسائر بلغت 1.3 مليار يورو في النصف الأول من العام، مرتبطة بشكل مباشر بتكاليف الرسوم الجمركية الجديدة.
من جهتها، سجلت أسهم مرسيدس-بنز ارتفاعا بنسبة 1.8%، لكنها أبقت على أسعار موديلات عام 2025 في السوق الأميركي مجمدة حتى إشعار آخر، مع الإشارة إلى أن الشركة تتوقع زيادات ملحوظة في الأسعار خلال الفترة المقبلة، وفق ما أكدته تصريحات لمتحدث باسم الشركة نقلتها وكالة أسوشييتد برس. كما ارتفع سهم بورشه بنسبة 1.7%، بينما سجلت شركة ستيلانتيس، التي تجمع علامات من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، مكاسب بنسبة 1.2%. ووفق بيانات رسمية، تمثل صادرات السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة ما يتجاوز 22 مليار يورو سنويًا، بينما تُشكّل الصناعة بأكملها نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي الألماني، وتوظف قرابة 800 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر، مما يجعل أي تغيير في شروط التصدير إلى السوق الأميركي مصدر ضغط كبير على النمو والعمالة والاستثمار في هذا القطاع.
الاتفاق التجاري الأخير لا يتضمن أي جدول زمني واضح لتقليص الرسوم لاحقا، كما لا ينص على إعفاءات تدريجية أو مراجعات دورية. وفي تصريحات نقلتها رويترز، أكدت الإدارة الأميركية أن البيت الأبيض يحتفظ لنفسه بحق رفع الرسوم مستقبلاً إذا اعتبر أن أوروبا لم تلتزم بتعهداتها الاستثمارية ضمن الاتفاق، ما يزيد من حالة عدم اليقين لدى الشركات المصنعة، ويجعل من التخطيط طويل الأمد أمرا أكثر صعوبة.
ويخشى مراقبون اقتصاديون أن يؤدي هذا الوضع إلى فقدان صانعي السيارات الأوروبيين قدرتهم التنافسية في السوق الأميركي، في وقت تتجه فيه الشركات الآسيوية والأميركية إلى تسريع الإنتاج المحلي وخفض التكاليف. كما حذر خبراء من أن الضغط على هوامش الأرباح قد يؤخر خطط البحث والتطوير، خصوصا في مجال السيارات الكهربائية والذكية، وهو ما يضعف قدرة الشركات الأوروبية على مواكبة التحول التكنولوجي العالمي.