السوريون... يا فرحة ما هانت

السوريون... يا فرحة ما هانت

29 سبتمبر 2020
الفساد المالي والسياسي أفقر السوريين (فرانس برس)
+ الخط -

سبقت السوق السورية، كما العادة، زيادة الرواتب والأجور برفع بالأسعار، ليعيد تاريخ كل زيادة نفسه، سواء لجهة زيادة التضخم النقدي وغلاء الأسعار، أو تفقير السوريين بعد منّة وعطاء القائد الرمز بشار الأسد.

فما أن لمّح رئيس حكومة بشار الأسد، حسين عرنوس إلى نوايا الحكومة بزيادة الرواتب وفق شرائح "الزيادة قولاً وفعلاً" رغم الشرطية بكلامه "حسب الإمكانات المتاحة" حتى التهبت الأسعار ليستغل تجار الأزمة غياب الرقابة وفوضى الأسواق ويدفع المستهلك الضريبة من جوعه مرتين.

فالمواطن السوري المصنّف وفق موقع "World By Map" الأفقر عالمياً، إثر تثبيت دخله عند متوسط 50 ألف ليرة (أقل من 20 دولاراً) وزيادة إنفاق الأسرة عن 500 ألف ليرة، يتطلع للزيادة المزعومة، بقلب وأيد مرتجفة، لأنه اختبر هذه التجارب مراراً مذ رأى نظام الأسد أنّ ثورة كرامة السوريين هي ثورة جياع، فقد زادت الأجور في 24 مارس/ آذار 2011، أي بعد أسبوع من انطلاقة الثورة، لتستمر جوائز ترضية الأجور حتى نهاية العام الماضي، وقد عرف السوري أنّ بعد كل زيادة نظرية، أعباء وضرائب جديدة سيدفعها من معدته ليجني أنصار الأسد من سماسرة وتجار، ثمار اللعبة المالية وترويج أن الأسد بألف خير.

قصارى القول: تصدرت سورية بحكم الأسد الوريث، ذيل المؤشرات الاقتصادية العالمية، إن لجهة البطالة التي تزيد عن 83% أو الفقر الذي ناف على  90% فوصل، بحسب برنامج الأغذية العالمية، الجوع إلى نحو 9.3 ملايين، منهم 1.4 مليون خلال الأشهر الفائتة من العام الجاري، بعد ارتفاع الأسعار بأكثر من 200% وخسارة الليرة أكثر من 300% من قيمتها.

هذا طبعاً، إن لم نوسع الرؤية لنتكلم عن إنجازات الوريث الأسد بتبديد موارد الدولة ورهن وبيع ثرواتها ومقدراتها، للروس والإيرانيين، أو لم نشر إلى آخر تقرير حول خسائر الحرب على الثورة التي شنها الأسد منذ مارس/ آذار 2011، ولم تتوقف حتى اليوم، فلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا" قدرت قبل أيام، بالتعاون مع "مركز الدراسات السورية" في جامعة "سانت آندروز" البريطانية، حجم الخسائر الاقتصادية بنحو 442 مليار دولار.

نهاية القول: من التضليل والمراهقة ربما، النظر إلى تحسين الواقع المعيشي للسوريين، عبر زيادة بضع آلاف من الليرات، بعد بلوغ سورية أقصى قيعان الدمار، فما يسلط عليه الضوء، من مؤشرات ونسب، بما فيها انخفاض مؤشر التنمية البشرية بعد تحول سورية لمظلة البلدان المنخفضة، هي، بقصد أو مصادفة، ملهاة لصرف النظر عن حجم التفقير والإذلال الذي يعيشه سوريو الداخل والتشتت والضياع الذي يكسو المهجرين والنازحين الذين نافوا على نصف عدد السكان.

وأما إن انسلخنا ولو جدلاً، عن الظروف والواقع والأفق المسدود، لنسأل عمّا يمكن أن تحدثه الزيادة العتيدة، فلا مهرب من عقابيل كارثية منتظرة، لأنها سترفع من الأسعار عبر زيادة ضخ عملة لم تزل على قيد التداول لأسباب سياسية، ما سيزيد من فقر السوريين وتضخم عملتهم.. وتكرارها أهزوجة بعد كل زيادة، يا فرحة ما هانت يا ليتها ما كانت.