السودان: غلاء طاحن بعد إلغاء الدولار الجمركي

السودان: غلاء طاحن بعد إلغاء الدولار الجمركي

25 يونيو 2021
التضخم وصل إلى مستويات غير مسبوقة (فرانس برس)
+ الخط -

تطل موجة غلاء طاحنة في السودان، وشلل بأسواق مختلف السلع، في أعقاب إلغاء وزارة المالية العمل بنظام الدولار الجمركي المخفَّض، الذي على أساسه يتم حساب رسوم الاستيراد، وذلك في إطار حزمة قرارات يطلبها صندوق النقد الدولي.

وقفز سعر الدولار الجمركي إلى نحو 440 جنيهاً حالياً، ليعادل السعر الرسمي للعملة الأميركية في البنك المركزي، بينما كان محدداً قبل قرار وزارة المالية، يوم الثلاثاء الماضي، بنحو 28 جنيها.

وطبقت هيئة الجمارك السودانية زيادات متكررة على الدولار الجمركي منذ السابع عشر من مارس/ آذار الماضي الذي وصل خلاله إلى 20 جنيهاً للدولار، بزيادة بلغت نسبتها 33% عن السعر السابق المحدد بـ 15 جنيها، ثم أعلنت زيادة تالية في الأول من إبريل/ نيسان بنسبة 40% ليبلغ 28 جنيها للدولار، قبل أن يتم إلغاؤه أخيراً ويقفز بنسبة 1471% مقارنة بآخر سعر.

وقالت وزارة المالية في الحكومة الانتقالية، إنها تطمئن المواطنين إلى أن قرارها الأخير لن يتسبب في ارتفاع أسعار السلع الأساسية المستوردة أو أسعار المدخلات الزراعية أو الصناعية.

لكن سرعان ما شهدت انفلاتاً في أسعار العديد من السلع وتوقف التجار عن بيع الكثير من المنتجات لا سيما المرتبطة بالاستيراد انتظاراً لرفع أسعارها، بينما زادت بالأساس أسعار العديد من السلع قبيل صدور القرار ومنها السيارات.

انفلات في أسعار العديد من السلع وتوقف التجار عن بيع الكثير من المنتجات لا سيما المرتبطة بالاستيراد انتظاراً لرفع أسعارها

وقال فتح الرحمن عبدالله، تاجر في السوق العربي بالخرطوم لـ"العربي الجديد"، إن إلغاء الدولار الجمركي يتسبب في غلاء طاحن، في ظل الارتفاع الكبير الذي تسجله أسعار السلع النهائية المستوردة، وكذلك المنتجات المحلية التي يتم استيراد خاماتها من الخارج، مشيرا إلى أن هذا الوضع يعمق الركود في ظل انهيار القدرات الشرائية لمعظم المواطنين. ولفت إلى توقف عدد كبير من التجار عن البيع خوفاً من التعرض للخسائر.

وقال عادل عبد المنعم، الخبير الضريبي، إن إلغاء الدولار الجمركي يؤدي إلى تداعيات سلبية كبيرة على المدى القصير، تتمثل في ارتفاع حاد لأسعار السلع واضطراب المعاملات الاقتصادية، خاصة أن سعر صرف الدولار يحدد وفقا لأسعار العملات الحرة في ذات اليوم الذي تُجرى فيه المعاملة.

وأضاف عبد المنعم أن خطورة "القرار تكمن في صعوبة تراجع الحكومة عنه حال عجزها عن مجاراة السوق الحر في تحديد أسعار الدولار الجمركي، لأن تراجعها عن مجاراة الأسعار في السوق سيقلل من إيراداتها الجمركية بسبب إلغاء العديد من الرسوم عن بعض السلع وخفضها في سلع أخرى".

بدوره، أكد عثمان التوم، المحلل المصرفي، أن إلغاء الدولار الجمركي سيزيد من تكلفة السلع والبضائع والخدمات التي تقدم للمواطنين، كما أن الحكومة نفسها ستضطر للّجوء إلى دعم نفسها باستمرار معاملاتها الخاصة بالسعر السابق البالغ 28 جنيها للدولار أو سداد جمارك أعلى على السلع التي تستوردها، ما يزيد الإنفاق الحكومي.

لكن الفريق صلاح الدين الشيخ، الذي كان يعمل مديرا عاما في الجمارك سابقا، اعتبر أن "إلغاء الدولارالجمركي سليم في إطار سياسة توحيد سعر الصرف التي تبنتها الحكومة الانتقالية، وأن تطبيقه تأخر كثيراً بعد ارتفاع السعر الرسمي للدولار في بنك السودان لأكثرمن 400 جنيه".

في المقابل، قال عبدالقادر محمد أحمد، الأمين العام السابق لديوان الضرائب السوداني، إن الدولار الجمركي آلية مستحدثة لتقليل التضخم وبالتالي لا يمكن تعويمه لأنه ليس عملة.

وتنفذ الحكومة الانتقالية إجراءات تصفها بالإصلاحية وفق اشتراطات لصندوق النقد الدولي، توقعا لإلغاء معظم ديون البلد التي تبلغ 50 مليار دولار على الأقل.

بينما يلقي الكثير من المحللين باللوم على هذه السياسات في انفلات الأسعار، حتى قفز معدل التضخم في مايو/ أيار الماضي إلى 379%.

المساهمون