السودان: عقبات تواجه تأسيس بورصة الذهب والمعادن

السودان: عقبات تواجه تأسيس بورصة الذهب والمعادن

13 يوليو 2021
الحكومة تسعى إلى الحد من عمليات تهريب الذهب (فرانس برس)
+ الخط -

مشكلات عديدة تواجه تأسيس بورصة للذهب والمعادن في السودان، ضمن مساعٍ حكومية للسيطرة على موارد المعدن الأصفر والاستفادة من عائداتها، خاصة في ظل انفلات الدولار ووجود أسعار متعددة له عقب تحرير سعر الصرف.
وأصبح عدم استقرار الجنيه السوداني يشكل هاجسا كبيرا ويؤثر بصورة مباشرة على حياة الناس والاقتصاد السوداني رغم محاولات الحكومة الانتقالية الحد من تدهور العملة المحلية.
وذكر وكيل وزارة المعادن عبد الله كودى، في تصريحات صحافية أخيراً، أن بلاده شرعت فعليا في تأسيس بورصة للذهب والمعادن الأخرى لأول مرة في تاريخها، وأجازت اللجنة الفنية بمجلس الوزراء بالفعل تأسيس هذه البورصة.
وأكد كودى، في تصريحات نقلتها وكالة السودان للأنباء الرسمية، أن العمل في إنشاء بورصة الذهب والمعادن يسير بصورة طيبة، مضيفاً: "يأتي ذلك استجابة لقرار اتخذته الحكومة الانتقالية في وقت سابق، بإنشاء بورصة للذهب والمحصولات الزراعية ضمن مساعٍ للسيطرة على الموارد الهامة والاستفادة من عائداتها".
خروج الشركات الحكومية
وبالنظر لهذا القرار، فإن مسؤولين ومحللي اقتصاد يرون أن على الجهات الرسمية توضيح كيفية إنشاء البورصة وتنفيذها في ظل الراهن الاقتصادي، موضحين أن أهميتها تتمثل في الحد من عمليات تهريب الذهب الذي فقدت الدولة السيطرة عليه طيلة السنوات العشر الأخيرة.

وقال الأمين العام لشعبة مصدري الذهب عبد المولى حامد القدال، لـ"العربي الجديد"، نحن من أنصار أن يكون الذهب بنظام الدفع المقدم والحصائل تأتي مقدما قبل تصدير الذهب.
وطالب بتسهيل إجراءات خروجه من مناطق الإنتاج إلى مكتب الخرطوم لتجهيز المقابل المحلي، وبالتالي ستصب المبالغ المحولة في مصلحة الدولة.
وشدد القدال على ضرورة خروج الشركات الحكومية من مناطق الإنتاج وكافة التدخلات، قائلاً: نطمح في أن يكون دور بنك السودان المركزي رياديا بوضع القوانين والتشريعات ومراقبة البنوك ومتابعة حركتها. ويضيف أن البورصة العالمية تحتاج إلى عدة ثوابت وتشمل تحديد سعر الصرف واستقراره.
وتساءل القدال "هل عملت الدولة على توفير متطلبات البورصة؟ وطالب الجهات الرسمية التي أصدرت قرار إنشاء البورصة بضرورة توضيح كيفية تنفيذ البورصة، لكنه قال إنها في ظل الاقتصاد الحر مفيدة جدا؟"، لكنه يرى أنها في ظل الأوضاع الراهنة في السودان لا تحقق أي هدف طالما سعر الصرف غير موحد.
دراسة جدوى
رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك حسين القوني طالب بأن تكون هناك دراسة جدوى اقتصادية وبيئية تشارك فيها كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة والقطاع التعديني المتمثل في (الإنتاج، التسويق، التصدير، شركات، أفراد، بنك السودان).
ولفت إلى أن إنشاء البورصة فيه فوائد متعددة لصالح الدولة والاقتصاد والميزان التجاري وتوفير النقد الأجنبي لأغراض الاستيراد ومقابلة الالتزامات بالعملات الحرة.
وبحسب القوني فإن البورصة ستحد من عمليات تهريب الذهب، كما أن عمليات الشراء والبيع فيها ستكون بناء على الأسعار العالمية، وعليه لن تكون هناك أي مكاسب مالية للمهربين وبالتالي ستتوقف عمليات التهريب.
ويعدد القوني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أهم الفوائد المتمثلة في "وقف التهريب وبالتالي وقف نزيف موارد الدولة وزيادة حجم الصادرات، وتحسين الميزان التجاري، وتوفير النقد الأجنبي، وتقليل الاعتماد على السوق الموازية".

رئيس اللجنة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك حسين القوني طالب بأن تكون هناك دراسة جدوى اقتصادية وبيئية تشارك فيها كافة الجهات الرسمية ذات العلاقة والقطاع التعديني

ومن جانبه، يرى الاقتصادي والأكاديمي عصام الدين عبد الوهاب بوب أن بورصة المعادن والذهب ترتبط ارتباطا وثيقا بكل البورصات في أي بلد، وبالتالي ستكون فيها مضاربات وعرض وطلب حسب رغبات البائع والمشتري.
ويعتبر بوب في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن البورصة واحدة من أهم الأدوات الأساسية لحركة رأس المال الضرورية لتحريك الدورة الاقتصادية. ويضيف: بطبيعة الحال الارتباط بين البورصات العالمية والقومية يعطي أقرب سعر حقيقي للسلطة حسب الطلب العالمي.
ويؤكد في الوقت نفسه أنها بمثابة فرصة للمستثمرين للدخول إلى البلاد، واصفا الوضع الاقتصادي الحالي بالحرج والفوضوي في ظل عدم وجود سياسات مستقرة بالنسبة للأداء الحكومي.

احتكار التصدير
أما الخبير الاقتصادي زين العابدين الشيخ، فأرجع فكرة تأسيس البورصة لعدم تمكن السودان من السيطرة على عائد صادر الذهب لأكثر من عشر سنوات.
وطالب بضرورة فك احتكار التصدير الذي كانت تسيطر عليه الدولة عن طريق بنك السودان المركزي، وخاصة أن تحديد أسعار غير مرضية للمنتجين يجعل تدفق الذهب السوداني إلى الأسواق الخارجية لا يتم بانسيابية تامة وطرق مؤسساتية.
ويبين الخبير الاقتصادي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تحرير شراء وبيع الذهب عبر البورصة يمكن أن يساهم في تنمية وتحسين الاقتصاد السوداني خلال المستقبل القريب.
ويقول الشيخ: بلا شك يؤدي ذلك إلى فك الاختناقات وحل العديد من الأزمات في حال تطبيق الفكرة بشكل جيد، متوقعا أن يكون هناك تعامل وفقاً للسوق العالمي الذي تتحكم فيه قوة العرض والطلب العالمية.

المساهمون