السعوديون لا يشعرون بانخفاض التضخم... تعرف على الأسباب

26 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 09:42 (توقيت القدس)
تراجع التضخم خلال يوليو إلى 2.1% (عمر سالم/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت السعودية تراجعًا طفيفًا في معدل التضخم إلى 2.1% في يوليو، لكن ارتفاع قطاع الإسكان والطاقة بنسبة 5.6% سنويًا، مدفوعًا بزيادة إيجارات السكن بنسبة 6.6%، يظل المحرك الأساسي للتضخم نظرًا لوزنه الكبير في مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 25.5%.

- تباينت أسعار السلع والخدمات، حيث ارتفعت بنسبة 4.3%، بينما انخفضت في قطاعات مثل الأثاث والملابس والنقل، مما يخفف قليلاً من حدة التكاليف على المستهلكين.

- يشير الخبير الاقتصادي علي أحمد درويش إلى أن التراجع في معدل التضخم لا يغير بشكل ملموس الواقع المعيشي للمستهلكين، خاصة مع استمرار ارتفاع الإيجارات، مما يؤثر بشكل أكبر على ذوي الدخل المنخفض أو المتوسط.

رغم التراجع بمعدل التضخم في السعودية خلال يوليو/ تموز الماضي إلى 2.1% مقارنة بـ2.3% في يونيو/ حزيران السابق، لم تشهد الأسواق تغييراً جذرياً على مستوى الأسعار بشكل عام، وهو ما يكشفه التوزيع القطاعي للتضخم في المملكة.
فقطاع الإسكان والطاقة (السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود)، هو المحرك الأساسي للتضخم في المملكة، وسجل ارتفاعاً بنسبة 5.6% على أساس سنوي، مدفوعاً بزيادة إيجارات السكن بنسبة 6.6%، وخاصة ارتفاع إيجارات الفلل بنسبة 6.4%، حسب تقرير صادر عن الهيئة العامة للإحصاء السعودية.

ويمثل هذا القطاع وزناً كبيراً في مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 25.5% من السلة الاستهلاكية، ما يجعل تأثيره على التضخم الكلي كبيراً نسبياً، بحسب التقرير ذاته، الذي وضع ذلك في سياق مقارن مع القطاعات الأخرى، حيث شهدت أسعار الغذاء والشراب زيادة متواضعة بلغت 1.6%، مع ارتفاع ملحوظ في أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 2.6%.

كما ارتفعت أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 4.3%، لا سيما المجوهرات والساعات والتحف الثمينة التي شهدت زيادة حادة بأكثر من 24%، وفي المقابل شهدت بعض القطاعات انخفاضاً في الأسعار، مثل الأثاث والأدوات المنزلية (-2%)، والملابس والأحذية (-0.4%)، وقطاع النقل (-0.3%)، بسبب تراجع أسعار شراء المركبات، حسبما أورد تقرير نشرته "سعودي جازيت".

وإزاء ذلك، فإن المواطن السعودي قد لا يشعر بتراجع ملموس في التضخم بسبب استمرار الضغوط السعرية في قطاع السكن، الذي يؤثر بشكل كبير على تكاليف المعيشة، خاصة مع ارتفاع الإيجارات، ولكن الركود النسبي أو الانخفاض في أسعار بعض السلع والخدمات، إلى جانب استقرار الأسعار شهرياً، من شأنه أن يخفف قليلاً من حدة التكاليف على المستهلكين، حسب تقدير نشره "إيكونومي ميدل إيست".
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي علي أحمد درويش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن التراجع في معدل التضخم بالسعودية خلال يوليو الماضي يؤشر إلى تباطؤ في وتيرة ارتفاع الأسعار، ما يعني أن الضغوط التضخمية أصبحت أقل حدة، وإن بقيت موجودة، وهو ما قد يُنظر إليه باعتباره مؤشراً إيجابياً على صعيد الحفاظ على القوة الشرائية، لكن أثره يظل محدوداً ومتبايناً حسب شرائح الدخل وطبيعة الإنفاق لدى المواطنين.

ويوضح درويش أن هذا الانخفاض لا يعد كبيراً بما يكفي لتغيير الواقع المعيشي للمستهلك بشكل ملموس، فنسب التضخم المنخفضة لا تنعكس فوراً على جميع بنود الميزانية المنزلية، خاصة تلك التي تُحدد سنوياً مثل الإيجارات، إذ تشهد أسعار الإيجار في المملكة ارتفاعاً مستمراً، ولا يخضع هذا البند للتغيرات الشهرية في معدل التضخم، ما يجعله عبئاً متزايداً على كاهل المستأجرين.

ويلفت درويش، في هذا الصدد، إلى أن نفقات الإيجار تمثل نحو 25% من ميزانية الأسرة السعودية، ما يجعل تأثير تراجع التضخم محدوداً جداً على هذه الشريحة، بل قد لا يشعر به المواطن العادي في حياته اليومية وأموره المعيشية.

وفي المقابل، يبين درويش أن بعض المستهلكين يمكن أن يستفيدوا بشكل طفيف من انخفاض التضخم، خاصة في بنود مثل السلع الغذائية أو المفروشات أو المواد الاستهلاكية الأخرى التي شهدت تباطؤاً في ارتفاع أسعارها، لكن هذا التأثير يظل محدوداً ومحصوراً في فئات معينة، حسب تقديره، مؤكداً أن درجة الاستفادة من هذا التراجع تعتمد بشكل مباشر على هيكل الدخل والإنفاق لكل أسرة.

فالمواطنون المنتمون إلى شرائح دخل منخفضة أو متوسطة، خاصة من يعتمدون منهم على رواتب ثابتة، هم الأكثر تأثراً بالتقلبات الاقتصادية، بخلاف أصحاب الأعمال أو من تتنوع مصادر دخلهم، حسب درويش، الذي يخلص إلى أن الأثر الحقيقي لتراجع التضخم يتطلب استقراراً أطول أمداً في الأسعار وسياسات داعمة تراعي توزيع الأعباء بين بنود المصاريف الأساسية، خاصة تلك التي لا تتأثر بالتقلبات الشهرية في المؤشرات الاقتصادية.

المساهمون