استمع إلى الملخص
- مشاركة سورية في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي تعزز الثقة مع الاقتصاد السوري، ودفع المتأخرات خطوة رمزية لعودة سورية إلى المؤسسات المالية الدولية، مع تعيين رون فان رودن رئيسًا لبعثة صندوق النقد الدولي إلى سورية.
- تسعى السلطات السورية إلى دعم دولي لمعالجة تداعيات العقوبات الدولية، وتركيا تعمل مع شركائها لرفع العقوبات عن دمشق، مع التركيز على الاستقرار والسيادة السورية.
أعلنت وزارتا المالية في قطر والسعودية عن سداد متأخرات سورية لدى مجموعة البنك الدولي، التي تبلغ نحو 15 مليون دولار. وجاء في بيان صحافي مشترك لوزارتي المالية في البلدين، الأحد، أن السداد يأتي "استمراراً لجهود السعودية ودولة قطر في دعم وتسريع وتيرة تعافي اقتصاد الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وفي ضوء ما تمت مناقشته خلال اجتماع الطاولة المستديرة بشأن سورية على هامش اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".
وأشار إلى أن سداد المتأخرات "سيمكن من استئناف دعم مجموعة البنك الدولي لسورية، بعد انقطاع دام لأكثر من أربعة عشر عاماً"، كما سيتيح "حصول سورية على مخصصات من البنك الدولي في الفترة القريبة القادمة لدعم القطاعات الملحّة، إضافة إلى الدعم الفني الذي سيساهم بدوره في إعادة بناء المؤسسات وتنمية القدرات وإصلاح السياسات لدفع وتيرة التنمية"، بحسب البيان المشترك.
ودعت السعودية وقطر، في البيان، المؤسسات المالية الدولية والإقليمية إلى "سرعة استئناف وتوسيع أعمالها التنموية في سورية وتضافر جهودها ودعم كل ما من شأنه تحقيق طموحات الشعب السوري الشقيق لمستقبل واعد".
عودة سورية للمؤسسات المالية الدولية
اعتبر الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة قطر جلال قناص أن مشاركة سورية، الأسبوع الماضي، في الاجتماع السنوي لصندوق النقل الدولي والبنك الدولي خطوة إيجابية بعد انقطاع دام أكثر من 20 سنة، ما يعزز إعادة بناء الثقة مع الاقتصاد السوري. وأشار قناص في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن دفع الدولتين مبلغ الـ15 مليون دولار قد يكون أمراً رمزياً، لكنه حجر أساس لإعادة بناء جسور الثقة مع الاقتصاد السوري، وعودة دور سورية في الاقتصاد الدولي والمؤسسات المالية الدولية.
وأشاد قناص بتعيين رون فان رودن رئيسًا لبعثة صندوق النقد الدولي إلى سورية، مؤكدا أنه اكتسب خبرةً واسعةً في العمل مع الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية وما بعد الصراع، مثل أفغانستان والعراق واليمن وأوكرانيا، ما يساعده في قراءة الوضع الاقتصادي السوري جيداً. وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية قد بحث مع وفد تقني متخصص في القطاع المالي والنقدي من قبل البنك الدولي سبل تعزيز العلاقات المالية، وتطوير وتحديث مجالات العمل المختلفة في المصارف السورية، وأشار إلى الآثار السلبية التي لحقت بالقطاع المالي والمصرفي جراء سياسات النظام البائد والعقوبات الدولية المفروضة على سورية.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة دراسة فنية وتشخيص للواقع النقدي والاقتصادي، وأن الدعم القطري والسعودي سيركز على موضوع رفع العقوبات، مع فصل الجانب الاقتصادي عن الجانب السياسي حتى تتمكن الدولة السورية من إعادة بناء البنية التحتية، وتحسين مستوى المعيشة للأفراد، تمهيدا لإعادة تشكيل البيئة الاستثمارية.
وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي في الدوحة، الأحد، إلى أن العقوبات على دمشق تعيق الاستقرار، وأن تركيا تبذل جهودا مع شركائها لرفعها، كما أكد التنسيق مع قطر لتحقيق الاستقرار وتطهير سورية من الإرهاب، ورفض أي تدخل يمس السيادة السورية أو التسلّح خارج إطار الدولة، وقال فيدان إن بلاده تأمُل برؤية بيئة توفر حقوقا متساوية لجميع المكونات الإثنية والدينية للشعب السوري.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، تبلغ ديون سورية المستحقة للبنك الدولي 15 مليون دولار، وهو مبلغ يجب سداده قبل أن تتمكن البلاد من الحصول على أي منح أو مساعدات مالية إضافية، أما الدين الخارجي لسورية، فقد ارتفع إلى خمسة مليارات دولار في نهاية عام 2021، مقارنة بـ4.8 مليارات دولار في عام 2020، وتصدرت روسيا قائمة الدول الدائنة لسورية، إلى جانب مؤسسات مالية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الأوروبي للاستثمار.
والخميس، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن هدفهم مساعدة سورية على إعادة بناء مؤسساتها، وبالتالي الانخراط في الاقتصاد العالمي. وذكرت غورغييفا، في مؤتمر صحافي عقدته ضمن اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي، أنهم عقدوا اجتماعاً مع سورية بحضور محافظ البنك المركزي ووزير المالية السوريين "لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً".
وتتطلع السلطات السورية إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (2000-2024). ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، تطالب الإدارة السورية برفع العقوبات عن دمشق، لكونها "تمنع نهضة البلاد". ونتيجة لمساعيها تلك، خفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوباتهما جزئياً على العديد من القطاعات في سورية، وسط آمال برفع كلي لتحقيق التنمية في البلاد. وفي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 أكملت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاماً من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.