السعودية تواجه إغراق الأسواق لحماية الصناعات المحلية: ماذا عن المستهلك؟

08 يناير 2025
القرارات السعودية لحماية الصناعات المحلية، جدة في 6 مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حماية الصناعة المحلية: فرضت السعودية رسوم مكافحة الإغراق على منتجات من الصين وكوريا الجنوبية وروسيا لحماية صناعاتها المحلية من الممارسات التجارية غير العادلة، حيث تتراوح الرسوم بين 25.56% و51% لمدة خمس سنوات.

- دعم الناتج المحلي غير النفطي: تسعى السعودية لتعزيز الناتج المحلي من الأنشطة غير النفطية، مع توقع نمو اقتصادي بين 5% و5.5% في الأعوام القادمة، مما يتطلب أسعاراً محلية منافسة واستخدام رسوم الإغراق.

- تأثير الرسوم على السوق: تهدف الرسوم لمنع إغراق السوق بالبضائع الرخيصة، مما يعزز المنتجات المحلية، لكن قد ترتفع أسعار السلع غير المنتجة محلياً، مما يؤثر على المستهلكين.

أصدرت السعودية عدداً من القرارات بفرض رسوم لمكافحة الإغراق على بعض المنتجات المستوردة من الخارج، في مسعى لحماية صناعاتها المحلية، في الوقت الذي يمكن أن تتسبب تلك الرسوم أيضا في زيادة أسعار المنتجات النهائية التي تعتمد على هذه المواد، مما يؤثر بالمستهلكين، وهو ما يستوجب تحقيق التوازن بين الحماية والأسعار.

وخلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، فرضت السعودية رسوم مكافحة إغراق على واردات بعض المنتجات من الصين وكوريا الجنوبية، وقبلها وفي الشهر ذاته، فرضت أيضا رسوم إغراق على بعض المنتجات الواردة من روسيا والصين. وتراوحت نسب رسوم الإغراق المفروضة مؤخرا بين 25.56% و51%، وبدأ تطبيقها لمدة 5 سنوات، اعتبارا من 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتقوم هيئة الزكاة والضريبة والجمارك السعودية بتحصيل رسوم الإغراق، وذلك بناء على جدول تفصيلي يحدد النسب المطبقة حسب المصدر والمنشأ. وقالت الهيئة العامة للتجارة السعودية المنوط بها إصدار هذه القرارات، إن فرض رسوم مكافحة الإغراق النهائية جاء وفقا لنظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية الذي يهدف إلى حماية الصناعة المحلية من الممارسات التجارية غير العادلة في السوق السعودي.

كما يستند هذا القرار إلى النتائج النهائية للتحقيقات التي أجرتها الهيئة، نتيجة شكوى مقدمة من الصناعة المحلية، وذلك وفقا لنظام المعالجات التجارية في التجارة الدولية ولائحته التنفيذية. 

حماية الصناعة السعودية المحلية

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، وضاح طه، لـ"العربي الجديد"، إلى أن السعودية أنشأت هيئة تكافح الإغراق (الهيئة العامة للتجارة الخارجية) لأنها عانت من هذه المشكلة في صادراتها البتروكيماوية، خاصة في الهند والصين، وتهدف إلى حماية المنتج المحلي من خلال وضع ضوابط للحد من التأثير السلبي بالصناعة المحلية. 

ويلفت طه، في هذا الصدد، إلى أن التعليمات الأخيرة للهيئة تفرض رسوما لحماية المنتج من الإغراق تتراوح بين 25.6% إلى 51% على منتجات مادة البولي فينيل كلوريد (PVC)، التي تصدرها كوريا الجنوبية والصين إلى السعودية، مشيرا إلى أن الإنتاج السعودي لهذه المواد يتميز بمواصفات عالمية، حيث أصبحت المملكة من الدول المتقدمة في هذا المجال. 

ويشدد طه على أهمية تهيئة جميع الأدوات لدعم الناتج المحلي من الأنشطة غير النفطية، التي نمت بشكل جيد خلال الربع الثالث من عام 2024، لافتا إلى أن النمو الاقتصادي في القطاعات غير النفطية بالسعودية سيتراوح بين 5% إلى 5.5% في عامي 2026 و2027، وفق توقعات وكالة موديز. 

ويؤكد طه أن هذا النمو يحتاج إلى دعم من خلال الإنفاق والاستثمارات الخارجية، مع ضرورة أن يكون السعر المحلي منافساً حتى لا يؤثر المنتج المستورد سلباً بعملية الإنفاق لتعزيز الصناعة المحلية، ولذا يرى أهمية استخدام جميع الوسائل المتاحة لتعزيز الناتج المحلي الإجمالي للأنشطة غير النفطية، بما فيها رسوم الإغراق. 

مساران للرسوم

في السياق، يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، لـ"العربي الجديد"، إلى أن رسوم الإغراق السعودية الأخيرة على المنتجات، وخاصة الصينية والكورية، تندرج ضمن سياسات منع البضائع المستوردة الرخيصة من إغراق السوق المحلي، وهي سياسة تعمل وفق مسارين رئيسيين، فالمنتجات المحلية السعودية القادرة على تغطية احتياجات السوق ستشهد انتعاشاً في ظل هذه السياسة، وبناء عليه سيزداد استهلاكها نتيجة ارتفاع أسعار البضائع المنافسة المستوردة في السوق.

أما السلع التي لا تمتلك المملكة القدرة على إنتاجها محلياً فستتأثر أسعارها بارتفاع التعرفة الجمركية، مما قد ينعكس على المستهلك، كما يؤكد الخبير الاقتصادي، موضحا أن هذا التأثير يمكن تقسيمه إلى صيغتين: الأولى قصيرة الأجل تتمثل في ارتفاع مؤقت للأسعار، والثانية طويلة الأجل تتمثل في انعكاس إيجابي على الاقتصاد السعودي، شريطة امتلاك القدرة الإنتاجية المحلية. ويخلص درويش إلى أن الفيصل في نجاح مسار كهذا هو تحقيق الإنتاج المحلي الجودة المطلوبة، وتقديم أسعار تنافسية مقارنة بالمنتجات المستوردة خلال الفترة القادمة.

 

المساهمون