الركود يُطبق على عقارات تونس... والمطورون يطالبون بتسهيلات مصرفية للمشترين

01 ديسمبر 2024
هبوط المبيعات دفع المطورين العقاريين إلى تقليص المشروعات الجديدة (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني القطاع العقاري في تونس من ركود حاد بسبب تراجع القدرات الشرائية وارتفاع كلفة القروض السكنية، حيث انخفضت مبيعات العقارات بنسبة 30% خلال السنوات الثلاث الماضية.
- تسعى غرفة المطورين العقاريين إلى إقناع السلطات بخفض نسبة الفائدة على القروض السكنية لتحفيز الطلب، حيث يمكن أن يوسع خفض الفائدة شريحة المنتفعين ويزيد القدرة الشرائية للأسر.
- تراجع النشاط في القطاع أدى إلى انخفاض عدد المساكن الجديدة، ويطالب المطورون بامتيازات ضريبية وتأجيل زيادة ضريبة القيمة المضافة، بينما يصر البنك المركزي على تثبيت الفائدة لدعم استقرار الاقتصاد.

يُطبق الركود على القطاع العقاري في تونس، وسط تراجع القدرات الشرائية وضغوط الإنفاق المعيشي، ما يدفع المطورين العقاريين إلى محاولة إقناع السلطات بإقرار نسبة فائدة منخفضة لقروض السكن، بغاية تحريك الطلب وإخراج القطاع من الجمود.

ويعاني قطاع التطوير العقاري منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات من تراجع يقارب 30% من نسبة المبيعات، بسبب ارتفاع الأسعار والكلفة العالية للقروض المصرفية الموجهة لتمويل شراء المساكن. وتزامن الركود مع زيادة البنك المركزي سعر الفائدة الأساسي إلى 8% منذ نهاية عام 2022 والتمسك بتثبيتها في إطار خطته لمكافحة التضخم. ونتج عن ذلك زيادة كلفة القروض السكنية التي يصل متوسط سعر الفائدة بالنسبة لها إلى نحو 13%، وسط عزوف غير مسبوق لدى التونسيين في الإقبال على شراء مساكن ممولة من قبل المصارف.

ووفق بينات البنك المركزي سجلت قروض الأسر بهدف شراء مسكن أو بنائه نمواً ضعيفاً في السنوات الأخيرة، حيث لم تزد سوى بنسبة 3.2% بين عامي 2022 و2024. ولفتت الأرقام إلى أن القروض التي حصلت عليها الأسر لتمويل شراء أو بناء مساكن ما بين عامي 2022 والربع الأول من العام الحالي لم تتجاوز 407 ملايين دينار (129.6 مليون دولار).

ويؤكد نائب رئيس الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين جلال المزيو، وجود هوّة كبيرة بين القدرة الإنفاقية للتونسيين وكلفة المساكن المعروضة للبيع، نتيجة عوامل متراكمة أبرزها ارتفاع كلفة البناء وتأثيرات نسبة الفائدة العالية على القروض السكنية.

وقال مزيو لـ"العربي الجديد" إن الهياكل المهنية للمطورين العقاريين تراهن على مفاوضاتها مع السلطات للتوصل إلى حلول تفضي إلى إقرار نسبة فائدة للقروض السكنية لا تتجاوز 7% على أن يتمتع بها المواطنون مرة واحدة في العمر. وأفاد بأن الغاية من المقترح الذي تقدمت به الغرفة هو خفض كلفة المساكن الممولة عبر القروض وتحفيز شراء المساكن، معتبرا أن فئات واسعة من التونسيين أصبحوا محرومين من حق امتلاك المسكن نتيجة الغلاء وعدم توافق الأسعار مع متوسط أجور التونسيين الذي لا يتجاوز 1500 دينار شهرياً (حوالي 500 دولار).

وتعتمد غرفة المطورين العقاريين في محاولة إقناع السلطات بجدوى مطالبها على نتائج دراسة أنجزها مكتب دراسات متخصص لفائدة القطاع أثبتت أهمية خفض نسبة الفائدة في تحريك الطلب على العقارات وتوسعة شريحة المنتفعين. وأشارت الدراسة إلى أن 10.7% فقط من مجموع الأسر التي يتجاوز دخلها السنوي 60 ألف دينار قادرة على اقتناء مساكن بقيمة 250 ألف دينار ومدة سداد تصل إلى 20 عاماً، بينما يمكن توسعة هذه الشريحة إلى الأسر التي يصل متوسط دخلها السنوي إلى ما بين 29 و60 ألف دينار باعتماد نسبة فائدة لا تتجاوز 7%. كذلك بينت الدراسة أن خفض الفائدة إلى نسبة 3% سيسمح بتغطية طلبات كامل الفئة التي يصل دخلها السنوي إلى 29 ألف دينار مع إمكانية تمتع الأسر التي يصل دخلها إلى 16700 ألف دينار بإمكانية شراء مسكن.

 

ويشير نائب رئيس الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين إلى تراجع المهنيين عن إنجاز مشاريع جديدة، حيث هبط معدل المساكن المحدثة إلى ما بين 6 و7 آلاف وحدة عام خلال الفترة الممتدة بين عامي 2022 و2024، مقابل 20 ألف وحدة خلال الفترة بين 2017 و2022.

وقال: "يعكس تراجع الإنشاءات الجديدة للشقق والمساكن حجم الأزمة في القطاع الذي دخل في دورة انكماش، قد تستمر إذا تواصل اعتماد نسب فائدة عالية على القروض السكنية". وأضاف أن العديد من الدول تعتمد على خفض نسبة الفائدة للقروض السكنية كمحفز لتطوير قطاع العقارات وتحسين قدرة مواطنيها على شراء مساكن جديدة.

ووافقت وزارة المالية على إرجاء زيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة على العقارات المعدة للسكن من 13% إلى 19% إلى عام 2026 بدلاً من 2025، إثر انتقادات برلمانية، حذرت من تداعيات سلبية على أسعار المنازل في تونس وعلى قطاع التطوير العقاري.

ويصر البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة الرئيسية عند مستوى 8% رغم توقع مؤسسات مالية دولية تراجع معدل التضخم في تونس إلى مستوى 5.7% خلال 2025. وأعلن مجلس إدارة البنك المركزي، عقب اجتماع له في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إبقاء نسبة الفائدة الرئيسية من دون تغيير، مبرراً القرار بـ"إعطاء الأولوية في الوقت الحالي لدعم المسار التنازلي للتضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي".

ويرحّل قطاع التطوير العقاري في تونس من عام إلى آخر مساعي إنعاش المبيعات للعام، على أمل الحصول على امتيازات ضريبية يطالب بها المهنيون. وأبرزت بيانات صادرة عن وزارة التجهيز والإسكان أن القطاع شهد منذ أربع سنوات انخفاضاً ملحوظاً في عدد تراخيص بناء المنازل المسندة وعدد المنازل المبنية بنسبة تصل إلى 30% ما يعادل ستة آلاف ترخيص لبناء 11400 منزل.

المساهمون