الرئيس اللبناني يقرّ تعديلات قانون السّرية المصرفية

24 ابريل 2025
الرئيس اللبناني جوزاف عون في مقابلة مع العربي الجديد (14/4/2025)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وقع الرئيس اللبناني جوزاف عون على قانون تعديل السرية المصرفية لعام 1956 لتعزيز الشفافية والتمييز بين الأموال المشروعة وغير المشروعة، مما يسهم في مكافحة التهرب الضريبي والفساد وتبييض الأموال.

- أقر البرلمان اللبناني تعديلات جوهرية تشمل رفع السرية المصرفية تجاه مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، مع تطبيق بأثر رجعي لمدة عشر سنوات، وربط تنفيذ القانون بمرسوم من مجلس الوزراء.

- يعزز القانون موقف لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، رغم التحديات المتعلقة بإعادة هيكلة المصارف واستقلالية القضاء، ويواجه بعض الثغرات التي تحتاج إلى معالجة لضمان فعاليته.

وقّع الرئيس اللبناني جوزاف عون، اليوم الخميس، القانون المتعلق بسرية المصارف لسنة (1956)، وطلب نشره وفقاً للدستور. من جانبه، اعتبر رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، في تغريدة عبر موقعه على منصة إكس، أن "إقرار مجلس النواب مشروع الحكومة المُتعلّق بالسريّة المصرفية يشكّل خطوة ضرورية نحو الإصلاح المالي المنشود الذي تعهّدت حكومتنا بتحقيقه، وركيزة أساسيّة لأيّ خطة تعاف ويتيح التمييز بين الأموال المشروعة وغير المشروعة، كما يَفتح صفحة جديدة على طريق وقف التهرب الضريبي ومُكافحة الفساد وتبييض الأموال".

وأضاف: "إن كان لقانون السريّة المصرفية معنى في خمسينيات القرن المُنصرم بجذب الأموال إلى لبنان، فإنه فَقَدَ اليوم أي معنى بعد أن تمّ استغلاله بما يشّوه صورة لبنان، وباتت إعادة النظر به مدخلاً أساسيّاً لكشف الحقائق وتَحديد المَسؤوليات بكلّ شفافية ومُحاسبة المُرتكبين بما من شأنه المُساعدة في استعادة حقوق المودعين، وثقة المواطنين والمجتمع الدولي".

وأقرّ البرلمان اللبناني، في وقت سابق من اليوم الخميس، التعديلات التي أدخلتها الهيئة العامة لمجلس النواب على قانون السرية المصرفية الصادر سنة 1956 وذلك بالتزامن مع اللقاءات التي يجريها وفد لبنان إلى واشنطن في إطار اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين. وأقرّ مجلس النواب المادة الثالثة من المشروع (تعديل المادة 150 من قانون النقد والتسليف المعدّلة عام 2022)، مع إدخال بعض التعديلات، بحيث ترفع السرية المصرفية بشكل كامل وغير مقيّد تجاه كل من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف و"المدققين والمقيمين المستقلين المعنيين من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف"، وذلك في إطار ممارسة عمل الرقابة والتدقيق أو القيام بأي دور آخر مناط بأي منهما في أي من القوانين الصادرة أو التي قد تصدر.

ويشمل رفع السرية المصرفية عن الحسابات الدائنة أو المدينة، داخل وخارج الميزانية، وعن أي سجلات ومستندات ومعلومات عائدة إلى شخص معنوي أو حقيقي يتعامل مع أي مصرف أو مؤسسة خاضعة للرقابة بمن فيها تلك المحمية بالسرية المصرفية تجاه أطراف أخرى مع تطبيق بأثر رجعي لمدة عشر سنوات من تاريخ صدور هذا القانون. ويمكن للجهات المذكورة أعلاه تبادل المعلومات فيما بينها لهذه الغاية. 

وتُحدّد عند الاقتضاء دقائق تطبيق هذه المادة الثالثة بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المال وذلك بعدما كان التحديد مرتبط قبل التعديل بقرارات تصدر عن وزير المال.

ومن المتوقع أن يساعد القانون في مكافحة الفساد وإزالة العوائق التي تحول دون إعادة هيكلة القطاع المصرفي بشكل عام. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أن القانون أُقر بأغلبية 87 صوتا في مجلس النواب المؤلف من 128 مقعدا. والتعديلات تعد إجراء يطالب به صندوق النقد الدولي منذ فترة طويلة.

وقال النائب ياسين ياسين لـ"العربي الجديد" إنّ هناك تعديلات مهمة وأساسية أدخلت على القانون، وأصرّرنا على ادراجها، منها رفع السرية المصرفية عن جميع العمليات التي حصلت في آخر عشر سنوات صدور القانون، أي بمفعول رجعي، والبيانات موجودة ويمكن العودة اليها، وهنا الإصلاح يبدأ، ويجب كشف كل الفساد الذي اختبأ وراء السرية المصرفية، ومعرفة الحقيقة الكاملة فالأموال لا تتبخر وهناك مسار مرتبط يمكن ملاحقته".

يشمل رفع السرية المصرفية عن الحسابات الدائنة أو المدينة، داخل وخارج الميزانية، وعن أي سجلات ومستندات ومعلومات عائدة إلى شخص معنوي أو حقيقي يتعامل مع أي مصرف

وأشار ياسين إلى أنّ "تنفيذ القانون بات مربوطاً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء مجتمعاً بينما كان متصلاً فقط بقرار يتخذ من وزير المال وهذه كانت نقطة ضعيفة جداً، والتعديل أمرٌ مهمّ جداً إذ لا يمكن حصر الصلاحية هذه بشخص واحد، ما من شأنه أن يعزّز الشفافية"، منوهاً إلى أنّ لبنان ماض قدماً بالإصلاحات، وما حصل اليوم انجاز وخطوة في المسار الصحيح بالإصلاحات المالية.

وبحسب ياسين، جرى تعديل عبارة "ترفع السرية المصرفية بشكل كامل وغير مقيّد تجاه كل من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وأي طرف يتم تكليفه بمهام تدقيق أو رقابة من قبل أي منهما"، بـ"ترفع السرية المصرفية بشكل كامل وغير مقيّد تجاه كل من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمدققين والمقيمين المستقلين المعنيين من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف".

ويلفت ياسين إلى أن "رفع السرية المصرفية اليوم بات عن أي طرف، وطبعاً ضمن الإجراءات، وذلك بعدما كان محصوراً ببعض الفئات، وبالتالي، من لا يخبّئ شيئاً عليه ألا يخاف من هذا الإجراء، وللأسف كل الفساد اختبأ وراء السرية المصرفية طوال الأعوام والعقود الماضية، والتي استغلت من قبل البعض لتحقيق الثروات وحماية عملياتهم".

ويشدد ياسين على أنّ "هذه الخطوات الإصلاحية تتماشى مع الإصلاحات المطلوبة دولياً"، مشيراً إلى أنّ "توقيت إقرار القوانين الإصلاحية اليوم مهمّ جداً خصوصاً أنه يحصل بالتزامن مع وجود وفد لبنان الرسمي في واشنطن، وهذا ما من شأنه أن ينعكس ايجاباً على المفاوضات التي يجريها مع صندوق النقد والبنك الدولي، وتعزيز تالياً المطالب اللبنانية".

من جهته، يعتبر النائب في البرلمان اللبناني، إبراهيم منيمنة، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "ما حصل اليوم خطوة مهمّة جداً وتاريخية وبمثابة نقطة تحوّل بالنظام المالي والاقتصادي وحتى السياسي في لبنان، باعتبار أن اقتصادنا يدخل مرحلة الشفافية العالية بدل الاعتماد على الأموال المشبوهة من تبييض وتهرّب ضريبي وغيره"، مشيراً إلى أن هناك مبادرات اليوم مطلوبة من الحكومة لخلق بيئات استثمارية جيدة لتستقطب الاستثمارات والأموال سواء على الصعيد المصرفي والاقتصادي.

في الوقت نفسه، يشير منيمنة إلى أن "نقطة التحول هذه ستكشف في المقابل تشابك المصالح الذي كان قائماً بين السياسيين والنافذين ولوبي المصارف وهو ما يمكن أن يكون مفيداً في عملية إعادة الهيكلة".

ويلفت منيمنة إلى أن "هناك خطوات لا تزال مطلوبة في إطار خارطة الطريق الإصلاحية، منها إعادة هيكلة المصارف وقانون الفجوة المالية الذي متوقع أن تكون المواجهة كبيرة عليها، إلى جانب طبعاً ملفات واستحقاقات أخرى مرتبطة باستقلالية القضاء وتعيين الهيئات الناظمة وغيرها، وهذه كلها نقلات نوعية كبيرة عمرها أكثر من عشرين عاماً".

المحامية من "رابطة المودعين" دينا أبو الزور لـ"العربي الجديد": القانون الذي أقرّ اليوم يعدّ انتصاراً لنا، خصوصاً أن التعديلات التي أقرت كانت تحاربها المصارف خلال السنوات الماضية

في الإطار، تقول المحامية من "رابطة المودعين" دينا أبو الزور لـ"العربي الجديد"، إن القانون الذي أقرّ اليوم يعدّ انتصاراً لنا، خصوصاً أن التعديلات التي أقرت كانت تحاربها المصارف خلال السنوات الماضية ومنذ اليوم الأول الذي سرنا به على صعيد السرية المصرفية.

وتتوقف أبو الزور عند نقطتين أساسيتين في التعديلات التي أقرت، الأولى هي إعطاء صلاحية لشركات التدقيق لرفع السرية المصرفية عن الحسابات التي تريد التدقيق فيها، وهذا يعتبر انجازاً، كما أبقينا على مدة العشر سنوات التي حارب لوبي المصارف لإسقاطها واسقاط المفعول الرجعي عن العمليات.

وتضيف "كذلك، كان تحديد دقائق القانون محصور بوزير المال، ما كان من شأنه أن يمنحه حصرية بالتعطيل، فتم تعديلها، ووضعت عبر مراسم تطبيقية بيد مجلس الوزراء الذي يبتها ويقرر فيها". وتأمل أبو الزور أن تصدر النسخة التي أقرت اليوم بالجريدة الرسمية كما هي لا أن يتكرر سيناريو عام 2022.

في المقابل، توقفت "المفكرة القانونية" عند ثغرات تجاهلتها الهيئة العامة، إذ كانت أبدت ملاحظات بشأن مضمون المشروع الحكومي، أبرزها: وجوب تمكين الإدارة الضريبية من ممارسة حقها بالولوج إلى الحسابات المصرفية من خلال إلزام الحكومة بإصدار المرسوم التطبيقي المنصوص عليه في قانون 2022 خلال مهلة قصيرة.

ثانياً، وجوب توسيع صلاحيات القضاء المختصّ بما فيه النيابات العامة في طلب معلومات مصرفية ولو من باب الاستقصاء ومن دون اشتراط وجود دعوى محددة.

 وثالثا، كما أشارت ضماناً لنفاذ القانون من دون عراقيل إجرائية، أن يتمّ إلغاء إمكانية الاعتراض أمام قاضي الأمور المستعجلة على طلبات المعلومات المصرفية المقدّمة من قبل الهيئات الرقابية وبخاصّة أنّ حقّ الاطلاع لهذه الهيئات هي صلاحية إدارية لا تنتقص من أيّ حقّ فردي.

على صعيدٍ ثانٍ، أقر البرلمان اللبناني اقتراح القانون الرامي إلى تعديل أحكام المواد من 2 إلى 8 من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي الذي يجيز لمصرف لبنان طباعة أوراق نقدية من فئات جديدة مع الحفاظ على حجم الكتلة النقدية في السوق، بحيث تم التداول بأن تلك الفئات الجديدة ستكون 500 ألف ومليون ليرة.

المساهمون