الديون لا تمثل هاجساً للناخب الكندي رغم ارتفاعها الكبير

الديون لا تمثل هاجساً للناخب الكندي رغم ارتفاعها لقرابة تريليون دولار

19 سبتمبر 2021
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يضع اللمسات الأخيرة على حملته الانتخابية (Getty)
+ الخط -

أنفقت كندا مئات مليارات الدولارات لمساعدة العمال والشركات خلال الوباء، ما أدى إلى ارتفاع دينها السيادي، لكن يبدو أن الكنديين المقتصدين في العادة لا يمانعون ذلك.

ومن المتوقع أن تدشن الانتخابات المبكرة التي تجرى غداً الإثنين حقبة إنفاق ضخم، مع تعهد الليبراليين وكذلك المحافظين المقتصدين عادة منح مزيد من المساعدات الحكومية، وهو تحول هائل في كندا بعد عقود من التقشف.

وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، قالت ميغ سويني (23 عاماً)، وهي خريجة جامعية حديثة: "لا يعني ذلك أنني لا أهتم بالديون، لكني لا أفكر فيها بقدر والديّ والأجيال السابقة التي اعتبرتها مشكلة كبيرة".

أدى الوباء إلى ارتفاع ديون أوتاوا إلى مستوى متوقع قدره 1.2 تريليون دولار كندي (960 مليار دولار) في السنة المالية 2021-2022، مع نسبة دين تناهز 51.2% من الناتج المحلي

الكنديون الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر، والذين سيشكلون تقريباً ربع السكان، ليسوا قلقين بشأن سداد الأموال المقترضة، بينما يدعم جيل الألفية زيادة الإنفاق الاجتماعي رغم أنه سيتحمل كلفته على الأرجح.

وتضيف سويني: "في هذه الانتخابات، أبحث عن قضايا مثل تغير المناخ والإعفاء من القروض الطلابية والعدالة الإثنية، ومعالجة القضايا الاجتماعية، مثل الآخرين من جيلي".

وحلّ الوباء وكندا في وضع مالي قوي بعد حقبة طويلة من التقشف، ما سمح لها بتخصيص مئات المليارات من الدولارات للمساعدات الطارئة. لكن ذلك كلفها تراجع تصنيفها الائتماني من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه+"، بحسب وكالة فيتش.

كما أدى إلى ارتفاع ديون أوتاوا إلى مستوى متوقع قدره 1.2 تريليون دولار كندي (960 مليار دولار) في السنة المالية 2021-2022، مع نسبة دين تناهز 51.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لن تنخفض إلا بحلول 2025-2026، بعد أن كانت 31 بالمئة قبل الجائحة.

ويقترح الحزب الليبرالي بقيادة جاستن ترودو إنفاق 78 مليار دولار إضافي. كما يعتقد منافسه الرئيسي، زعيم حزب المحافظين إيرين أوتول، أن الحكومة يجب أن تنفق المزيد لدفع البلاد للخروج من الركود.

ويقترح أوتول إنفاق 51 مليار دولار كندي إضافي لـ"منح الاقتصاد دفعاً للنمو"، ومن ثم استخدام الزيادة في الإيرادات لتحقيق توازن في الميزانية في غضون عقد.

وقال أوتول للناخبين في بداية الحملة إن "محور هذه الانتخابات الخروج من الركود وبناء الاقتصاد".

وأجاب ترودو عندما سُئل عن الديون: "من المهم أن تكون مسؤولاً في الإنفاق. ومن المهم أن نعيش في حدود إمكاناتنا". وأضاف: "أعتقد أنه من المهم أيضاً القيام بالاستثمارات الصحيحة حتى تتمكن الأجيال المقبلة من الازدهار".

وأشار ترودو إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة بمستوى غير مسبوق جعلت تكلفة الاقتراض رخيصة.

لكن رئيس معهد الدراسات المالية والديمقراطية بجامعة أوتاوا كيفين بايج، حذر من أن هناك دائماً خطرًا لارتفاع معدلات الفائدة.

ورغم أن الاقتصاديين مجمعون على أن الدين في مستوى مقبول، إلا أن بايج يؤكد أن "هناك مخاوف مشروعة من أنه يمثل عائقاً، إذ يفترض الأشخاص أن معدلات فائدة منخفضة تمكننا من زيادة الديون من دون تكاليف كبيرة".

وكشفت الجائحة التفاوت الاجتماعي في كندا، ويشدد جيري دياس، رئيس أكبر اتحاد للقطاع الخاص في كندا، على أن الوباء كشف حجم التفاوت الاجتماعي في الدخول التي تتطلب إزالتها الكثير من الإنفاق.

ويقول دياس: "من المنطقي تماماً إصلاح برامجنا الاجتماعية لتعكس الواقع". ودعا إلى خطة عامة للأدوية ورعاية الأطفال بكلفة معقولة حتى تتمكن النساء من العودة إلى العمل بعد فقدانهن دخلاً كبيرًا، لتحملهن العبء الأكبر من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر طوال الأشهر الثمانية عشر الماضية.

رئيس أكبر اتحاد للقطاع الخاص في كندا: الوباء كشف حجم التفاوت الاجتماعي في الدخول التي تتطلب إزالتها الكثير من الإنفاق

أما الأستاذ في كلية سبروت للأعمال بجامعة كارلتون في أوتاوا إيان لي، فعبّر عن دهشته من التغيير في عقلية الناس.

وقال: "أنا مندهش من تغير مواقف الكنديين تجاه الديون بشكل كبير خلال الوباء. إلى أي مدى أصبح الناس متسامحين إزاء تراكم الديون؟".

وحذر لي من أن ارتفاع التكاليف، بما في ذلك كلفة الرعاية الصحية، قد يدفع الحكومة إلى تبني "تغييرات عميقة للغاية على صعيد الضرائب".

ويعتبر الخبير أن كندا تحتاج الى مزيد من المهاجرين وإنتاجية أفضل، لكنه يأسف لأن المرشحين للانتخابات يناقشون "كيفية القيام بإعادة توزيع الدخل بدون الخوض في كيفية تأمين الثروة".

من جانبها، تقول ميغ سويني، التي نشأت خلال الأزمة المالية لعام 2008 وكوارث الطقس والآن الوباء، إن "الدين السيادي هاجس ثانوي أقل أهمية في ظل كل التطورات الجارية".

وتضيف: "أفضل تركيز تصويتي ومشاركتي المجتمعية على الأمور التي أرى فيها تأثيراً ملموساً الآن، ويمكننا التعامل مع الديون لاحقاً". 

(فرانس برس)

المساهمون