الدينار التونسي... صمود محفوف بالمخاطر

الدينار التونسي... صمود محفوف بالمخاطر

25 مارس 2022
ارتفاع التضخم يفاقم معيشة المواطنين (فرانس برس)
+ الخط -

يواصل الدينار التونسي صموده النسبي أمام العملات الأجنبية رغم الأزمة الاقتصادية وضغوط المالية العمومية على احتياطي النقد الأجنبي، مستفيدا من السياسة التقييدية للبنك المركزي الذي يتمسك بقرار الاستقلالية وعدم الانخراط في التمويل المباشر للموازنة.

بينما يحذر خبراء مال من إمكانية هبوط سعر الدينار وجموح التضخم في حال تأخر الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي وعدم قدرة تونس على تعبئة موارد مالية كافية لسداد القروض الخارجية وتأمين واردات الغذاء والطاقة.

تحذيرات المركزي
وأخيرا، حذّر البنك المركزي التونسي من الضغوط التضخمية التي تعكس تفاقم العجز التجاري إثر اجتماع استثنائي درس فيه تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد التونسي.

وأشار البنك إلى الانعكاسات المنتظرة لارتفاع الأسعار الأولية في السوق العالمية على المؤسسات التونسية ونسق الإنتاج وأسعار المواد الأساسية بالسوق الداخلية ومخاطر هذه الضغوط الخارجية، علاوة على النسبة المرتفعة المسجلة للتضخم المحلي. ويكشف متوسط سعر صرف الدينار بين البنوك أن قيمته المحلية لم تتراجع مقابل اليورو والين الياباني خلال الفترة المتراوحة بين 17 مارس/ آذار 2021 والتاريخ ذاته من 2022، ولكن الدينار شهد تراجعا ملحوظا أمام الدولار.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتحسّن سعر الصرف مقابل اليورو بـ0.82 بالمائة باعتماد سعر التداول في مارس 2021 والذي كان يقدر بـ3.28 دنانير مقابل سعر صرف يقدر بـ3.26 حاليا. كذلك سجّل سعر صرف الدينار مقابل الين الياباني تحسنا بنسبة 1.8 بالمائة بتاريخ 17 مارس 2022 مقارنة بالتاريخ ذاته من العام الماضي، حيث يتم تداول العملة اليابانية بقيمة 24.74 مقابل 25.23 بتاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول 2021.

تراجع الدينار
وسجّل الدينار التونسي تراجعا مقابل الدولار، حيث خسرت العملة المحلية 6.9 بالمائة من قيمتها ما بين 17 مارس 2021 والتاريخ ذاته من السنة الحالية وذلك بانزلاق سعر الصرف من 2.76 دينار إلى نحو 2.96.

ويرجّح الخبير المالي خالد النوري أن يجرّ تراجع سعر الدينار مقابل العملة الأميركة باقي العملات المعتمدة في تونس نحو الهبوط نتيجة الضغوط على احتياطي العملة وعدم قدرة البنك المركزي مستقبلا على اعتماد سياسة تثبيت السعر.

وقال النوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن استقرار سعر الدينار رغم الأزمة الاقتصادية هو نتيجة لحرص البنك المركزي التونسي على عدم المساس باحتياطي النقد الأجنبي الذي يناهر 23 مليار دينار.
وأفاد الخبير المالي بأن البنك المركزي يمارس سياسة تقييدية على الواردات لمنع نزيف العملة والحفاظ الاصطناعي على قيمة الدينار، مؤكدا أن احتياطي النقد الأجنبي موجه لتوريد المواد الأساسية ودفع أقساط الديون الخارجية فقط، بينما يتم منذ أكثر من سنتين تقييد واردات التجهيزات الكبرى الموجهة للاستثمار.

وذكّر النوري بتوقعات وكالة ستاندارد أند بورز في تقرير أصدرته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بأن يفقد الدينار التونسي نحو 12 بالمائة من قيمته مقابل العملات الأجنبية الأساسية (الدولار واليورو والين الياباني).

وأوضح المتحدث أن استقرار سعر صرف الدينار مرتهن لتحصيل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتوافر موارد تمويل للموازنة وسداد أقساط القروض الخارجية، مؤكدا أن كل المؤشرات الحالية تشير إلى وجود مخاطر واسعة قد تؤدي إلى انزلاق سريع لسعر الدينار خلال النصف الثاني من العام الحالي وجموح التضخم.

ضغوط التضخم
وسجل معدل التضخم ارتفاعا إلى 6.7% في يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة مع 6.6% في ديسمبر/ كانون الأول السابق له. ويشترك الخبير الاقتصادي محسن حسن مع تخوفات البنك المركزي التونسي من جموح التضخم، مؤكدا أن كل المؤشرات الاقتصادية والمالية توضح أن التضخم لن يتراجع في الفترة القادمة. وأضاف حسن، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تونس تحت تأثير تضخم مرتفع بسبب ضعف النمو وتأثيرت الحرب الروسية الأوكرانية التي تعمق التضخم المستورد نتيجة ارتفاع كل المواد الأساسية المستوردة وتأثر سلاسل الإنتاج بارتفاع أسعار الطاقة وكلفة النقل فضلا عن ندرة المواد.

سجل معدل التضخم ارتفاعا إلى 6.7% في يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة مع 6.6% في ديسمبر/ كانون الأول السابق له


ورجح حسن أن تزيد صعوبات العيش لدى التونسيين نتيجة الغلاء وتأثير التضخم على القدرة الشرائية المهترئة بطبعها، وقال إن هذه العوامل ستخلق فقراء جددا في تونس ممن سيفقدون القدرة على مجابهة الزيادات في الأسعار، مؤكدا أن المؤسسات الاقتصادية أيضا ستضرر من ذلك.

مخاطر السيولة
وتشير التوقعات الرسمية للبنك المركزي التونسي إلى أن متوسط سعر الدينار مقابل الدولار سيكون في حدود 2.99 خلال الأشهر الثلاثة القادمة و3.03 دنانير خلال ستة أشهر.

في المقابل، سيكون معدل سعر صرف اليورو في حدود 3.31 دنانير خلال الأشهر الثلاثة و3.37 دنانير خلال الأشهر الستة المقبلة. وفي تقرير أصدرته الأسبوع الماضي، قالت وكالة "فيتش راتينغ" للتصنيف الائتماني إن تونس تواجه مخاطر على السيولة المالية الخارجية المتزايدة في ظل التأخير المتزايد في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، واعتبرت أن البرنامج المالي مع الصندوق أمر ضروري للوصول إلى دعم الميزانية من معظم الدائنين المسؤولين.

المساهمون