الدواء في اليمن.. ارتفاع في الأسعار واضطراب بالأسواق

الدواء في اليمن.. ارتفاع في الأسعار واضطراب بالأسواق

28 نوفمبر 2021
ارتفاع أسعار الأدوية كان المشكلة الأكثر صعوبة في 53% من المديريات في اليمن (Getty)
+ الخط -

تشهد الأسواق اليمنية اضطرابات واسعة وارتفاعات قياسية في أسعار الدواء في ظل تردٍ كبير في الأوضاع المعيشية والخدمات العامة في معظم المناطق اليمنية.
ووصلت أسعار الدواء خصوصاً، وكثير من السلع الغذائية، إلى ذروتها بعد موجة تصاعد تدريجية منذ منتصف الشهر الماضي، مع انخفاض ملحوظ في  المخزون السلعي والتمويني، نظراً لاعتماد اليمن على استيراد أكثر من 80% لتغطية احتياجاته الأساسية من الغذاء والدواء.
ورصدت "العربي الجديد"، وضعية أسواق الدواء في عدد من المدن اليمنية والتي يلاحظ  ما تشهده من قفزة في الأسعار تتجاوز 600%، خاصة في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت، وهي المحافظات التي تعاني من استمرار ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا.
في السياق، يعبّر المواطن إبراهيم العنسي من سكان مدينة صنعاء في حديثه إلى "العربي الجديد"، عن صدمته بعدما فوجئ بتكلفة الدواء الذي اعتاد توفيره بمبلغ يتراوح ما بين 50 إلى 60 ألف ليرة قد زاد ضعف هذا المبلغ، وهو ما يفوق قدرته على الشراء.

يأتي ذلك على الرغم من التعميم الصادر عن الهيئة العليا للأدوية في صنعاء بمنع استحداث أي زيادة في أسعار بيع المنتجات الدوائية والمستلزمات الطبية عما كانت عليه نهاية عام 2019، إلا بموافقة الهيئة ما لم سيتم اتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين كما ورد في البيان الذي اطلعت عليه "العربي الجديد".
من جانبه، يؤكد وائل البصير من سكان مدينة عدن العاصمة المؤقتة المفترضة للحكومة المعترف بها دولياً لـ"العربي الجديد"، أن الناس في عدن لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد من الأزمات، لذا كما يتحدث فإن كثيراً من المواطنين والمرضى يسلمون أمرهم لقدرهم لعدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم من الدواء.
 وتشهد الأسواق اليمنية نقصاً في السلع المستوردة في ظل معاناة المستوردين والمصنعين من اضطراب حركة التجارة وسلاسل التوريد وارتفاع الرسوم الجمركية والجبايات المحصلة من قبل كل طرف، وهو ما ينعكس على ارتفاع ملحوظ في أسعار الأدوية ومختلف السلع الغذائية والاستهلاكية.
كما يعاني اليمنيون من آثار وتداعيات فيروس كورونا على الأسعار، والذي يجعل الملايين منهم يواجهون صعوبة بالغة في تلبية احتياجاتهم الأساسية من الدواء والمواد الغذائية وغير الغذائية، حتى في ظل وجود مساعدات غذائية إنسانية، فمع التخفيضات الوشيكة في توصيل المساعدات، سيزداد حجم وشدة انعدام الأمن الغذائي الحاد في أكبر أزمة إنسانية في العالم.
ويرجع عضو اتحاد منتجي ومستوردي الأدوية علي عبدالفتاح أسباب اضطراب أسعار الدواء إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد بعد قرار الحكومة اليمنية الأخير اعتماد سعر الدولار الجمركي 500 ريال بدلا من 250 ريالا، وارتفاع تعرفة الجمارك الخاصة بالسلع المستوردة بنسبة 100%، إضافة إلى مضاعفة الهيئات العامة الدوائية في صنعاء من الجبايات المفروضة على الأصناف الدوائية المستوردة بنسبة كبيرة بحجة تشجيع الصناعات الدوائية المحلية.

تشهد الأسواق اليمنية نقصاً في السلع المستوردة، في ظل معاناة المستوردين والمصنعين من اضطراب حركة التجارة وسلاسل التوريد وارتفاع الرسوم الجمركية والجبايات المحصلة

وتتوقع المنظمات الممثلة للقطاع التجاري الخاص في اليمن أن تؤدي التطورات الأخيرة في اليمن من اشتداد المعارك وانهيار العملة وتوسع الجبايات والأنظمة الجمركية المستحدثة ، إلى اختلالات واسعة في سلاسل توفر المواد الغذائية والدوائية، وزعزعة استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين، في ظل الظروف المعيشية الحالية وضعف مداخيل اليمنيين وزيادة الفقر وتفشي فيروس كورونا. 
وتسري زيادة بنسبة 30% في الرسوم الجمركية اتخذتها سلطة الحوثيين في صنعاء تطبق في جميع المنافذ الجمركية الخاضعة لإدارتها، وتشمل جميع السلع المستوردة والقادمة من ميناء عدن والمنافذ البرية الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، مستثنى منها بعض السلع الغذائية التي يؤكد تجار شمولها في القرار بعكس ما هو محدد في التعميم الذي اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منه.
كما يبدي القطاع التجاري الخاص امتعاضه من قيام وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء بتشكيل لجنة لتحديد تكاليف السلع والخدمات، ومتابعة ضبط الأسعار بما يفضي إلى تقديم السلع والخدمات للمواطنين بالأسعار المناسبة.
وحسب تقارير اقتصادية، فإن ارتفاع أسعار الأدوية كان المشكلة الأكثر صعوبة في 53% من المديريات في اليمن، بسبب أزمة الوقود التي ضربت اليمن منذ منتصف العام الماضي، والتي تتسم بالتكرار والتزامن لجميع أنواع المشتقات في الفترة ذاتها، وهو الأمر الذي يضاعف المعاناة والأثر السلبي على مختلف شرائح الدخل الثابت والمؤقت.

الجدير بالذكر، أن السوق اليمنية تشهد احتكاراً شديداً في تجارة الأدوية ، مع تحولها إلى تجارة حرب في اليمن، نظراً للتضخم الكبير واللافت في فاتورة استيرادها مع تشكل سوق سوداء في الأدوية لا تقل عن السوق المماثلة التي تشكلت في الوقود والمشتقات النفطية منذ بداية الحرب في اليمن. 
وزادت حدة وضراوة الاحتكار في سوق الأدوية نتيجة ما سببته الحرب والصراع من اختلالات وأضرار عديدة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والخدمية، إذ أدى انهيار العملة وعدم استقرار سعر صرف الريال اليمني أمام الدولار إلى اضطراب سوق الدواء، وتوقف نشاط مئات المستوردين وفقدان أكثر من 50% من الصيادلة لوظائفهم وتوقف النشاط الاستثماري، خاصة في مجال التصنيع الدوائي.

(الدولار= 1600 ريال تقريبا في السوق الموازية)

المساهمون