الدعاوى القضائية ضد شركات النفط الأميركية تهدد سياسة ترامب الخاصة بالطاقة

19 يناير 2025
حقل أوفشور النفطي في مياه كاليفورنيا (مارلي ميللر/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه شركات النفط في الولايات المتحدة دعاوى قضائية متزايدة تتعلق بتغير المناخ، مما قد يفرض عليها التزامات مالية كبيرة ويعيق قدرتها على الاستثمار في مشاريع جديدة، متعارضة مع سياسة إدارة ترامب.
- تسعى الدعاوى القضائية إلى تحميل شركات الوقود الأحفوري المسؤولية عن الأضرار البيئية، وقد تؤدي إلى فرض لوائح أكثر صرامة، مما يتعارض مع أجندة ترامب للطاقة، مع تحركات قانونية في ولايات مثل هاواي وألاسكا.
- تتزايد الضغوط على إدارة ترامب لتبني سياسات طاقة متوازنة تأخذ في الاعتبار التأثيرات البيئية، مما قد يتطلب دمج عناصر الاستثمار في الطاقة النظيفة لتجنب تنفير الناخبين المهتمين بالاستدامة.

يرى محللون أن الدعاوى القضائية المستمرة ضد شركات النفط في الولايات المتحدة، وبخاصة تلك المتعلقة بالمساءلة عن تغير المناخ، ستكون لها آثار كبيرة على سياسة الطاقة في عهد إدارة ترامب التي ستبدأ أعمالها رسمياً يوم الاثنين. ويقول الدكتور بجامعة شيكاغو، مايكل جرينستون، إن العدد المتزايد من الدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ ضد شركات النفط يمكن أن يؤدي إلى التزامات مالية كبيرة على هذه الشركات.

وأشار إلى أنه إذا بدأت المحاكم في مساءلة شركات النفط عن مساهماتها في تغير المناخ، فقد يجبرها ذلك على تخصيص جزء من مواردها المالية للدفاعات القانونية والتسويات بدلاً من الاستثمار في مبادرات التنقيب أو الإنتاج الجديدة. وقد يؤدي هذا التحول إلى تقويض نهج ترامب للتوسع في إنتاج النفط من خلال خلق بيئة من عدم اليقين المالي لدى الشركات العاملة في استخراج الوقود الأحفوري.

من جانبها، تقول أستاذ الهندسة الكيميائية، في معهد ورسستر للفنون التطبيقية، الدكتورة جينيفر ويلكوكس، إن المشهد القانوني لشركات الوقود الأحفوري يواجه المزيد من التدقيق العام بشأن تأثيرات المناخ. وذكرت أنه إذا نجحت الدعاوى القضائية في تحديد المسؤولية عن الأضرار البيئية، فقد يؤدي ذلك إلى تحفيز التحول في سياسة الطاقة نحو لوائح أكثر صرامة والإشراف على صناعة النفط. وهذا من شأنه أن يتعارض مباشرةً مع أجندة ترامب للطاقة التي تفضل إلغاء القيود التنظيمية وزيادة إنتاج الوقود الأحفوري.

ووفق تقرير نُشر السبت بنشرة "أويل برايس"، تعد هاواي وألاسكا وبورتوريكو من الولايات والأقاليم الأميركية الأكثر تأثراً بتغير المناخ، وقد رفعت جميعها دعاوى قضائية ضد الحكومة الأميركية أو شركات النفط خلال العام الماضي بسبب تحديات تغير المناخ. ورفضت المحكمة العليا الأميركية هذا الشهر الطعون المقدمة من العديد من شركات النفط التي حاولت إلغاء دعوى قضائية من هاواي تهدف إلى تحميل الشركات المسؤولية عن تغير المناخ.

ووفق التقرير، تقول شركات النفط المعنية إن تغير المناخ قضية فيدرالية، وبالتالي لا ينبغي معالجتها على مستوى الولاية. ويُسمح الآن لبلدية هونولولو بمواصلة دعواها القضائية ضد العديد من شركات النفط، بما في ذلك شركات شل وصنكو وشيفرون وأكسون موبيل وبريتش بتروليوم و10 شركات أخرى، وفقًا لقانون ولاية هاواي.

وبحسب "أويل برايس"، تركز الدعوى على ما يسميه أصحاب المطالبات "التسويق الخادع والبيانات العامة" من قبل شركات النفط. وفي عام 2020، رفعت مدينة ومقاطعة هونولولو ومجلس هونولولو لإمدادات المياه دعوى قضائية ضد شركات النفط على أساس أنها انتهكت قانون الولاية لإحداث إزعاج عام والفشل في تحذير الجمهور من المخاطر التي تشكلها منتجاتها. ووافقت المحكمة العليا في هاواي على الدعوى القضائية في عام 2023، قائلة إنها "لا تسعى لتنظيم الانبعاثات، ولا تسعى للحصول على تعويضات عن الانبعاثات بين الولايات"، فهي لا تخضع للقانون الفيدرالي.

وردًا على قرار المحكمة العليا، قال المدير التنفيذي وكبير مسؤولي المرونة لمدينة ومقاطعة مكتب تغير المناخ والاستدامة والمرونة في هونولولو، بن سوليفان، إن "هذا القرار التاريخي يدعم حقنا في إنفاذ قوانين هاواي في محاكم هاواي وضمان حماية دافعي الضرائب والمجتمعات المحلية في هاواي من التكاليف والعواقب الهائلة لأزمة المناخ الناجمة عن سوء سلوك المدعى عليهم".

كذلك شهدت المحكمة العليا الأميركية أيضًا إجراءً قانونيًا من ولاية ألاسكا الغنية بالنفط، التي تتعرض لتهديد شديد بسبب تغير المناخ، حيث رفعت مجموعة من ثمانية شباب من ألاسكا تراوح أعمارهم بين 11 و22 عامًا دعوى قضائية ضد الحكومة بدعوى أن مشروعًا جديدًا للوقود الأحفوري ينتهك حقوقهم الدستورية في الولاية. ورفعت الدعوى منظمةٌ تُدعى "Our Children's Trust" غير الربحية. ووفق "أويل برايس"، فإن الحقوق المعنية بالانتهاك، هي الحق في حماية الموارد الطبيعية "للأجيال الحالية والمستقبلية" والحق في عدم التعرض لانتهاكات الحكومة للحياة والحرية والملكية.

واقترحت شركة ألاسكا لتطوير خطوط الغاز المملوكة للدولة مشروعًا لتصدير الغاز بقيمة 38.7 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتضاعف انبعاثات غازات الدفيئة في ألاسكا ثلاث مرات لعدة عقود إذا جرت الموافقة عليه، وفقًا للدعوى القضائية. ويتضمن المشروع تطوير محطة لمعالجة الغاز على المنحدر الشمالي في ألاسكا وخط أنابيب بطول 800 ميل ومصنعاً لتسييل الغاز في شبه جزيرة كيناي لتصدير الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا.

ضغوط متوقعة

ورأى خبير الطاقة الأميركي دانييل يرجين في تحليل في ديسمبر الماضي لكيف يمكن أن تؤثر التداعيات السياسية لهذه الدعاوى القضائية بقرارات ترامب المتعلقة بسياسة الطاقة، أنه في حين أن ترامب قد يدعو إلى استراتيجية الطاقة الجديدة، التي تشمل الوقود الأحفوري إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة، فإن التحديات القانونية المستمرة يمكن أن تضغط على إدارته لتبنّي سياسات أكثر توازناً تأخذ بالاعتبار التأثيرات البيئية بشكل أكثر جدية مما فعلته الإدارات السابقة.

وتقول الدكتورة بجامعة كاليفورنيا، ليا ستوكس في تحليل في 10 يناير الماضي، إن الدعاوى القضائية يمكن أن تشكل ضغوطاً على نهج ترامب في سياسة الطاقة. وأشارت إلى أنه مع دعم المجتمعات بشكل متزايد لتدابير المساءلة ضد شركات النفط بسبب المخاوف المناخية، قد يجد ترامب نفسه بحاجة إلى التنقل في مشهد سياسي معقد حيث يمكن أن يؤدي تجاهل هذه القضايا إلى تنفير الناخبين الذين يعطون الأولوية للاستدامة البيئية.

وهذا قد يدفعه إلى تعديل سياساته قليلاً بعيداً عن الدعوة إلى الوقود الأحفوري النقي ونحو دمج بعض عناصر الاستثمار في الطاقة النظيفة. وبالتالي من المرجح أن يخلق تأثير الدعاوى القضائية المرفوعة ضد شركات النفط الأميركية تحديات كبيرة لإطار سياسة الطاقة التي يتبعها ترامب من خلال إدخال مخاطر مالية على شركات النفط وتحويل التوقعات العامة نحو قدر أكبر من المساءلة.

المساهمون