الخاسر الأكبر من انقلاب السودان

الخاسر الأكبر من انقلاب السودان

28 أكتوبر 2021
المواطن السوداني كان يترقب تحسن مستوى معيشته/فرانس برس
+ الخط -

يعد المواطن السوداني هو أحد الخاسرين الرئيسيين من انقلاب عبد الفتاح برهان. صحيح أن وأد التجربة الديمقراطية، ومحاولة القضاء على الثورة ودفنها للأبد، وعسكرة الدولة على كل المستويات، واستمرار سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم، ومواصلة هيمنتها على المشهد الاقتصادي، وإغلاق أي أفق سياسي أمام الشباب، وإجهاض أي محاولة لقيام دولة مدنية قائمة على القانون، كلها خسائر مباشرة لهذا الانقلاب.
لكن حياة المواطن ومعيشته تلقتا ضربة جديدة بهذا الانقلاب بعدما كان يحلم عقب قيام ثورته قبل نحو 3 سنوات بفرصة عمل وحياة كريمة، وتحسين أجره، والحصول على دخل مناسب، وأسعار سلع في متناول اليد، وعدالة اجتماعية تتيح له نسبة عادلة من ثروات بلاده المنهوبة على مدى 30 سنة، وعلاج وتعليم مجانيين، وخدمات مناسبة سواء تعلقت بالطرق والجسور أو شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات والمواصلات العامة.

الانقلاب أدخل السودان في دوامة جديدة من حالة الغموض السياسي التي ستؤثر سلبا على المشهد الاقتصادي والمالي برمته

المواطن تعرض خلال الشهور الماضية لضغوط مالية واقتصادية شديدة، وإجراءات تقشفية عنيفة على أمل تحسن معيشته ودخله، فقد قامت حكومة عبد الله حمدوك بتعويم عملته الوطنية الجنيه، وهو ما أدى إلى تهاوي مدخراته وتآكل قدرته الشرائية، وحدوث قفزت في الأسعار لمعدلات هي الأعلى في العالم. وألغت حكومة حمدوك دعم الوقود من بنزين وسولار، ورفعت أسعار كل السلع والخدمات بما فيها الأدوية.

ورغم هذه الضغوط إلا أن المواطن السوداني وجد نفسه وقد تبخرت أحلامه، بعدما أدخل الانقلاب العسكري الاقتصاد والبلاد مجددا في نفق مظلم وغموض سياسي ورهانات مفتوحة على المستقبل.

صحيح أن الوطن هو الخاسر الأكبر من انقلاب السودان، لكن المواطن هو أحد أبرز ضحايا هذا الانقلاب. فعقب انقلاب البرهان، أعلنت عدة دول ومؤسسات مالية دولية عن وقف مساعداتها المالية للسودان، فقد أعلنت الولايات المتحدة، أكبر مانح إنساني منفرد للخرطوم، تعليق مساعدة مالية بقيمة 700 مليون دولار. 
كذلك هدّد الاتحاد الأوروبي بتعليق مساعدته المالية، إذا لم يُعد العسكريون السلطة إلى الحكومة المدنية فوراً.
وأوقف البنك الدولي، صرف أي مبالغ لجميع العمليات في السودان بعد سيطرة الجيش على السلطة من حكومة انتقالية، وتوقف عن التعامل مع أي عمليات جديدة.

صندوق النقد الدولي الذي أغرق السودانيين في أزمات معيشية عنيفة خلال فترة قصيرة، ألتزم الصمت تجاه انقلاب البرهان

أما صندوق النقد الدولي الذي أغرق السودانيين في أزمات معيشية عنيفة خلال فترة قصيرة، فقد ألتزم الصمت تجاه انقلاب البرهان، باعتبار أن قضية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لا تعنيه كثيرا، فهو الممول الأول لنظم ديكتاتورية حول العالم، والقاهر الأول للشعوب، والمتسبب في خراب البيوت.

موقف
التحديثات الحية

الانقلاب أدخل السودان في دوامة جديدة من حالة الغموض السياسي التي ستؤثر سلبا على المشهد الاقتصادي والمالي برمته، كما أدخل الاقتصاد في موجات جديدة من الغلاء والتضخم والبطالة والفساد والاحتكارات، واستمرار هيمنة العسكر على الأنشطة الاقتصادية. 
كل ذلك سيؤثر سلبا على المواطن الذي نزل إلى الشوارع مشاركا في عصيان مدني شاركت به مؤسسات مالية واقتصادية ونقابات مهمة كالبنك المركزي والخطوط الجوية السودانية وقطاع الطيران والأطباء وشركة سودابت النفطية الحكومية وغيرها، لعلهم يكسرون ذلك الانقلاب العسكري الفاشي.

المساهمون