الحكومة المغربية تمرر قانون الإضراب وتذكي مخاوف الاتحادات العمالية

05 فبراير 2025   |  آخر تحديث: 20:21 (توقيت القدس)
جلسة في البرلمان المغربي، 23 يناير 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- صادق مجلس النواب المغربي على مشروع قانون الإضراب رغم احتجاجات الاتحادات العمالية التي تخشى تقليص حقوق العمال وقدرتهم الشرائية، معتبرة أن القانون يخدم مصالح أرباب العمل.
- يرى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن القانون يوفر وضوحًا لرجال الأعمال، بينما تعتبره الاتحادات العمالية تقييدًا لحق الإضراب وتعطيلًا للحوار الاجتماعي.
- تعبر الاتحادات عن قلقها من إصلاحات مستقبلية مثل رفع سن التقاعد، مما قد يؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمتقاعدين ويزيد هشاشة وضع العمال.

تمكنت الحكومة المغربية من طي صفحة مشروع قانون الإضراب المثير للجدل، بعدما صادق عليه مجلس النواب في إطار قراءة ثانية، اليوم الأربعاء، رغم احتجاج اتحادات عمالية عبر خوض إضراب عام.

ويُذكي مشروع قانون الإضراب مخاوف الاتحادات العمالية في المغرب، التي ترى فيه بداية للمضي في تبني قوانين تخطط الحكومة عبرها للمساس بحقوق العمال وقدرتهم الشرائية، بينما تخدم في الوقت نفسه مصالح أرباب العمل. ودعت اتحادات عمالية إلى إضراب وطني، اليوم الأربعاء وغدًا الخميس، بهدف الضغط على الحكومة للتراجع عن مشروع قانون الإضراب الذي ترى أنه يتضمن مقتضيات تُكبّل ذلك الحق.

وجاءت دعوات الإضراب في وقت كانت الحكومة تستعد للدخول في آخر مرحلة من مسار تمرير مشروع قانون الإضراب، حيث سرعت وتيرة التصويت داخل اللجنة البرلمانية والجلسة العامة بمجلس النواب. وتأتي تلك الدعوات أيضاً في وقت تراهن اتحادات عمالية، في آخر محاولة لها، على تجاوب العمال والموظفين والتجار من أجل الضغط على الحكومة للتراجع عن ذلك المشروع.

قانون الإضراب ينحاز لأصحاب العمل

وصرّح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمس الثلاثاء، بمجلس المستشارين، بأن المصادقة على مشروع قانون الإضراب تُعدّ "إنجازًا كبيرًا"، معتبرًا أنه يوفر رؤية أكثر وضوحًا لرجال الأعمال. وأكدت اتحادات عمالية أن الإضراب الذي دعت إليه يأتي بسبب المساس بالحقوق عبر مشروع قانون الإضراب، مشددة على دور الطبقة العاملة في تحسين المؤشرات المالية والاقتصادية.

وصرّح الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الذي انسحب نوابه من جلسة مناقشة مشروع قانون الإضراب، بأن ذلك المشروع يُكبّل حق ممارسة الإضراب، مؤكدًا أنه لم يتم احترام الحوار الاجتماعي. وشدد على أن الاتحاد ليس ضد سنّ قانون الإضراب وتنظيمه، مشيراً إلى ضرورة ألا يكون مُكبِلًا للأجراء وللحركة النقابية، بل حاميًا لهم، مؤكدًا أن اللجوء إلى الإضراب في المغرب سببه عدم احترام أرباب العمل لقانون العمل.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويؤكد الحسين اليماني، عضو المكتب التنفيذي للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الاتحاد يحمّل الحكومة مسؤولية عدم احترامها للالتزامات، وتعطيل الحوار الاجتماعي، وتمرير مشاريع تمس بالحقوق والمكتسبات الاجتماعية. وذهب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن مشروع قانون الإضراب سيُقيد المطالبة بالحقوق، حيث يرى أن الدعوة إلى الإضراب بهدف الرفع من الحد الأدنى للأجور مستقبلًا ستُعتبر مخالفة للقانون، على اعتبار أن الحكومة ستعدّ ذلك الإضراب مناهضًا لسياسة الدولة.

ونبّه مخاريق، في تصريح صحافي، إلى أن الحكومة لن تتوقف عند قانون الإضراب، بل تتجه نحو إعادة النظر في التقاعد، حيث تهدف إلى رفع سن التقاعد إلى 65 عامًا، وهو تخوف تعبر عنه اتحادات أخرى، إذ تستحضر احتمال تراجع القدرة الشرائية للمتقاعدين. وكانت رئاسة الحكومة قد أكدت، عشية عيد العمال الماضي، أن جولة الحوار التي تمخض عنها رفع الأجور شهدت توافقًا بشأن المبادئ الأساسية لتطبيق إصلاح أنظمة التقاعد.

ويرى يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن الحكومة التي جاءت بمشروع قانون الإضراب، ستُقدِم مستقبلًا على مشروع إصلاح التقاعد، الذي سيكون، في نظره، على حساب العمال والموظفين. وأضاف أن الحكومة، التي يرى أنها تخدم مصالح رأس المال، ستلجأ إلى إعادة النظر في قانون العمل، حيث ستسعى إلى تكريس المرونة في ذلك القانون، بما يتيح لرجال الأعمال تسريح العمال دون قيود عند مواجهة صعوبات اقتصادية.

ويُفهم من المرونة أنها محاولة من رجال الأعمال لإطلاق يدهم في تقليص عدد العاملين عندما تواجه شركاتهم صعوبات، حيث يُراد، عندما يقع رب العمل في مشكلة لها علاقة بالنشاط، أن يتم ضمان وسائل تمويل، أو السماح بالبطالة الجزئية أو النشاط الجزئي في فترة الأزمة، ثم العودة بعد ذلك. غير أن الاتحادات العمالية تتخوف من أن يفضي إصلاح قانون العمل إلى ترسيخ وضعية الهشاشة التي يعاني منها الأجراء في القطاع الخاص، في سياق متسم بارتفاع معدل البطالة في العام الماضي من 13% إلى 13.3%، وسيادة العمل الناقص والعمل غير المؤدى.

المساهمون