إحالة مشروع قانون إيجار الوحدات السكنية إلى البرلمان المصري وسط ترقب ملايين الملاك والمستأجرين
استمع إلى الملخص
- أثار مشروع القانون جدلاً بين الملاك والمستأجرين، حيث يطالب الملاك بتحرير 1.8 مليون وحدة، بينما يرفض المستأجرون التعديلات. دعت الحكومة إلى حوار مجتمعي لضمان التعبير عن آراء جميع الأطراف.
- تتضمن مناقشة المشروع الاستماع لآراء الوزراء والخبراء، مع التركيز على بيانات دقيقة. جُمد العمل على التعديل بسبب ردود الفعل الغاضبة، حيث يمس التعديل أوضاع نحو تسعة ملايين وحدة سكنية.
تقدّمت الحكومة المصرية لمجلس النواب بمشروع قانون يحدّد العلاقة بين المالك والمستأجر، وعلاج العوار التشريعي بالقانون رقم 136 لسنة 1981، المعروف بقانون "الإيجار القديم" الذي يقضي بأبدية عقد الإيجار، ويضع سقفاً مالياً غير قابل للتغيير. وبعد تأخير دام شهرين، أحالت الحكومة المشروع إلى رئيس مجلس النواب، داعيةً النواب إلى فتح حوار مجتمعي حول مواد القانون المقترح، داخل لجان التنمية المحلية والإسكان والتضامن الاجتماعي والشؤون الاقتصادية، بما يضمن حصوله على توافق من الكتل الحزبية والتيارات السياسية المختلفة، مؤملة خروجه عبر توافق مجتمعي، يحدّ من حالة الاحتراب الشعبي المتبادلة بين ملاك نحو 1.8 مليون وحدة سكنية متضررين من القانون المطعون في دستوريته، وملايين المستأجرين الذين يرفضون تعديل القانون القديم.
وجاء التحرّك الحكومي بعد ضغوط واسعة من قبل النواب ورابطة اتحاد الملاك ومستثمرين طالبوا بسرعة إعداد قانون متكامل لإيجار المساكن والمحلات التجارية، يحرّر العلاقة بين ملاك 1.8 مليون وحدة سكنية وتجارية، منها 450 ألف وحدة شاغرة يرفض ورثة المستأجرين تسليمها إلى ملاكها. وفجّر القانون جدلاً واسعاً بين الأطراف المعنية به، تصل إلى الاحتراب والتلاسن الحاد بين الملاك والمستأجرين على وسائل التواصل الاجتماعي، تمتد أحياناً إلى قاعة المناقشات العامة التي أُجريت في النقابات المهنية والمؤسسات البحثية التي تطوّعت لعرض وجهتي النظر بين الملّاك والمستأجرين لمساعدة الحكومة على وضع تصور لقانون بديل يعدل بين الملاك والمستأجرين.
وتضمن مشروع القانون الأول بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، والثاني تعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها، من دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها. وشدّد رئيس مجلس النواب حنفي جبالي،‘ اليوم الثلاثاء، على أهمية "إجراء حوار مجتمعي مستفيض حول تعديلات قوانين الإيجارات القديمة، وإتاحة الفرصة كاملة لأطراف المصلحة الرئيسيين، وهما الملاك والمستأجرون، بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم تجاه مشروعي القانونين بحرية وشفافية داخل أروقة مجلس النواب".
وأضاف جبالي: "أطمئن الجميع بأنّ تعديل قانون الإيجارات القديمة لن يخرج من المجلس إلا بصيغة تشريعية متوازنة تضمن حقوق طرفي العلاقة الإيجارية، وتحقق العدالة بينهما". وقال عضو مجلس النواب سيد شمس إن مشروع الحكومة سيعرض بالتوازي مع المشروعات المقدمة من قبل النواب المنتمين للأحزاب الممثلة بالبرلمان والمستقلين، بما يضمن عرض الرؤى كاملة للمشروع، وخروجه بما يتسق مع حكم الدستورية العليا ويحفظ حقوق الملاك والمستأجرين.
منهجية مناقشة مشروع قانون الإيجارات
وأصدرت لجنة الإسكان في البرلمان بياناً حول منهجية مناقشة ملف القانون، والتي ترتكز على الاستماع إلى رأي وزراء: الإسكان والتضامن الاجتماعي والتنمية المحلية والعدل، للاستفادة من رؤيتهم المتخصصة، بما يعزّز فهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالملف، بالإضافة إلى رئيسي مجلس حقوق الإنسان وجهاز التعبئة والإحصاء، بما يضمن توفير بيانات وإحصاءات دقيقة بشأنه. وتعهّدت اللجنة بأن تُتيح الفرصة للملاك والمستأجرين للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، عبر دعوة ممثلين عنهم من خلال وزير شؤون المجالس النيابية، وتخصيص اجتماعات منفصلة لكل طرف حتى يتمكن من عرض وجهة نظره بشفافية، وفي بيئة هادئة بلا ضغوط، إلى جانب الاستماع لرأي أساتذة القانون وعلم الاجتماع في الجامعات، وغيرهم من الخبراء لأخذ آرائهم العلمية، وضمان الحصول على رؤية متكاملة تجمع بين التحليل القانوني والمقاربة الاجتماعية.
وأشارت اللجنة إلى إعداد الخطابات اللازمة للجهات المعنية للحصول على جميع البيانات والإحصاءات التي تساعدها على دراسة الملف، مع الاستعانة بالدراسات والبحوث التي أعدّتها الجهات البحثية، على غرار المعهد القومي للحوكمة والتنمية المستدامة، والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رقم 136 لسنة 1981، اللتين تقضيان بعدم جواز زيادة الأجرة السنوية للأماكن السكنية الخاضعة لأحكام قانون الإيجارات القديمة. وحدّدت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب في غضون شهر يوليو/ تموز 2025، تاريخاً لإعمال أثر حكمها، بسبب حاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل المتاحة، ويضع ضوابط حاكمة لتحديد الأجرة.
وقالت المحكمة، في حيثيات حكمها، إنّه يتوجّب تدخل المشرع لإحداث التوازن في القيمة الإيجارية، بحيث لا يُمكِّن المؤجِّر من فرض قيمة إيجارية استغلالاً لحاجة المستأجر إلى مسكن يُؤويه، أو يهدر عائد استثمار الأموال، ممثلة في قيمة الأرض والمباني، بثبات أجرتها بخساً لذلك العائد فيحيله عدماً. وأدخل البرلمان تعديلاً على قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر في عام 2022، يتعلق فقط بإخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكن خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات، مع زيادة قيمتها الإيجارية بواقع خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وزيادتها سنوياً، وبصفة دورية، بنسبة 15% من آخر قيمة قانونية مستحقة لها.
وظلت الحكومة متحفظة على تقديم مشروع قانون بديل للبرلمان لرغبتها في أن تختص المحاكم في إنهاء العلاقة بين المالك والمستأجر، عبر طعن قضائي من قبل الملاك في قانون الإيجار القديم، وفقاً لحكم الدستورية العليا، بما يمكنها من استرداد نحو 24 ألف وحدة سكنية مملوكة للدولة مؤجرة بقيم زهيدة، تسعى إلى طرحها للبيع بالأسعار السائدة بالسوق، مع خشيتها من تصاعد حالة الغضب من قبل المستأجرين، الذين يطالبون الحكومة بتوفير مساكن بديلة لهم بأسعار رخيصة أو عدم تغيير القانون الحالي.
ولاحقاً، شُكّلت لجنة حكومية – برلمانية مشتركة لتعديل قانون الإيجارات السكنية القديمة، استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أنه سرعان ما جمد عملها بسبب ردات الفعل الغاضبة إزاء تعديل القانون، كونه يمسّ أوضاع نحو تسعة ملايين وحدة سكنية تخضع لأحكامه، يقطنها ما يقترب من 20 مليون مواطن. ونأى البرلمان المصري طوال الأعوام السابقة عن التعرض لأزمة الإيجارات القديمة، خوفاً من أعضائه على شعبيتهم في الشارع حال تعديل القانون لمصلحة المؤجِّرين، باعتبار أن شريحة المستأجرين هي الأكثر عدداً، ومعرضة للضرر بصورة أكبر لعدم وجود بدائل لديها، على وقع تضاعف أسعار العقارات أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة بفعل الغلاء والتضخم.
ويتركّز أغلب الإيجارات القديمة في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية)، وبعض محافظات الوجه البحري. ويشكو ملاك العقارات الخاضعة لأحكام القانون من ضعف القيمة الإيجارية، التي تراوح بين خمسة وعشرين جنيهاً شهرياً فقط في أغلب الأحوال. (الدولار = 50.85 جنيهاً). ونصّ قانون الإيجارات القديمة على عدم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر، أو تركه العين المؤجرة، إذا بقي فيها زوجه (الزوج أو الزوجة) أو أولاده، أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.