الحكومة الأردنية تستميل البرلمان بـ"كوبونات التموين"

الحكومة الأردنية تستميل البرلمان بـ"كوبونات التموين"

26 ابريل 2021
تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين (فرانس برس)
+ الخط -

اتسعت دائرة الانتقادات للحكومة الأردنية خلال الأيام الماضية بسبب إقدامها على خطوة وصفت بأنها تدخل في إطار الاحتواء غير المشروع لمجلس النواب من خلال منح كل عضو فيه 150 بطاقة تموينية بقيمة حوالي 50 دولارا لكل بطاقة لتوزيعها على أبناء منطقته الانتخابية في سابقة لم يعهدها الشارع من قبل.

واعتبر مراقبون أن الحكومة أخفقت بهذا التصرف الذي يشكل إساءة لمجلس النواب، الجهة التشريعية والرقابية في الأردن، وسلطته تتقدم على الحكومة بحسب الدستور الذي نص على أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي.

وحسب المراقبين، فإن هذا التصرف سيؤدي إلى زيادة درجة الاحتقان الشعبي ضد الحكومة التي لم تقدم حلولا ناجعة للمشكلات الاقتصادية والفقر والبطالة والتداعيات السلبية الناتجة عن جائحة كورونا على الأفراد والقطاعات المختلفة. ولم يخف وزير التنمية الاجتماعية الأردني، أيمن المفلح، أن الحكومة، وزعت على كل نائب 150 كوبونا (قسائم شراء مجانية) بقيمة 50 دولارا لغايات توزيعها على المحتاجين في مناطقهم الانتخابية، إضافة إلى ما يتم توزيعه من قبل الجهات الحكومية.

ويعاني المواطنون من صعوبات معيشية غير مسبوقة بسبب ارتفاع الأسعار وفقدان عشرات الآلاف من الوظائف بسبب جائحة كورونا وتداعياتها وارتفاع البطالة إلى أكثر من 25% وتجاوز نسبة الفقر 27% سيما مع تداعيات الجائحة، وفق بيانات رسمية.

ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب الأردني، موسى هنطش، لـ"العربي الجديد" إنه كان الأجدى بالجهات الرسمية توزيع تلك المساعدات مباشرة على المحتاجين دون إقحام النواب حيث تتوفر قاعدة البيانات عن الأسر الفقيرة لدى وزارة التنمية الاجتماعية ما تسبب في ردة الفعل الرافضة لذلك الأمر من قبل الشارع.

وأضاف أنه نظرا لتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وحاجاتهم الملحة فقد تحول جزء من عمل النائب للخدمة العامة على حساب الرقابة والتشريع، ما يؤدي في بعض الأحيان للتأثير على مواقف بعض النواب من خلال استمالتهم بتحقيق مطالب لمناطقهم الانتخابية أو تقديم المساعدات لأبنائها ما يشكل خرقا للعمل النيابي ويضعف دور مجلس النواب. وقد تم انتخاب مجلس النواب الحالي في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي ويضم المجلس 130 نائبا ويشكل مع مجلس الأعيان الذي يعين بقرار من الملك السلطة التشريعية في البلاد.
وقال الوزير والنائب الأسبق بسام العموش، إن منح الحكومة للنواب كوبونات مساعدات اجتماعية عمل يستحق الإدانة والرفض وعلى الحكومة أن تتراجع بسرعة عن ذلك الفعل المشين وغير القانوني والمدان دينيا. وأضاف العموش لـ"العربي الجديد" أن الحكومة هي السلطة التنفيذية وهي التي لديها قاعدة بيانات الفقراء والمحتاجين وكان عليها أن تقوم هي بتقديم المساعدات للناس.

وتابع أن "النواب هم سلطة رقابة وتشريع وعلى كل نائب حر ويفهم عمله أن يرفض هذه الرشوة المكشوفة والمعروفة أهدافها في تطويع العمل النيابي وممارسة ابتلاع سلطة الرقابة والمحاسبة".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ووفق المحلل الاقتصادي، حسام عايش، فإن الحكومة باتت في وضع حرج خاصة مع إدخال النواب على خط توزيع المساعدات على الأسر الفقيرة ما ألحق الأذى بالنواب أنفسهم لما ينطوي ذلك التصرف على ممارسات الاحتواء وكسب تأييد أعضاء البرلمان سيما في هذه المرحلة التي يواجه فيها الأردن صعوبات اقتصادية تفاقمت بسبب جائحة كورونا. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الحكومة من خلال أذرعها في كان المحافظات قادرة على إيصال أي مساعدات للفقراء والمحتاجين دون الحاجة إلى توزيع الكوبونات على النواب والذي يعتبر استمالة لمواقفهم وسيؤدي إلى تراجع الثقة في مجلس النواب بشكل أكبر من قبل الشارع.
وقال المحلل الاقتصادي، سلامة الدرعاوي: "آخر صرعات الحكومة في موضوع الإصلاح السياسي ومأسسة العلاقة مع السلطة التشريعية هو منح النواب قسائم شرائية لتوزيعها على المحتاجين في دوائرهم الانتخابية".

ويقول ساخراً: "بموجب آلية الإصلاح السياسيّ الجديدة التي ستسجل ضمن حقوق الملكية الفكرية لحكومة بشر الخصاونة سيتلقى كُل نائب 150 قسيمة". وتساءل: "من هي الجهة التي أشارت على الحكومة بمنح النواب كوبونات رمضانية لتوزيعها على المحتاجين من أبناء دوائرهم الانتخابية؟"

وأضاف: لا شك أنها جهة أرادت شراً بهذه الحكومة ومجلس النواب وأوقعتها في فخ لا يمكن الخروج منه إذ ضُربت مصداقيتها في العمق هذه المرة، فمن سمع خطاب الثقة لرئيس الوزراء يجد أن الحكومة ومجلس النواب سيكونان ندّين في التسابق لخدمة المصلحة العامة، من خلال الاشتباك الإيجابي، ولكن ما حدث هو العكس.

المساهمون