استمع إلى الملخص
- رغم زيادة المساحات المزروعة إلى 40 مليون فدان، إلا أن المجاعة تتسع في السودان، خاصة في دارفور وجنوب كردفان، وقد انسحب السودان من نظام المرصد العالمي للجوع.
- تعاني الزراعة من مشاكل مثل ارتفاع تكاليف المدخلات وغياب دعم الدولة، مما أثر على الإنتاج الزراعي رغم بعض التطورات الإيجابية في مناطق مثل جنوب دارفور.
تتزايد معاناة المزارعين السودانيين في وقت ترك كثير منهم الزراعة بسبب اعتداءات مليشيا الدعم السريع على المحاصيل المنتجة في ولاية الجزيرة وسنار، مع اقتراب الحرب من إكمال عامها الثاني، فيما عجز آخرون عن الزراعة بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات، وانعدام الوقود والأمن. ورغم النجاحات التي حققتها ولاية القضارف (شرق البلاد) في زراعة عشرة ملايين فدان، شكّل نقص العمالة تهديدًا كبيرًا نتيجة للاضطرابات الأمنية التي واجهت العمالة الإثيوبية التي تعتمد عليها المشاريع الزراعية في السودان بنسبة كبيرة، الأمر الذي فاقم من كلفة العملية الإنتاجية، في وقت واجه المزارعون تقلبات في سعر الصرف.
وأشارت وزارة الزراعة إلى ارتفاع في المساحات المزروعة هذا العام خلال الموسم الصيفي إلى 40 مليون فدان، وأكدت أن ذلك يشير إلى عدم وجود مجاعة في البلاد وفقًا لما ذكرته التقارير الدولية، إلا أنها لم تشر إلى المعوقات التي واجهها المنتجون خلال الموسم. وسبق أن علق السودان عضويته في نظام المرصد العالمي للجوع قبل صدور تقريره الذي أشار إلى اتساع رقعة المجاعة في البلاد. التقرير ذكر أن المجاعة طاولت خمس مناطق جديدة في دارفور وجنوب كردفان مع رصد 17 منطقة أخرى مهددة بالمجاعة، بما في ذلك مناطق في الجزيرة والخرطوم.
وقال وزير الزراعة أبو بكر عمر البشري، في مؤتمر صحافي أخيرًا، إن وزارته لم تكن جزءًا من التقرير المقدم من لجنة المجاعة، واعتبر أن التقرير قد ضخم الأرقام بهدف جذب التمويل من المانحين، وأكد أن انسحاب السودان من النظام لا يؤثر على التمويل الإنساني، بالنظر إلى عضويته في الأمم المتحدة التي تلتزم بتقديم المساعدات.
التحديات التي تواجهها الزراعة
وأكد مزارعون أنه رغم وفرة الإنتاج في بعض المناطق، مثل ولاية سنار والجزيرة في الموسم الصيفي، قامت مليشيات الدعم السريع بنهب المحاصيل، وأتلفت بعضها، وأحرقت أخرى، ما اضطر المزارعين إلى النزوح. ويقول المزارع بابكر آدم إن كثيرًا من المزارعين قدموا جهدًا بتمويل ذاتي لاستمرار الزراعة والحصاد، ولكنهم فوجئوا بآليات الحرب تدمر كل شيء، وعدّ ذلك خسارة كبيرة للزراعة هذا العام التي حققت إنتاجًا وفيرًا، ولكن بسبب الحرب لم تسلم المحاصيل.
أما المزارع أحمد محمد شوقار فقال لـ"العربي الجديد" إن مليشيات الدعم السريع في الأشهر الماضية كانت تدمر المحاصيل والحقول، لكنها الآن بدأت بسرقة المحاصيل لبيعها في الأسواق الأخرى، كما أنها تجبر المزارعين على ترك أراضيهم لتستقر فيها قوات الدعم السريع. وقال إن أغلب المشاريع الزراعية المنتجة حاليًا أصبحت مقار للمليشيات.
أما حسن إبراهيم، مزارع من ولاية القضارف، فأكد أن الزراعة في المنطقة لا تزال تعاني من مشاكل كبيرة، مثل ارتفاع تكاليف المدخلات وغياب دعم الدولة، خصوصًا في ما يتعلق بعمليات التصدير. فيما عد غياب الحكومة عن المتابعة سببًا أساسيًا في ضياع الإنتاج وزعزعة استقرار المزارعين.
ونبّهت قيادات المزارعين من الخطر الذي ألحقته الحرب بالزراعة والإنتاج عمومًا، خاصة وأن كثيرًا من المناطق الزراعية أصبحت خارج دائرة الإنتاج. ويرى غريق كمبال، نائب رئيس تجمع مزارعي السودان، أن المناطق التي خرجت من دائرة الإنتاج تعد المحرك الأساسي للعملية الزراعية، متمثلة في ولايات النيل الأبيض، سنار، النيل الأزرق، كردفان، الجزيرة، بجانب فقدانها للتمويل والموارد اللازمة لاستمرار العملية الزراعية.
وفي تقرير لتحالف مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل، قال إن المساحات المزروعة تراجعت بنسب كبيرة، خاصة في ولاية الجزيرة، إذ لا تتجاوز المساحة المزروعة 5%، بينما بلغت في الأقسام الأخرى (المناقل) 20%. وقالت وزارة الزراعة، على لسان مدير الإنتاج فاطمة يوسف إن مساحات الزراعة في الولايات الآمنة (التي يسيطر عليها الجيش) تجاوزت المعدلات المستهدفة. وأشارت إلى أن موسم الزراعة الحالي يشهد تطورًا إيجابيًا في بعض المناطق، مثل جنوب دارفور، حيث جرت زراعة نحو 6 ملايين فدان. وأكدت أن المسح السنوي للإنتاج الغذائي يشير إلى مؤشرات إيجابية رغم التحديات التي تسببت فيها الحرب. ويرى خبراء أن غياب التمويل المصرفي وارتفاع تكاليف المدخلات مثل الأسمدة والمبيدات كان له تأثير كبير على الإنتاج الزراعي، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاع، مثل الجزيرة وكردفان ودارفور، بالإضافة إلى نقص الأيدي العاملة بسبب الحرب.