الحرب التجارية البحرية: رسوم موانئ متبادلة بين بكين وواشنطن

15 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 08:51 (توقيت القدس)
سفينة شحن في ميناء نينغبو، الصين، 28 مايو 2025 (هيكتور ريتامال/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع فرض رسوم موانئ إضافية على شركات الشحن البحري، مما جعل البحار جبهة رئيسية في النزاع.
- فرضت الصين عقوبات على شركات كورية جنوبية دعمت تحقيقاً أميركياً، مما أدى إلى تراجع أسواق الأسهم العالمية وارتفاع أسهم شركات بناء السفن الصينية.
- مع اقتراب قمة نوفمبر بين الرئيسين الأميركي والصيني، تتخذ الدولتان مواقف لتهدئة التوترات، لكن الأسواق العالمية تشهد تقلبات تعكس قلق المستثمرين.

انتقلت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى مرحلة جديدة. أمس الثلاثاء، فرض أكبر اقتصادين في العالم رسومَ موانئ إضافية على شركات الشحن البحري التي تنقل كل شيء من الألعاب إلى النفط الخام، ما يجعل البحار جبهةً رئيسية في الحرب التجارية المتصاعدة.

وتُصعّد تحركات الصين نزاعاً طويل الأمد مع الولايات المتحدة حول الهيمنة البحرية. وقد فرض كلٌّ من الجانبين رسوماً خاصة على سفن الطرف الآخر في الموانئ، بينما حشدت الولايات المتحدة حلفاءها، وخاصة كوريا الجنوبية، لمساعدتها في إنعاش صناعة بناء السفن الأميركية المتعثّرة.

وكان وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت قد صرّح بأن الرئيس دونالد ترامب لا يزال على المسار الصحيح للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، في قمّة تستمر يومين وتبدأ في 31 أكتوبر/تشرين الأول، لكنّه صبّ الزيت على النار في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز"، اتهم فيها بكين بمحاولة الإضرار بالاقتصاد العالمي.

وبدأت المعركة البحرية في وقت سابق من هذا العام، حين أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطط لفرض رسوم على السفن المرتبطة بالصين لتخفيف قبضة البلاد على صناعة النقل البحري العالمية وتعزيز بناء السفن في الولايات المتحدة.

وخلص تحقيق أُجري خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن إلى أن الصين تستخدم سياسات وممارسات غير عادلة للهيمنة على القطاعات البحرية واللوجستية وبناء السفن العالمية، ما يمهّد الطريق لهذه الرسوم العقابية. وردّت الصين الأسبوع الماضي قائلة إنها ستفرض رسوم موانئها الخاصة على السفن المرتبطة بالولايات المتحدة اعتباراً من اليوم نفسه الذي دخلت فيه الرسوم الأميركية حيّز التنفيذ.

وقالت الصين إنها بدأت في تحصيل الرسوم الخاصة على السفن المملوكة أو التي تديرها أو تبنيها أو ترفع علم الولايات المتحدة، لكنها أوضحت أن السفن التي تبنيها الصين ستكون معفاة من الرسوم. وفي تفاصيل نشرتها هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية، حدّدت الصين أحكاماً محددة بشأن الإعفاءات، والتي تشمل أيضاً السفن الفارغة التي تدخل أحواض بناء السفن الصينية للإصلاح.

وحثّت وزارة التجارة الصينية، أمس الثلاثاء، الولايات المتحدة على "تصحيح ممارساتها الخاطئة"، والسعي إلى الحوار والتشاور بدلاً من ذلك، وأضافت: "إذا اختارت الولايات المتحدة المواجهة فإنّ الصين ستواصل طريقها حتى النهاية، وإذا اختارت الحوار فإن باب الصين سيظل مفتوحاً".

وفرضت بكين عقوبات، أمس الثلاثاء، على خمس شركات تابعة ومرتبطة بالولايات المتحدة لشركة الشحن "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية لبناء السفن، التي قالت إنها "ساعدت ودعمت" تحقيقاً أميركياً في الممارسات التجارية الصينية. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، ساعدت الشركات التابعة لشركة "هانوا أوشن" في أنشطة التحقيق التي أجرتها الحكومة الأميركية ودعمتها، ما عرّض سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية للخطر. وهدّدت بكين بالمزيد من الإجراءات الانتقامية على الصناعة.

وأدّت العقوبات، التي استهدفت "هانوا أوشن"، إلى تراجع حاد في أسواق الأسهم العالمية، أمس الثلاثاء، إذ خفّض المتداولون آمالهم في تخفيف حدة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم. وتراجع سهم "هانوا أوشن" بنسبة 8%، بينما ارتفعت أسهم شركات بناء السفن الصينية. على مدار العقد الماضي، تفوّقت شركات بناء السفن الصينية على نظيراتها الكورية الجنوبية واليابانية لتصبح أكبر شركات بناء السفن في العالم، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ"، وذلك في وقت كانت فيه الصناعة الأميركية شبه معدومة.

وقد أتاحت جهود إدارة ترامب لإحياء صناعة بناء السفن الأميركية للشركات الكورية الجنوبية فرصةً لتوسيع نفوذها، إذ تعهّدت سيول بتخصيص 150 مليار دولار من الخبرات والاستثمارات لتحفيز الطموحات الأميركية في هذا القطاع. في شهر مارس/آذار، وبينما كانت واشنطن تدرس الشكل النهائي وصيغة الإجراءات التي ستتخذها ضد قدرات الشحن الصينية، قدّمت شركة "هانوا" للشحن تعليقات عامة إلى الممثل التجاري جيميسون جرير لدعم التحقيق.

الشركات الخمس التي أدرجتها الصين في القائمة السوداء، أمس الثلاثاء، هي: شركة "هانوا" للشحن، وشركة "هانوا فيلي" لبناء السفن، وشركة "هانوا أوشن يو إس إيه إنترناشونال"، وشركة "هانوا" للشحن القابضة، وشركة "إتش إس يو إس إيه" القابضة. وتراجعت الأسهم العالمية، بينما ارتفعت الملاذات الآمنة مثل السندات والذهب، أمس الثلاثاء، مع تزايد قلق المستثمرين إزاء التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين.

قال مارك فيلان، رئيس الاستثمارات في شركة "لوسيرن" لإدارة الأصول في سنغافورة، لـ"رويترز": "تتخذ كلٌّ من واشنطن وبكين مواقفها قبل قمة نوفمبر، التصعيد لتهدئة التوتر"، وأضاف: "لا يستطيع أيٌّ منهما تحمّل حرب تجارية مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي الأميركية".

وانخفضت الأسهم في أوروبا، التي سجّلت مستويات قياسية مرتفعة هذا الشهر، بنسبة 0.7%، وهو ما يعكس الضعف في الأسواق الآسيوية، إذ تضرّرت أسهم التكنولوجيا بشدة. وقال فيليب شو، كبير الاقتصاديين في "إنفستك": "إذا نظرنا إلى التاريخ الحديث لضوابط التصدير والرسوم المفروضة على السفن التي ترسو في الموانئ، فقد جرى تفسير ذلك إلى حدٍّ كبير على أنه طريق نحو التفاوض، وليس اندلاعاً جديداً للأعمال العدائية على الجبهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين".

وفي انعكاسٍ لقلق المستثمرين المتزايد، عكس الذهب خسائره التي تكبّدها خلال الليل، وارتفع بنسبة 0.7% ليصل إلى 4,140 دولاراً للأوقية. 

المساهمون