الجفاف يهدد تونس... الأمن الغذائي في مأزق

الجفاف يهدد تونس... الأمن الغذائي في مأزق

01 أكتوبر 2021
تونس شهدت خلال العامين الماضيين موسمي جفاف قاسيين (فرانس برس)
+ الخط -

يهدد الجفاف تونس بمأزق غذائي، حيث يتواصل انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، فيما يشهد منسوب المياه في السدود تراجعاً يومياً، ليسيطر القلق على المزارعين من دخول العطش عامه الثالث، ما يضع الأمن الغذائي للبلاد في مأزق كبير، لا سيما محصول الحبوب.
وينتظر التونسيون بوادر أمطار الخريف أو ما يصطلحون عليه بـ"غسالة النوادر"، غير أن التساقطات تأخرت هذا العام، فيما شهدت البلاد خلال العامين الماضيين موسمي جفاف قاسيين، حيث تراجع منسوب المياه في السدود إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ عقود، ما تسبب في خسائر فادحة للمزارعين.

يمثل نقص المياه وتتالي مواسم الجفاف أبرز التحديات التي تواجه النظام الزراعي في تونس في غياب استراتيجيات للتحول نحو زراعات أقل استهلاكاً للمياه أو التعويل على بذور أكثر قدرة على تحمّل الجفاف

ويمثل نقص المياه وتتالي مواسم الجفاف أبرز التحديات التي تواجه النظام الزراعي في تونس في غياب استراتيجيات للتحول نحو زراعات أقل استهلاكاً للمياه أو التعويل على بذور أكثر قدرة على تحمّل الجفاف.
ويشكو محمد رجايبية، عضو منظمة المزارعين من تواصل تداعيات الحر الشديد وتقلّص محزون المياه على مستقبل الزراعة في البلاد، لا سيما المساحات المروية التي تشهد تقلصاً من عام إلى أخر.

وقال رجايبية لـ"العربي الجديد" إن المزارعين في المناطق المروية في صراع مستمر مع السلطات من أجل الحصول على مياه الري التي تنقطع بشكل دوري وارتفعت أسعارها بشكل لافت، منتقدا غياب أي استراتيجيات لتوسعة مشاريع الآبار العميقة أو البحث عن بدائل تقلل من خسائر المزارعين مع تواصل شح الأمطار.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأفاد بأن ما يعرف بصندوق الجوائح الذي يعد آلية التعويض الوحيدة للمزارعين، لا يملك الإمكانات لتغطية كافة الخسائر المترتبة عن جائحة الجفاف، ما يجعل القسم الأكبر من المزارعين خارج إطار التغطية والتأمين من مخاطر الجفاف، مطالبا بضرورة تثمين البحوث العلمية لتحسين مردودية القطاع الزراعي في ظل التحديات المناخية المطروحة وتواصل شح المياه.
واعتبر عضو منظمة المزارعين، أن تونس بصدد فقدان السيطرة على أمنها الغذائي مع تصاعد الحاجة إلى توريد الحبوب وتفكك منظومات زراعية أساسية ومنها اللحوم والألبان وتربية المواشي.
وتعتبر وفرة العرض على مستوى الأغذية كافية، إلا أن وضع الأمن الغذائي يعتبر هشا نسبياً باعتبار عدم استقرار ومحدودية الموارد الطبيعية خاصة منها الموارد المائية، وتعرضها لشتى أشكال التدهور كما سجلت منذ 2011 حسب الدراسة اختلالات في الميزان التجاري الغذائي ذات منحى تصاعدي.

المدير العام للسدود في وزارة الفلاحة التونسية، فايز مسلّم : تونس تعاني من نقص في الإيرادات المائية مقارنة بالمعدلات السنوية

وذكر المدير العام للسدود في وزارة الفلاحة التونسية، فايز مسلّم، "أن تونس تعاني من نقص في الإيرادات المائية مقارنة بالمعدلات السنوية، حيث لم تتجاوز نسبة الامتلاء 40 بالمئة لإجمالي 37 سدّاً مستغلاً في البلاد".
وقدر مسلّم كمية المياه المخزنة في السدود، حتى تاريخ 24 سبتمبر/أيلول الجاري، بنحو 703 ملايين متر مكعب، تمثل 30.4 فقط من الطاقة التخزينية.
ولذا رجّح فائز مسلم، مدير عام السدود في وزارة الزراعة، أن ينطلق موسم الزراعات المروية الخريفية في ظروف صعبة بسبب شح الأمطار، رغم القيام بجهود لضمان تواصل توزيع مياه الري مع المحافظة على انتظام مياه الشرب.
وأوضح مسلم، أن جميع السدود تجاوزت سنوات عمرها الافتراضي، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأشغال جارية لتحسين قدرة التعبئة في السدود التي غمرتها الترسبات.
وأضاف أن وقوع تونس تحت تأثير موسمين من الجفاف تسبب في نقص إيرادات المياه معدل تعبئة للسدود 41% فقط خلال العامين الماضيين، مؤكدا أن تونس اليوم تمر بأدنى مستويات امتلاء السدود.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأشار إلى أن نسبة إيرادات السدود لا تتعدى الآن 730 مليون متر مكعب من المياه، معتبرا أن الآمال معلقة على مساهمة أمطار الخريف في تحسين مخزون المياه بالسدود والبحيرات.
وخلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الحالية تضاعف عجز الميزان التجاري الغذائي بنحو 4 مرات، مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية ليستقر عند مليار دينار (355.8 مليون دولار)، مقابل 222.4 مليون دينار (79.1 مليون دولار) خلال نفس الفترة من العام الماضي 2020، وفق بيانات حديثة صادرة عن معهد الإحصاء الحكومي.
كما أظهرت البيانات أن الواردات الغذائية ارتفعت من 3.2 مليارات دينار الى 3.7 مليارات دينار بين يوليو/ تموز 2020 وذات الفترة من العام الحالي.

معهد الدراسات الاستراتيجية الحكومي : استمرار الجفاف لسنتين أو ثلاث سنوات يؤدي إلى نقص في إنتاج الزيتون والإنتاج الغابي إلى زهاء النصف

ووفق دراسة لمعهد الدراسات الاستراتيجية الحكومي، فإن استمرار الجفاف لسنتين أو ثلاث سنوات يؤدي إلى نقص في إنتاج الزيتون والإنتاج الغابي إلى زهاء النصف، مشيرة إلى أن من الوارد أن تزيد هذه النسبة إلى 80% في مناطق وسط وجنوب البلاد، وتتقلص إلى 20% في مناطق الشمال.
وأكدت الدراسة أنّ واردات تونس الغذائية تواصل الارتفاع بنسق تصاعدي، لتمثل اليوم حوالي 10.8% من إجمالي الواردات، لافتة إلى أن الحبوب تحتل المرتبة الأولى في سلم الواردات الغذائية بنسبة 43% ثم السكر والزيوت النباتية الغذائية.
وتعاني تونس بالأساس من نسبة تضخم عالية، كما تشهد الأسواق نقصاً في تزويد مواد أساسية، بسبب حرب الكر والفر بين السلطة وما يعرف بـ"الكارتلات المالية".

المساهمون