استمع إلى الملخص
- أكدت الجزائر أن ما تدعيه فرنسا كمساعدات هو قروض توريد سابقة، وأن 80% منها تبقى في فرنسا لدعم مؤسساتها التعليمية.
- جاء الرد الجزائري في سياق أزمة دبلوماسية مع فرنسا، بعد دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي للصحراء الغربية، مما أدى لاتخاذ الجزائر إجراءات اقتصادية ضد فرنسا.
نفت السلطات في الجزائر تلقيها أية مساعدات للتنمية من فرنسا، بقيمة 130 مليون يورو، واعتبرت أن حديث وزير الداخلية الفرنسي عن ذلك "محض تضليل وخدعة مشينة". وقالت إن الأمر يتعلق بخمسة ملايين يورو تخص برامج مشتركة لا تُصنف ضمن خانة المساعدات.
ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية (تتبع إعلام الرئاسة) تقريرًا بعنوان "الجزائر- فرنسا عن أي مساعدة للتنمية نتحدث؟"، وجاء فيه: "الجزائر مستعدة للتخلي عن هذه المساعدات إن وُجدت فعلاً"، لسحب تهديدات اليمين الفرنسي بإنهاء ما يزعم أنها مساعدات تقدمها فرنسا لتنمية الجزائر.
وأضاف التقرير: "لا توجد في الحقيقة أية مساعدة عمومية فرنسية لتنمية الجزائر، وهذه المساعدات غير موجودة على الإطلاق وهي منعدمة في الاقتصاد الجزائري". واعتبر التقرير الرسمي أن حديث أطراف يمينية في فرنسا عن وجود مساعدات "هو عمل تضليلي كبير يهدف إلى إبراز صورة تجسد لفرنسا احترامها لالتزاماتها الدولية. كما أنها خدعة مشينة تسعى إلى الترويج لصورة جزائر تتلقى مساعدات فرنسية من غير الإمكان الاستغناء عنها".
ويكشف التقرير بالتفاصيل حقيقة ما تزعم باريس أنها مساعدات تنمية موجهة للجزائر، مشيرًا إلى أنها كانت في الواقع قبل عام 1994 "عبارة عن قروض توريد ساعدت الشركات الفرنسية على الحفاظ على حصتها في السوق الجزائرية. غير أن الجزائر أعلنت حينها رسميًا تخليها نهائيًا عن هذه الآلية لتمويل الصادرات الفرنسية المقدمة زورًا على أنها مساعدة للجزائر". وأشار التقرير إلى أن هناك غلافًا ماليًا بنحو 5 ملايين يورو، مرتبطًا بتنفيذ مشاريع التعاون الثنائي، ولا يُصنف في خانة المساعدة العمومية للتنمية.
تهديدات تطاول مساعدات تنموية
ويأتي هذا الرد الرسمي الجزائري غير المباشر رداً على تصريحات وزير الداخلية الفرنسي برونو ليروا، والذي دعا مع أطراف يمينية فرنسية أخرى إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد الجزائر تشمل توقيف مساعدات التنمية، إضافة إلى خفض التأشيرات وإلغاء اتفاقية الهجرة لعام 1968، على خلفية أزمة سياسية ودبلوماسية قائمة بين البلدين منذ يوليو/تموز الماضي، بعد قرار باريس دعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو. وقررت الجزائر لاحقًا تجميد واردات السلع من فرنسا، واستبعاد القمح الفرنسي من المشتريات الجزائرية، والتضييق على مشاركة الشركات الفرنسية في الصفقات والمشاريع في الجزائر.
وتشير إحصائيات المفوضية الأوروبية لعام 2022، التي أُعدت استنادًا إلى معلومات صادرة عن الطرف الفرنسي، إلى أن إجمالي قيمة هذه المساعدات يبلغ حوالي 130 مليون يورو. غير أن الجانب الجزائري يشكك في صدقية هذه الإحصائيات، ويؤكد أنها عملية تحويل أموال من فرنسا إلى فرنسا ولصالح فرنسا، لا تستفيد منها الدولة الجزائرية بأي شكل من الأشكال.
وأضاف التقرير: "80 بالمائة من المساعدة السنوية المزعومة التي تقدمها فرنسا للجزائر لا تغادر حتى التراب الفرنسي، وهذا الجزء الذي لا تتعدى قيمته الإجمالية 106 ملايين يورو موجه مباشرة للمدارس والجامعات الفرنسية بغرض تشجيع هذه المؤسسات على استقبال طلبة جزائريين. ويتم اختيار التخصصات وفق أولويات فرنسا واحتياجات اقتصادها"، فيما توجه النسبة المتبقية، 20 بالمائة، "لتمويل أنشطة تخدم المصالح الفرنسية في الجزائر، تشمل الترويج للغة والثقافة الفرنسيتين، ودعم المنظمات غير الحكومية الفرنسية التي تنشط في الجزائر، وتعزيز الوجود الاقتصادي الفرنسي في الجزائر".
واعتبر التقرير أن المشاركة الفرنسية في الاقتصاد الجزائري مخيبة، وقال: "نجد في الاقتصاد الجزائري صادرات فرنسية بلغت قيمتها 3.2 مليارات دولار في 2023، كما نجد استثمارات فرنسية يبلغ حجمها الإجمالي 2.5 مليار دولار، وهو بعيد كل البعد عن حجم استثمارات أهم المستثمرين الأجانب في الجزائر، مثل الولايات المتحدة الأميركية وتركيا وإيطاليا وقطر وسلطنة عمان ومصر". وأضاف التقرير أن باريس كانت تستفيد في السابق "استفادة مفرطة من الصفقات العمومية الجزائرية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، والتي سمحت للعديد من الشركات الفرنسية بفرص البروز، بل أنقذت بعضًا من أبرزها من الإفلاس الوشيك".
وهذه هي المرة الثانية التي تكذب فيها الجزائر وجود مساعدات فرنسية موجهة للتنمية في الجزائر، حيث كانت الحكومة الجزائرية قد أعلنت في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، رسميًا إيداع شكوى أمام القضاء بباريس ضد النائبة اليمينية سارة كنافو، واتهامها ببث أخبار كاذبة، بعد إعلانها أن "فرنسا تمنح الجزائر 800 مليون يورو سنويًا مساعدات عمومية تنموية، ومع ذلك ترفض الجزائر استعادة المهاجرين المقيمين بطريقة غير نظامية في فرنسا".