استمع إلى الملخص
- تسعى الجزائر لإعادة تقييم بنود الاتفاق، مع التركيز على مصلحة المنتج الوطني وخلق فرص عمل، وتريد إلغاء بعض البنود السياسية، مع بدء مراجعة الاتفاق في 2025 بسبب تغير الظروف الاقتصادية منذ 2002.
- تم توقيع الاتفاق في 2002 ودخل حيز التنفيذ في 2005، لكنه أضر بالاقتصاد الجزائري، مما دفع لوقف التفكيك الجمركي في 2017، ويعتبر الخبراء المراجعة ضرورية لإعادة التوازن للمصالح.
أعلنت الرئاسة الجزائرية أنّ الرئيس عبد المجيد تبون عقد اجتماعاً مع لجنة خاصة، مساء الثلاثاء، كان قد كلّفها بإعداد مقترحات تخص مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، دون أن تقدم تفاصيل عن مخرجات الاجتماع والتطورات ذات العلاقة بالملف.
وتعمل هذه اللجنة القطاعية، التي تضم عدة وزارات كالتجارة والصناعة والزراعة والطاقة والمالية، وهيئات كالجمارك، تحت رئاسة وزارة الشؤون الخارجية، منذ عام 2022، على إجراء مراجعة دقيقة لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بكل بنوده وملاحقه، خاصة في الشق التجاري للاتفاق، وتقييم المبادلات التجارية منذ دخوله حيز التنفيذ وأثرها بالنسبة للمنتجات الزراعية الغذائية الصناعية والصيد البحري والمنتجات الصناعية، وسيتوج عمل اللجنة بإعداد تقرير يحمل طيه جملة من التوصيات وفق نظرة سيادية ومقاربة "رابح – رابح".
وكان تبون قد اتخذ قراراً، في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بإعادة تقييم بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي "بنداً بنداً"، وفق نظرة سيادية ومقاربة تراعي مصلحة المنتج الوطني، لخلق نسيج صناعي ومناصب شغل، كما ترغب الجزائر في أن تشمل المراجعة إلغاء بعض البنود ذات العلاقة بالشق السياسي، حيث كان اتفاق الشراكة يتضمن ما يتيح لمؤسسات الاتحاد الأوروبي المختلفة إبداء مواقف في القضايا السياسية التي كانت تترجمها مواقف وإصدار لوائح تنتقد الجزائر في قضايا حقوق الإنسان وحرية الصحافة.
وفي الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال تبون، في لقاء تلفزيوني، إنّ الجزائر والاتحاد الأوروبي سيبدآن العمل على مراجعة اتفاق الشراكة في 2025، وأكد أنّ "هناك تفاهماً مع الجانب الأوروبي، ونحن متفقون على إعادة النظر ومراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والذي تم التوقيع عليه في ظروف مغايرة كانت فيها الأوضاع بالنسبة للجزائر في التسعينيات مختلفة تماماً".
وأضاف أنّ "اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي أبرم في وقت كانت فيه الجزائر تختلف عن جزائر اليوم، حيث كانت نسبة مشاركة الصناعة في الدخل القومي لا تتجاوز 3%، وكنا نستورد المنتجات الفلاحية ولا نصدرها؛ أي أنّ الجزائر حينها لم تكن تملك إمكانيات في التصدير"، مضيفاً أنّ "الأمور تغيّرت والجزائر أصبحت تنتج وتصدّر منتجات مختلفة، من صناعات تحويلية وكهرومنزلية وغيرها، لذلك اليوم نطلب مراجعة لأنّ أساس الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي هو التبادل الحر، وذلك بكل صداقة ودون الدخول في نزاعات".
وتم توقيع اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في 22 إبريل/ نيسان 2002 في فالنسيا بإسبانيا، ودخل حيز التنفيذ في سبتمبر/ أيلول 2005. ويتضمن هذا الاتفاق 110 مواد تغطي تسع محاور، هي الحوار السياسي، حرية تنقل البضائع وتجارة الخدمات، المدفوعات ورؤوس الأموال والمنافسة وأحكام اقتصادية أخرى، التعاون الاقتصادي، التعاون الاجتماعي والثقافي، التعاون العالي في مجال العدالة والشؤون الداخلية، والأحكام المؤسساتية العامة والختامية.
ونص هذا الاتفاق في جانبه التجاري على إنشاء منطقة تجارة حرة للمنتجات الصناعية والتحرير التدريجي للتجارة بالنسبة للمنتجات الزراعية الغذائية والصيد البحري، كما نص على تحرير مجال حقوق التأسيس والخدمات. ومنذ بدء العمل بالاتفاق، شهدت واردات الجزائر من الاتحاد الأوروبي تطوراً مستمراً منذ 2005، فيما عرفت الصادرات الجزائرية تذبذباً ملحوظاً بسبب ضعف الإنتاج والمنافسة. وتشمل المبادلات التجارية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي واردات المنتجات ذات المنشأ الأوروبي والمعدات والمنتجات شبه المصنعة، فيما تمثل المحروقات 80% من صادرات الجزائر الموجهة لسوق الاتحاد الأوروبي.
وقال الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الجزائري أحمد بلجيلالي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مراجعة اتفاق الشراكة "ضرورة اقتصادية وسياسية لانهاء وضع غير طبيعي في العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وإعادة التوازن للمصالح المتبادلة بين الطرفين"، مضيفاً أنّ "الاتفاق الذي وُقّع في ظروف صعبة بالنسبة للجزائر، أضرّ كثيراً بمصالح الاقتصاد الجزائري، وتسبب في رفع الحماية عن الإنتاج المحلي وغلق مصانع ومؤسسات إنتاجية بسبب المنافسة الأوروبية".
وأشار إلى أنّ "عملية المراجعة المشتركة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي للاتفاق، والتي تمت بين عامي 2010 و2016، كشفت أنّ اتفاق الشراكة لم يكن له الأثر المتوقع لتعزيز الصادرات خارج المحروقات وإحياء الاستثمار الأجنبي المباشر اللذين يشكلان للجزائر الهدف المحفز لإبرام أي اتفاق للتجارة الحرة، ما دفع الجزائر عام 2017 إلى وقف التفكيك الجمركي (سياسة الإعفاء من الرسوم)".