التضخم يلتهم أموال المودعين في تونس... ومخاوف من نزوح المدخرات

التضخم يلتهم أموال المودعين في تونس... ومخاوف من نزوح المدخرات إلى ملاذات موازية

24 ابريل 2022
الغلاء يتسبب في ارتفاع إنفاق التونسيين على الاستهلاك (فرانس برس)
+ الخط -

يزحف التضخم على مدخرات التونسيين، التي باتت مهددة بالتآكل بسبب تراجع قيمتها الشرائية بسبب الغلاء المتصاعد، بينما تبقي المصارف معدل الفائدة على المدخرات في حدود لا تتجاوز الـ 5%.

وبسبب الخوف من تآكل الإيداعات بفعل التضخم يبحث تونسيون عن ملاذات آمنة وأكثر مردودية لأموالهم، ما يضع الجهاز المصرفي في مأزق إذ يعاني بالأساس من نقص السيولة مقابل تضخم الكتلة المالية في القطاعات الموازية. ويمثل ادخار الأفراد في تونس نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي المقدر بنحو 40 مليار دولار.

ويرجح وزير المالية السابق والخبير المالي سليم بسباس، تأثر إيداعات التونسيين بشكل سلبي نتيجة التضخم الذي تجاوز 7% وفق أحدث بيانات معهد الإحصاء الحكومي، مؤكداً ضرورة ملاءمة المصارف لنسبة المردود على الإيداعات مع نسب التضخم لتفادي هروب الأموال من الجهاز المالي وتحويلها نحو ملاذات أخرى أكثر مردودية.

يقول بسباس لـ"العربي الجديد" إن ضعف نسب المردود المالي على إيداعات الأفراد التي تمنحها البنوك مقابل زيادة نسب التضخم يعطي انطباعا سلبيا للمودعين ويحدّ من الرغبة في ادخار الأموال في البنوك، مضيفا أن الخوف من تآكل قيمة الودائع سيدفع المودعين نحو البحث عن بدائل أخرى لادخار الأموال ومنها شراء العملات الأجنبية من السوق الموازية أو اقتناء العقارات.

ويرى أن الادخار عبر شراء العقارات سيؤدي إلى المضاربة في القطاع وغلاء المساكن والأاضي المعدة للبناء. وحول إمكانيات الادخار عبر شراء الذهب والمعادن النفيسة يعتبر بسباس أن هذه الفرضية تظل محدودة جداً نظراً لطبيعة تجارة الذهب في تونس وضعف هذه السوق.

وارتفع معدل التضخم في مارس/ آذار الماضي بنسبة 7.2% على أساس سنوي، مدفوعا بارتفاع أسعار العديد من المكونات، إذ صعدت أسعار المواد الغذائية بنسبة 13%، وارتفعت أسعار الملابس والأحذية أكثر من 15%.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري لـ"العربي الجديد" إن معدل التضخم خلال السنوات العشر الماضية تسبب في تراجع الادخار بنسبة 50%، مرجحا أن يتسبب صعوده المتواصل في انحسار الادخار بنسبة تتراوح بين 1% و2% سنوياً مستقبلاً.

ويضيف النوري، أن فقدان القدرة الشرائية يوجه كل دخول التونسيين نحو الاستهلاك، منتقدا ضعف المردود المالي للإيداعات لدى البنوك التي لا تتجاوز 4% بعد الخصم الضريبي، بينما الادخار ظاهرة اقتصادية واجتماعية تسمح بتكوين احتياطي يفيد الاستثمار والإنتاج والتشغيل كما يتيح خلق الثروة الثابتة ويزيد كمية العمل المنتج إضافة إلى دعم النمو.

ويلفت إلى ضرورة استحداث أدوات جديدة من الادخار تنسجم مع واقع ونفسية المدخر التونسي، وذلك من أجل تشجيع المواطنين على الإقبال على البنوك وبالتالي كبح ظاهرة اكتناز الأموال واستخدامها خارج المنظومة المصرفية.

وكشف تقرير صادر عن البنك المركزي التونسي عن تراجع الادخار الوطني بنسبة 58.8% في 2020، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى جائحة فيروس كورونا، التي أثرت على مداخيل مختلف الأنشطة الاقتصادية في الدولة. ولفت إلى أن موارد الادخار لم تؤمن سوى نحو 37.2% من احتياجات التمويل الداخلي.

المساهمون