التضخم بأعلى مستوياته والفائدة إلى ارتفاع: إلى متى سيستمر ذلك؟

التضخم في العالم بأعلى مستوياته والفائدة إلى ارتفاع: ما الأسباب؟ وإلى متى سيستمر ذلك؟

24 نوفمبر 2021
يواجه المستهلكون ارتفاعات متواصلة بالأسعار (Getty)
+ الخط -

يشهد معدل التضخم ارتفاعاً كبيراً في غالبية الدول في العالم، ويترافق ذلك مع اتجاهات نحو رفع أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على الاتجاه التضخمي التصاعدي؛ إذ مع خروج الاقتصاد العالمي من عمليات الإغلاق المتتالية خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا، أدت اختناقات العرض والنقص في سوق العمل إلى تعطيل سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم.

يحذر صانعو السياسات من أنّ مشاكل العرض والأسعار المرتفعة الناتجة عن ذلك، ستستمر لفترة أطول مما توقعوه في البداية، مما يزيد الضغط على محافظي البنوك المركزية للعمل بشكل أكثر قوة لمنع التضخم من الخروج عن سيطرتهم.

فما هي اتجاهات التضخم في أكبر الاقتصادات؟ وكيف تؤثر على قرارات تعديل الفائدة؟

  • أوروبا: الأعلى منذ 13 عاماً

ارتفع معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 4.1%، في أكتوبر/تشرين الأول، حسب ما أفادت به وكالة إحصاءات الاتحاد الأوروبي، متجاوزاً التوقعات بشكل كبير. وزاد من المخاوف أنّ البنك المركزي الأوروبي قد قلل من شأن اتجاهات التضخم، وسط تأكيدات متواصلة من الخبراء بأنّ الاتجاه المستقبلي هو الرفع المتواصل لـأسعار الفائدة.

أثرت ارتفاعات الأسعار الأخيرة، التي لم تشهدها أوروبا منذ عام 2008، على المستهلكين والشركات وهزّت الأسواق المالية، وفق موقع "بوليتيكو" الأميركي.

حاولت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تهدئة المخاوف، في حين أنها أقرّت بأنّ الارتفاع الحالي في التضخم من المقرر أن يستمر لفترة أطول مما كان متوقعاً في الأصل، إلا أنّ البنك المركزي الأوروبي لا يزال واثقاً من أنّ التضخم سينخفض ​​إلى أقل من هدفه البالغ 2% "حيث تتلاشى العوامل غير المتكررة العام المقبل"، على حد قولها.

وارتفع معدل التضخم الرئيسي البالغ 4.1% بعد زيادة 23.5% في أسعار الطاقة. وبلغ معدل التضخم الأساسي، باستثناء المكونات الأكثر تقلباً مثل الطاقة والغذاء، 2.1%، وهو ما يقترب من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.

ما أسباب التضخم في العالم؟

وقال البنك المركزي الأوروبي، في تقريره الأخير المنشور على موقعه الإلكتروني، إنه بعد سنوات من التضخم المنخفض للغاية، وصل التضخم في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2021، إلى أعلى مستوى له في 13 عاماً. يحدث هذا لثلاثة أسباب رئيسية: الاقتصاد ينفتح بسرعة، وأسعار الطاقة المرتفعة ترفع التضخم، وهو أمر يسميه الإحصائيون "التأثير الأساسي".

أصبح النفط والغاز والكهرباء أكثر تكلفة في جميع أنحاء العالم. تؤثر عوامل عديدة على أسعار الطاقة: قلة الرياح في المملكة المتحدة تعني بقاء طواحين الهواء ثابتة، وأدى الجفاف في البرازيل إلى انخفاض الطاقة من السدود، كما أدى الشتاء البارد العام الماضي إلى انخفاض احتياطيات النفط والغاز. إلى جانب الطلب المتزايد، أدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار بسرعة.

  • بريطانيا: الأعلى في 10 سنوات

تشرح صحيفة "فايننشال تايمز" أنّ التضخم في بريطانيا قفز إلى أعلى مستوى في 10 سنوات بعد ارتفاع أسعار الطاقة الذي أثر على فواتير الأسر.

قال مكتب الإحصاءات الوطنية إنّ مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 4.2% هذا الشهر عن العام السابق، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وارتفع من 3.1% في سبتمبر/أيلول.

كانت الزيادات في الأسعار أكثر من ضعف هدف البنك المركزي البالغ 2%، مما يزيد من احتمالية أن يمضي صانعو السياسة قدماً في زيادات أسعار الفائدة التي أشاروا إلى اقترابها.

كان أكبر مساهم في ارتفاع التضخم هو ارتفاع تكاليف الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي بالجملة، يأتي ذلك بعد انهيار ما يقرب من عشرين من موردي الطاقة في بريطانيا وتعطيل الشركات المصنعة. تم رفع سقف فواتير الطاقة على حوالي 15 مليون أسرة، بنسبة 12% في أكتوبر/تشرين الأول.

قال بنك إنكلترا إنه يتوقع أن يبلغ التضخم ذروته عند حوالي 5% في الربيع. وشرح أندرو بايلي، محافظ البنك المركزي، هذا الشهر: "من المرجح أن تكون فترة التضخم المرتفعة هذه مؤقتة". لكنه قال إنه لا توجد "وحدة زمنية ثابتة" تحدد المؤقت.

وأكد البنك المركزي أنه "سيكون من الضروري خلال الأشهر المقبلة" رفع أسعار الفائدة إذا استمرت البيانات الاقتصادية على حالها كما توقع صناع السياسة.

  • الولايات المتحدة: الأسرع خلال 31 عاماً

في الولايات المتحدة، قفز مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 6.2% في أكتوبر/تشرين الأول عن العام السابق، وهي أسرع زيادة سنوية منذ عام 1990، مدفوعة بالزيادات الحادة في تكلفة البنزين والسلع الأخرى. ويسود اتجاه بأنّ مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) ستكون له توجهات حاسمة في رفع أسعار الفائدة.

وتخطط بنوك وول ستريت لفترة مستدامة من ارتفاع التضخم وإجراء فحوصات داخلية، ومراقبة ما إذا كان العملاء في القطاعات المكشوفة يمكنهم سداد القروض ووضع استراتيجيات تحوط وتقديم المشورة للحذر عندما يتعلق الأمر بالصفقات.

أصبح كبار المسؤولين التنفيذيين في البنوك أقل اقتناعاً بحجج محافظي البنوك المركزية بأنّ الارتفاع المفاجئ هو صورة مؤقتة ناجمة عن اضطراب سلسلة التوريد، وهم يعملون على تكثيف إدارة المخاطر.

يُنظر إلى التضخم المرتفع عموماً على أنه عامل إيجابي للبنوك، حيث يرفع صافي دخل الفائدة ويعزز الربحية. لكن كبار المصرفيين يحذرون من أنّ التضخم قد يصبح رياحاً معاكسة إذا قفز بسرعة كبيرة.

حدد جون والدرون، الرئيس التنفيذي للعمليات في بنك "غولدمان ساكس"، الشهر الماضي، التضخم باعتباره "الخطر الأول" الذي يمكن أن يخرج الاقتصاد العالمي وأسواق الأسهم عن مسارها.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

صرح جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان"، للمحللين، الشهر الماضي، بأنّ البنوك "يجب أن تكون قلقة" من أنّ التضخم المرتفع وأسعار الفائدة المرتفعة، تزيد من مخاطر تحركات الأسعار المتطرفة.

قال كريس ماكرينولدز، رئيس تداول التضخم في الولايات المتحدة في "باركليز": "نشهد اهتماماً أكبر من العملاء في إيجاد طريقة ما للحماية من التضخم".

يقول معظم المحللين إنّ البنوك ذات الأعمال المتنوعة من المرجح أن تحقق أفضل أداء خلال فترة التضخم المستمرة.

  • الصين: أسعار المنتجين بذروة 26 عاماً

في الصين، ارتفعت الأسعار التي يدفعها تجار الجملة للمنتجين إلى أعلى مستوياتها منذ 26 عاماً، في أكتوبر/تشرين الأول، وسط ارتفاع أسعار السلع الأساسية ونقص الطاقة. يأتي ذلك مع ارتفاع أسعار الفحم وسط أزمة في الكهرباء في قلب المنطقة الصناعية في البلاد، مما زاد من تقلص هوامش الربح للمنتجين وزيادة مخاوف الركود التضخمي.

وقال المكتب الوطني للإحصاء، في بيان، إنّ مؤشر أسعار المنتجين قفز 13.5% عن العام السابق، أسرع من زيادة 10.7% في سبتمبر/أيلول، وتماشى مع وتيرة هي الأسرع منذ يوليو/تموز 1995 وكانت أسرع من توقعات المحللين بنسبة 12.4% في استطلاع أجرته "رويترز".

كما تسارعت زيادات أسعار المستهلك، وإن كانت بوتيرة أبطأ من أسعار بوابة المصنع. ارتفع مؤشر أسعار المستهلك (CPI) بنسبة 1.5% في أكتوبر/تشرين الأول على أساس سنوي، مقارنة بارتفاع سبتمبر/أيلول بنسبة 0.7%.

تؤدي ضغوط الأسعار المتزايدة إلى تعقيد مداولات بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، الذي قد يكون الآن حذراً من ضخ التحفيز النقدي بسرعة كبيرة وسط مخاوف بشأن زيادة التضخم، حتى مع تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

قال زهيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في "بين بوينت آسيت"، في مذكرة: "نحن قلقون بشأن المرور من أسعار المنتجين إلى أسعار المستهلك".

وأضاف أنه "من المرجح أن تتسارع أسعار المستهلكين في الأشهر المقبلة حيث تواجه الشركات مخزونات مستنفدة وتضطر إلى تحميل العملاء تكاليف أعلى".

أدى تباطؤ النمو الاقتصادي والارتفاع الكبير في معدلات التضخم في المصانع إلى إثارة مخاوف بشأن الركود التضخمي، مما قد يعني أنّ على الصين أن تتحرك بحذر بشأن تخفيف السياسة النقدية.

قال تينج لو، كبير الاقتصاديين الصينيين في "نومورا"، إنّ "ارتفاع التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين وارتفاع التضخم في مؤشر أسعار المنتجين يقللان من احتمالية خفض معدل الفائدة من قبل بنك الشعب الصيني".

المساهمون