استمع إلى الملخص
- تدعم الحكومة السعودية التحول الرقمي بسياسات تحفيزية مثل خفض أسعار الكهرباء لمزودي الحوسبة السحابية، مما يعزز جاذبية السوق للاستثمارات العالمية، وتعمل على تحويل مدنها إلى مدن ذكية تعتمد على الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء.
- تضاعفت سعة مراكز البيانات خمس مرات منذ 2017، مما يعزز البنية التحتية لاستيعاب الطلب المتزايد على الخدمات الرقمية. تدعم السعودية هذا النمو بمبادرات تدريبية لتأهيل الشباب، مما يوفر فرص عمل تقنية جديدة ويجذب استثمارات ضخمة.
قدم استحواذ السعودية على 86% من سعة مراكز البيانات في الشرق الأوسط، حسب تقرير حديث صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، مؤشرا على التحول الرقمي الذي تشهده المملكة في ظل رؤية 2030، ويترك انعكاسات مباشرة على أسعار خدمات الاتصالات وأهمية استراتيجية في خلق وظائف جديدة للشباب في قطاع تقنية المعلومات.
فتوسع البنية التحتية لمراكز البيانات في السعودية يؤدي إلى تعزيز تنافسية سوق خدمات الاتصالات، حيث توفر هذه المراكز إمكانيات استضافة البيانات محليا، ما يقلل من الاعتماد على مراكز بيانات خارجية ويخفض التكاليف التشغيلية لمزودي الخدمات الرقمية، حسبما أورد تقرير نشرته منصة Mordor Intelligence المتخصصة في تحليلات القطاعات الناشئة.
هذا الانخفاض في التكاليف غالبا ما ينعكس على المستخدم النهائي من خلال أسعار أكثر تنافسية لخدمات الاتصالات والإنترنت، بالإضافة إلى تحسين جودة الخدمة عبر تقليل زمن الاستجابة وزيادة موثوقية الشبكات، بحسب تقرير المنصة ذاتها.
وتدعم الحكومة السعودية هذا التوجه عبر سياسات تحفيزية، منها خفض أسعار الكهرباء لمزودي خدمات الحوسبة السحابية، ما يعزز من جاذبية السوق ويشجع على دخول المزيد من المستثمرين العالميين، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة العرض وتراجع الأسعار نسبيا، وفقا لما أورده التقرير.
التحول الرقمي في السعودية
يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، لـ "العربي الجديد"، إلى أن نسبة استحواذ المملكة العربية السعودية من سعة مراكز البيانات في منطقة الشرق الأوسط تعد مؤشرا واضحا على التحول الرقمي الكبير الذي تشهده البلاد، وتعكس حجم التغيرات التقنية والرقمية في الاقتصاد السعودي، حيث وصلت سعة مراكز البيانات إلى حوالي 300 ميغاواط في عام 2025، مقارنة بعام 2017 الذي شهد انطلاقة هذا التحول.
وتدفع الاستثمارات الضخمة في هذا المجال لتحقيق أهداف رؤية 2030، التي تسعى إلى تعزيز مكانة السعودية بما هي مركز إقليمي وعالمي للتقنيات الحديثة والابتكار، حسب عايش، الذي ينوه إلى أن المملكة تضم حاليا 58 مركز بيانات منتشرة في مختلف المناطق، ما يساهم في تقديم خدمات رقمية متقدمة لقطاعات مثل التجارة الإلكترونية، التطبيقات السحابية، والخدمات الحكومية.
وتدعم هذه البنية التحتية التقنية رؤية المملكة لتحويل مدنها إلى مدن ذكية تعتمد على تقنيات الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء، وهو ما يراه عايش ضمن مؤشرات قوية على تصميم السعودية على ريادة مجالات الخدمات الرقمية والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ما يسهم في تحويل الأعمال التقليدية إلى نماذج رقمية مبتكرة ويحفز الابتكار ويضع المملكة في صدارة الاقتصاد الرقمي العالمي.
وإضافة لذلك، يلفت عايش إلى توقعات بأن يجذب هذا التحول استثمارات ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، ما يوفر المزيد من فرص العمل التقنية والمهارية للشباب السعودي، ضاربا المثل بشركة "أوراكل" الأميركية التي تقوم بتدريب حوالي 50 ألف سعودي في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، ما يساعد في تأهيلهم لشغل وظائف تتطلب مهارات عالية في المستقبل.
الحوسبة السحابية
في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي علي سعيد العامري لـ "العربي الجديد"، أن تضاعف سعة مراكز البيانات في السعودية خمس مرات منذ عام 2017 يعزز قدرة البنية التحتية على استيعاب الطلب المتزايد على الخدمات السحابية والرقمية، ما يسهم في خفض التكاليف التشغيلية لشركات الاتصالات والتقنية، ونتيجة لذلك قد تشهد أسعار الخدمات انخفاضا تدريجيا بسبب زيادة المنافسة وتحسين الجودة.
ويوضح العامري أن السعودية تسعى إلى تطوير سعات حوسبة سحابية ضخمة خلال السنوات المقبلة، ما يُقلل اعتمادها على البنية التحتية الخارجية ويُخفض تكاليف استيراد الخدمات الرقمية، لافتا إلى أن توطين خدمات الإنترنت والبيانات يُعزز استقرار الأسعار على المدى الطويل، حتى لو لم تظهر بيانات مباشرة حول انخفاضها في الوقت الحالي، كما يسهم في دعم تبني تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة، بما يعزز كفاءة الأعمال ويقلل الهدر.
وينوه العامري، في هذا الصدد، إلى إطلاق السعودية مبادرات تدريبية بالتعاون مع جهات عالمية مثل معهد "أبتايم" وشركة "مايكروسوفت"، حيث تم إنشاء أكاديميات متخصصة مثل "أكاديمية طويق" و"أكاديمية مايكروسوفت" لتأهيل الشباب في مجال إدارة مراكز البيانات، مشيرا إلى أن أكثر من 200 متدرب استفادوا من هذه البرامج حتى الآن، في خطوة تهدف إلى سد الفجوة بين المهارات الأكاديمية ومتطلبات السوق.
ومع وجود 58 مركز بيانات في مناطق المملكة، تبرز حاجة ملحة إلى كوادر مؤهلة في مجالات إدارة البنية التحتية السحابية، وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، بالإضافة إلى أمن المعلومات والتحول الرقمي، حسب العامري، مشيرا إلى أن هذه المراكز أصبحت محورا جاذبا للاستثمارات الأجنبية، ما ينعكس إيجابا على قطاعات داعمة مثل التسويق الرقمي وتطوير البرمجيات.